تأسس صندوق دعم الإعلاميين في ليبيا إيماناً من الضرورة الملحة التي فرضتها التطورات الحاصلة في بيئة العمل الصحفي، إذ أن الإعلام أصبح صناعة بما تحمله هذه الكلمة من معانٍ، فهي كغيرها من الصناعات تحتاج متطلبات مالية محترمة؛ ليتمكن أصحابها من تقديم منتوج متطور، ومبدع، ومؤثر ومقنع في الآن نفسه.
لهذا فقد أوصت لجنة إعادة هيكلة وتطوير الإعلام التي شكلتها حكومة الوحدة الوطنية بإنشاء مؤسسة تقوم بمهمة دعم وتشجيع مختلف الكوادر الإعلامية، هذه اللجنة لم يكن من بينها عضو غريب عن المشهد الإعلامي، والصحفي في هذه البلاد، فقد شملت صحفيين ومديري هيئات إعلامية وأكاديميين، يعني أهل المهنة هم الذين أوصوا في تقريرهم النهائي بإنشاء هذه المؤسسة «الصندوق» بالإضافة إلى عدد من التوصيات الأخرى، وبالفعل مجلس الوزراء لم يهمل أي توصية من تلك التوصيات، فأنشأ صندوق دعم الإعلاميين، كمؤسسة وطنية تدعم العاملين في مجالات الإعلام المختلفة، وتقوم بمساعدتهم في تنفيذ مشروعاتهم الإعلامية.
لذلك فإن مهام الصندوق تقتضي أن يكون مؤسسة تلتزم بمبادئ الشفافية والنزاهة والانصاف، ولا يمس باستقلالية المؤسسات، ولا بحرية التعبير للإعلاميين، ليؤدوا دورهم الريادي والمجتمعي بكل مهنية وحرفية، لهذا فإن الصندوق حمل شعاراً أساسياً هو: (التضامن، والمساندة، والإنصاف)، لاسيما وإن رؤيته «الصندوق» تتلخص في تنمية روح المنافسة والابداع بين الإعلاميين لإنتاج محتوى إعلامي مبدع يلبي احتياجات المجتمع.
أما الأهداف التي يسعى الصندوق لتحقيقها فهي كثيرة ومتنوعة، يمكن تلخيص أهمها في النقاط الآتية:
٪ تشجيع التميز والتفوق في مجالات العمل الإعلامي.
٪ دعم أصحاب المشروعات الابتكارية في حقوق الإعلام المختلفة.
٪ الوقوف مع الإعلاميين أصحاب الدخول المحدودة.
٪ مساعدة الإعلاميين الذين تعرضوا لحادث أعاقهم عن أداء عملهم.
٪ مساندة أسر الإعلاميين أوقات المحن، والازمات والمناسبات والأعياد.
٪ تقديم المساعدات المالية لأسر الإعلاميين في حالة الوفاة .
٪ التضامن مع الإعلاميين المحكوم عليهم بجزاءات مالية.
٪ السعي لحصول الإعلاميين على التأمين الطبي.
ولكي يعمل الصندوق على تنفيذ هذه المهام بمهنية وحرفية، فإن قرار إنشائه جاء في إحدى مواده أن يكون للصندوق لجنة استشارية فنية مكونة من مؤسسات ذات علاقة بشأن الإعلامي، وحدَّد القرار تلك الجهات، بل وحدَّد أيضاً عدد الأعضاء المرشحين من كل منها، فاشترطت اللجنة أن يكون ضمن عضويتها: من نقابة الصحفيين عضوٌ، ومن نقابة الأدباء والكتَّاب عضو ثانٍ، وعضو ثالث عن منظمات المجتمع المدني المعنية بالشأن الصحفي، وعضوان تختارهما الهيئة العامة للصحافة، وذلك لضمان أن يعمل الصندوق مع كل المعنيين به، وأن تصل خدماته التي يقدمها لجميع شرائح الإعلاميين في ليبيا، سواء أكان في العاصمة أو في المدن والقرى الليبية البعيدة عنها لذلك فإن مبدأ العدالة في الخدمات التي يقدمها منهج يتخذه الصندوق للوصول لجميع الإعلاميين في كافة التراب الوطني.
ونتيجة للتطورات السريعة، والمتلاحقة التي أصابت وسائل الاتصال والإعلام، وما أنجبته لنا تقنيات الاتصال من وسائل التواصل الاجتماعي بما تحمله من خصائص ومميزات تجعل منها وسائط إلكترونية جديدة ومبتكرة تثير اهتمام مستخدميها وتشد انتباههم إليها، لقدرتها على توصيل رسائل بسرعة أكبر بانتشار أوسع وبتكلفة أقل، واختفت فيها الحدود الزمانية والمكانية بين الدول والقارات، والأهم من ذلك كله اختفى فيها دور القائم بالاتصال والمستقبل السلبي الذي يكتفي باستقبال الرسائل مهما كانت وجهة نظره حولها.
