ثقافة

جمال وفوضى

عبدالسلام الفقهي

بالحديث عن الترجمة وأسئلتها تقف ذاكرتنا على الكثير من النصوص والمؤلفات بتعدد مشاربها وفنوها، في مقارنة بين لغة الترجمة ومقارباتها وقدرة كل مترجم على الاقتراب من روح النص الاصلي. وإذا التصقت بذاكرتنا فرادة وروعة فضاء سردي مترجم لا ننسى ايضا هشاشة تراجم اخرى بل تحويل النص من أو الى اللغة الام الى صيغة فوضوية يمكن تسميتها بـا(لشرمولة) وهو ما حدث مع كتاب (في صحراء الليبية) لأحمد حسنين باشا الذي يصادف الآن مائة سنة على صدوره باللغتين العربية والانجليزية، تصور مادته جولته في مناطق العوينات والجغبوب، ووصف ثقافة المكان عبر الاشعار التي دلل المؤلف على احداها ببيت جميل يقول (الليل هود والمرازم تاقت .. وانت لفيتي والخواطر راقت).

هنا يناجي الشاعر نجوم الفجر وهي المرازم حيث يستذكر مع اطلالتها صورة محبوبته، لكن المفارقة المضحكة المبكية أن البيت الموجود أصلا باللغة العربية يصبح شيئًا آخر بترجمته من الانجليزية إلى العربية بصيغة تفعيلية مضحكة أشبه بـ(شرمولة) لغوية لا أساس لها ولا قاع.

إلى محطة اخرى تذكرني بسيرة الروائي الكولومبي ماركيز عندما اصدر مذكراته (عشتُ لأحكي) للأسف كانت لغة الترجمة جدًا سيئة بعيدة كل البعد عن سحر وجمالية وصف «غارسيا» وجاذبية أسلوبه.

 في المقابل تنقلنا لغة ترجمة أخرى إلى فرادة تجعلك في اجواء عوالم وفضاءات الكاتب. ولك أن تتخيل كيف تسهم الترجمة في الاطاحة أحيانًا بسمعة الكاتب في جغرافيا ما رغم نبوغه وشهرته في مكان آخر، يمكن ربط الترجمة هنا بالعامل الربحي الذي يتوخاه المترجم دون الاخذ في الاعتبار جوانب الدقة وحساسية النص  ويتحول النص بالتالي إلى شرمولة أخرى برعاية المترجم التاجر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى