زينا الوطني.. للكاتبة نوال عمليق
حديث الاثنين
لأن الانسان هو وليد بيئته الثقافية والاجتماعية والدينية، فإن هذه البيئة صاغت فكره ودلته على الاهتمام بمظهره الخارجي باعتباره مرآة تعكس قبول الناس ومدى احترامهم وهيبتهم منه. لذا تعارفت الشعوب على اهمية اختيار زيا وطنيا يعكس طبيعة حياتهم سواء كانت منفتحة اومنغلقة، وتترجم طبيعة ارضهم وتضاريسها من جبال وسهول وانهار وبحار، او اصقاع باردة ام اجواء حارة، وتعكس ايضا مدى الترابط الاجتماعي والقوة المهابة التي تنقلها شفرات الملبس للشعوب المجاورة كي تحافظ على مكانتها بين أقرانها.
ان الشعوب لا تنسجم الا مع فنونها وتراثها شعوب عديدة ودول كثيرة في العالم أجمع لاتزال تتمسك بتراثها وموروثها وعاداتها، خاصة في المأكل والملبس والفنون الشعبية وكل ما يرتبط بالأرض. إلا ان الأزياء المتعلقة باللباس تتخذ منحى آخر من حيث الشكل واللون وعناصر التكوين وأسلوب الحياكة والتفاصيل الدقيقة فالتراث الشعبي يشكل وجدان أي أمة، ويقوي ذاكرة الناس الجمعية، وكل ما يتعلق بالهوية الوطنية، خاصة إذا كان الموروث كينونة حية في نفوس وعقول الناس، ويمدها بالقدرات والطاقات الخلاقة والمبدعة التي تسهم في البناء والتنمية. والتراث هو التاريخ الذي يعيش فينا ونعيش فيه، وما وصل إلينا ممن سبقونا، أياً كان ذلك ماديا أو نظريا أو حتى سيكولوجيا وروحياً وتعد الأزياء التقليدية سجلاً يحفظ بين طياته عادات الأمة وتراثها، ويستدل بها على كثير من المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، والمنزلة الاجتماعية، وعلى عمل لابسها وجنسه وعمره. والأزياء أهم وسيلة للكشف عن تراث الشعوب بمختلف الأزمان وإن اختلفت أشكالها وألوانها، فهي تعبـر عـن مراحـل تاريخية مهمة ومع عصر العولمة اختفت الكثير من مظاهرالازياء القومية للشعوب وتحولت الى مادة فلوكلورية نستحضر معها نسمات الماضي العريق عبرالمهرجانات الكرنفالات والاعياد الوطنية للدول..ومع ذلك فقد حافظت بعض الدول على زيها القومي مثل الرداء الليبي والقفطان المغربي والشاشية التونسية ولكي نذكر الكبار ونعلم الصغار موروثهم التقليدي تقوم اغلب الدول باحياء يوم الزي الوطني والذي اصبحنا نحتفل به كل سنة في كل المدن اليبية من الشرق للغرب الى الجنوب يتزين الاطفال باجمل الالون للرداء التقليدي وتتزين شوارع طرابلس ببياض الفراشية وتعود الشاشية والشنة والكاط والزبون والجرد والجميل في الامر ان الجالية الليبية في الخارج تقدس الاحتفال بهذا اليوم القومي ورغم السلبيات التي نعيشها فهناك ايجابيات تزرع فينا الفرح وحب الحياة وتجعلنا ننظر للجزاء المملوء من الكأس.