سُئل أحد حكماء مدينتي المشهود لهم بسرعة البديهة، ورواية الشعر عن رأيه فيما يُعرف بثورة فبراير فقال : عشاء البارحة لكنه امسخن .. سخر البعض، وأنا منهم من هذه العبارة .. ولم يفهم البعض، وأنا منهم أيضًا ماذا يقصد هذا الحكيم بهذه العبارة المتكونة من ثلاث كلمات .. لكننا أدركنا فيما بعد أن هذه المقولة لخصت ما حدث ويحدث في البلاد من تجاوزات كما أنها تحاكي الواقع الذي كنّا نعيشه وهي تكرار له بشخصيات أخرى وبصياغة لا تختلف ..
ففي اليومين الماضيين رأيتُ بأم عيني عشاء البارحة «المسخن» في مدينتنا .. نفس البوابات ونفس التمركزات ونفس الأحذية العسكرية ونفس «التفنيص» ونفس السلاح ونفس العربات ونفس الإنتشار في أوصال مدينتنا الصغيرة التي لا تحتمل الازدحام ما سبب اختناقات وصعوبة في المواصلات داخل شوارع المدينة الضيقة وعند مداخلها.
هذا يحدث عندما يحل القائد الراحل ضيفًا علينا .. لا شيء يختلف سوى أن أولئك كانوا يعتمرون فوق رؤوسهم اللثام الأخضر، وهؤلاء يطلقون العنان للحيهم وشعورهم الملتوي .. شيء واحد اتفقوا فيه وعليه وهو بث الذعر والرعب في نفوس الناس ..!!