من هنا ظهر (صُناع المحتوى) في الفضاء الرقمي، فأصبحت لهم مكانة مهمة تفوق في كثير من الأحيان القائم بالاتصال في الوسائل التقليدية، وهذا بفضل ما ينشرونه من مضامين لها علاقة مباشرة مع ميول وطموحات ورغبات الجمهور الذي أصبح يقدر بالملايين عبر منصات التواصل الاجتماعي، الأمر الذي دعا المؤسسات –بمختلف مجالات عملها– إلى الاستعانة بصناع المحتوى، وتسخيرهم في الترويج لخدماتها ومنتجاتها وحتى أفكارها وبرامجها.
وفي ليبيا، فقد بدأت تظهر في عالم صناعة المحتوى الرقمي شريحة من الشباب الليبي من الجنسين، تقدم مضامين متنوعة المجالات، وتخاطب شرائح متباينة الاهتمامات، وتستحوذ على اهتمام الآلاف من المتابعين.
بيد أن المتابع لعينة من المحتويات والمضامين التي يقدمها صناع المحتوى الليبيين يجد فيها الكثير من العثرات والهفوات سواء أكان في المضمون الذي يقدمونه، أو في الشكل أو الطريقة وحتى في اللغة التي تقدم بها تلك المضامين، بالرغم من أهمية الكثير من موضوعات وقضايا تلك المضامين، الأمر الذي يستدعي التدخل من الجهات ذات العلاقة والخبرة والدراية؛ لتفادي هذه الهفوات، سواء أكان ذلك بتدريب هؤلاء الشباب، أو بدعمهم بما يحتاجونهم (تقنياً– تدريباً– فنياً) لتقديم ما لديهم بصورة أكثر جاذبية واقناع وتأثير.
لهذا فإن صندوق دعم الإعلاميين يولي اهتماماً خاصاً بصناع المحتوى باعتبارهم الإعلاميون الجدد فجاءت فكرة أن يكون لهذه الشريحة من الإعلاميون الجدد منصة تكتشفهم وترعاهم وتشجع مشروعاتهم ومبادراتهم، كذلك تساعدهم في تحصيل الدعم المالي من داعميهم، وهذه المنصة أسميناها منصة هادف لصناع المحتوى: وهي حاضنة أعمال نوعية متخصصة في صناعة وتدريب وتأهيل ودعم وتشجيع وتبني صناع المحتوى الرقمي من أجل تقديم مضمون هادف في المجالات المختلفة.
وقد وقعنا مدكرة تعاون بشأن تأسيس هذه المنصة مع المركز الإعلامي الرقمي بالشركة الليبية للبريد والاتصالات وتقنية المعلومات القابضة، باعتبارها شركة وطنية رائدة ومتخصصة في تقديم العديد من الخدمات الفنية والتقنية، الداعمة للمشروعات والمبادرات المبتكرة في العالم الرقمي ليتم تأسيس هذه المنصة لتكون قادرة على تلبية الاحتياجات صناع المحتوى من الشباب الليبي.
أما أهداف منصة هادف، فيمكن ذكر أهمها في الآتي:
٪اكتشاف المواهب الليبية الشابة القادرة على الابداع والابتكار في مجال صناعة المحتوى الرقمي الهادف.
٪تدريب أصحاب المشروعات والمبادرات الشخصية الراغبين في أن يكونوا صناعاً للمحتوى الرقمي الهادف.
٪دعم وتمويل الشباب من الجنسين لتنفيذ أفكارهم المتعلقة بصناعة المحتوى الهادف.
٪تشجيع الشباب الليبي للدخول في عالم صناعة المحتوى الهادف، وخلق روح التنافسية بينهم.
٪إشراك الشباب من صناع المحتوى الرقمي الهادف في توضيح صورة ليبيا الحقيقية، والتي قد تكون مشوشة، أو مغلوطة عند غير الليبيين.
٪تحفيز صُناع المحتوى للمشاركة في نشر وإنجاح خطط ومشروعات التنمية في مختلف المجالات.
٪رفع جودة المضامين الرقمية لصناع المحتوى الشباب.
وغيرها من الأهداف التي تسعى المنصة لتحقيقها خدمة ودعماً للشباب الطموح الذي يريد أن يكون صانعاً للمحتوى الرقمي، شريطة أن يكون هذا المحتوى هادفاً رصيناً، لا يتعارض مع الدين الحنيف وعاداتنا وقيمنا وتقاليدنا الليبية التي نعتز ونفتخر بها.
لهذا نحن في صندوق دعم الإعلاميين نولي اهتماماً بكافة الإعلاميين بما فيهم صناع المحتوى من الجنسين أو ما يمكن أن نسميهم الإعلاميون الجدَّد، كما عن الصندوق مؤسسة منفتحة على المجتمع المحيط، سيعمل مع جميع الإعلاميين بالمؤسسات الإعلامية المختلفة لتقديم ما يمكن تقديمه للرفع من مستوى الخدمات الإعلامية في البلاد.