رأي

حين تصبح القوانين مطاطة كالصلصال

قلم: نجاح مصدق

 

إذا كنت مواطناً ليبياً، فربما تجد نفسك أحياناً تتساءل: على أي أساس يتم التضييق علينا؟ ما القانون الذي يبرر كل هذه الإجراءات المقيدة؟ ولكن، تذكر، في ليبيا ليس علينا الانشغال بهذه الأمور المعقدة. لماذا؟ لأننا، ببساطة، لا نملك دستوراً حتى الآن!

في دولة يفترض أن يكون فيها الدستور هو العقد الاجتماعي الذي يحدد حقوق الناس وحدود الدولة، نجد أنفسنا أمام قوانين أشبه بالألغاز. قوانين تُستخدم للحد من الحريات الفردية، للرقابة على ما يقال ويكتب، لتوجيه الناس وفق “معايير” مجهولة، وكل ذلك يحدث بجرأة تستند على… لا شيء! فمع غياب دستور واضح، تصبح السلطة نفسها هي المرجع، وتتحول قوانين البلاد إلى مزيج من التفسيرات الشخصية والمصالح المتضاربة.

والأجمل من كل هذا هو أنه في غياب الدستور، تصبح “التفسيرات” و”التوجيهات” مرنة للغاية، تُمط هنا وتُضغط هناك حسب الحاجة. فعندما يتحدثون عن “القوانين وتفعيله وكأن البلاد لا ينقصها شيء سواً الضغط على المواطن او قمع المرأة او إسكات الأصوات العالية لا تتعجب إذا اكتشفت أن بعض مواد قوانينه عتيقة او يفعل جزءها ويغيب اغلبها وما يعمل به وجد للتو أو طُبق فجأة وبدون سابق إنذار. إنهم يريدونك أن تؤمن بأن هذه “القوانين” مؤقتة حتى نصل إلى استقرار، ولكن الحقيقة أن هذا الاستقرار يبدو مثل “سراب” في الصحراء؛ كلما اقتربنا، ابتعد.

وهنا المفارقة، ففي دولة بلا دستور يصبح شعار “تطبيق القانون” أشبه بالمزحة الثقيلة. القانون هنا يذكرك بملابس “الشخصية الفاخرة” التي يتم تفصيلها حسب الطلب: فضفاضة هنا، ضيقة هناك، لامعة على جهة، وممزقة على الأخرى. إنه قانونٌ لا يردع القوي، بل يقمع الضعيف، ويطارد الآراء بحجة التنظيم، ويقيد الأنفاس بحجة “الحفاظ على الأمن”.

فحتى تصل ليبيا إلى مرحلة يكون فيها الدستور هو المرجعية، ستبقى “القوانين” ككرة الصلصال بين أيدي البعض، تُشكل وتُعاد تشكيلها لتتناسب مع الموقف الآني، وتظل الحريات مجرد أحلام مؤجلة أو وعود تُساق لمستقبل مجهول

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى