متابعات

جدارية

■ صالح قدر بوه

أصوات خافتة

عندما تجلس قرب شخص عزيز على قلبك وھو داخل غيبوبة في غرفة العناية المركزة تتمكن بشكل واضح من سماع صوت أعماقه، التي لم يتح لك في الصخب والانشغال والبعد أن تنصت لھا ليس بأذنيك ولا بقلبك فقط، بل بكل جوارحك.
تتحول في تلك الحالة إلى حاسة لا يمكن تحديدھا تلتطق كل تفصيل من صوت الدم في العروق أو اختلاج العضلات أو الدموع الحبيسة، تصير شفافا وقابلا للانكسار ولكنك كالإسفنجة بإمكانك أن تشرب بحر روح ھذا العزيز القريب البعيد، لينھمر كل ھذا يوما عندما تصير في الحالة نفسھاوالمكان الشبيھ.
وحين تكون وحدك قرب غابة عند تمكن الظلام من الأفق ستتحول إلى محيط من التقاط الأصوات، ليس تلك المخيفة والمريبة والوحشية بل الأصوات شديدة الخفوت في حفرة صغيرة في الأرض أو ثقب في ساق شجرة أو على نسمة عابرة، تلك ھي التفاصيل الحقيقية لتأثير المنطوق قبل وأثناء حصوله.
وفي قاع الماء وأنت تقاوم لتنجو من الغرق ستنفتح روحك على أصوات العالم البعيدة جدا وعلى صوت عقلك وھو خارج سيطرتك وقد سلم أمرھ للجسد لعلھ يتمكن من الخروج قبل أن يصبح المصير ھامدا وباردا.
كل تلك ھي أصوات موجودة في الجذور يقف فوقھا ما نعرفھ من الكلمات أو الھمھمات أو الضحكات أو الصيحات أو النشيج، وھي دلالة على الخلود في عدميتھ وعلى الضياع البھي في درب معروف لكن لم يطرقھ إلا بعض السالكين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى