رأي

عيد عليه مهابة وجلال ** عيد وحسبك أنه استقلال

■ أمين مازن

تحمل الذكرى الثانية والسبعون لإعلان الاستقلال في الأحد الرابع والعشرين من الشهر الجاري، وقد شاءت دورة الفلك أن يكون اليوم مسبوقا بيومي عطلة، وقد يترتّب على توالي العُطل نقص في الازدحام بالمدينة مما يُيسّر المرور على الراجلين والراكبين أيضا، وقد سارع التنبيه الرسمي إلى ضرورة احترام العلَم الوطني برفعه عاليا لما يرمز إليه من الاعتزاز، كما لو كان هذا الاعتزاز يحتاج إلى التوجيه الرسمي وليس الممارسة السليمة، تلك التي اتصف بها جيل الآباء وفي مقدمتهم الملك إدريس الذي أعلن الاستقلال في ذلك اليوم الخالد، بما عُرف عنه من التقشف وانفراده بإلغاء لقب صاحب الجلالة بعد أن نطق به في الإعلان الرسمي للاستقلال، فيما ظل جميع نظرائه يحرصون عليه ومنهم من زاد صفة أخرى، وكذا ما عُرف عن أول رئيس لحكومة الاستقلال وأسبق من تواصل مع الأمير إدريس عقب الحرب العالمية الثانية التي انتهت بهزيمة دول المحور أمام جيوش الحلفاء، أعني السيد محمود المنتصر الذي كان مثالا لنظافة اليد، كما يشهد المختلفون معه قبل المتفقين بأن تحالفه مع الغرب كان من أجل الوطن كاملا ولا شيء غير الوطن، مما يوجب على كل متصدٍ للتاريخ الليبي ووقائعه في شيء من الجدية والإنصاف أن يخصّه وأمثاله بما يستحقون من الإكبار، على خلفية أن الاستقلال ليس علَما يُرفع على ناصية ولا ترديدا لعبارات قيلت مجاملة أكثر مما هي سياسة شاعت، عسى أن يوخز التذكير بعض الضمائر التي ألهاها الكسب الشخصي عن كل شيء، وأنساها بريق السلطة كل حق من حقوق الناس، فتراها لا تسأم الدعاية ولا تخجل من افتعال مناسبات الظهور ولا تستنكف إفساد الصدقات بالمن والأذى، لعل أن يكون في ذلك ما يثير الحياء ويدفع الهمم نحو كل ما هو مشرِّف وباعث للعفّة وزاجر عن نقيصة النهم والتهافت والتنازل عن كل ثمين من أجل أرخص الشهوات وأردأ المواقع جرّاء فساد المعايير واختلال القيم، ليبدو المتخلّص من هذه النعوت وحده الجدير بصون العلَم وما يرمز إليه من أشرف وأنبل وأعظم ما عبّر به شاعر الوطن الخالد قبل سبعين سنة، وقبل أن يكمل النصف الأول من القرن الماضي ما استظهرناه جميعا.

عيد عليه مهابة وجلال**عيد وحسبك أنه استقلال.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى