وقاية
مضى عهد الهجوم بالأسلحة النارية ضد بلدان مايسمى بالعالم الثالث..فنحن نعيش جيل جديد من الحروب..وابسط تعريف له كحرب سائدة اليوم هو الحرب الناعمة..أي تقديم العسل في السم ..وتهدف إلى التدمير من الداخل بواسطة أبناء الداخل أنفسهم..أي كمن يطلق النار على قدميه..بينما العدو الخارجي قابع في مربضه..يحرك ويوجه بالريموت كونترول دون التعرض لأية خسائر أو أضرار..فالمستهدف هو الذي يتعرض للغزو السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي..والهجمة الأخيرة اخطرها على الإطلاق..وهي القضاء على كيان الأسرة..أي النيل من الحياكة الأساس للنسيج الاجتماعي..وأول خيوطها الابنة والأخت والزوجة والأم..والفاعل يظل أحيانا مبنيا للمجهول..ونجد دائما مقدمة أدوات الحرب هي أشباح الإنترنت التي تصول وتجول جهارا نهارا وليلا بداية بالبيت..تغسل الأدمغة وتسيطر عليها وتقوم بتجييرها وتطويع مستهدفيها وتغرر بهم وتستدرجهم إلى الوقوع في الشبكة المتاحة للجميع وفي المتناول من المنزل إلى الشارع إلى مقر العلم والعمل وحتى مكان العبادة..
فالعدو سبق وأن حدد بدقة ساحة معاركه وأولها البيت بما فيه ومن فيه..كأنها عمارة سكنية يقوم بنسف الطابق الأرضي بحزمة ديناميت محلية الصنع أو مستوردة لتنهار طوابق المجتمع العلوية تباعا..ولا نستطيع إنكار ان ألواح المتفجرات اقتصادية الصنع..
الحل ؟!..الإجتماعي والإقتصادي وجهان لعملة وطنية واحدة..وكل جانب يؤثر في الآخر..
وقاية اقتصادية بتوفير دخل مادي مناسب لأفراد كل أسرة بفتح فرص عمل داخل وخارج المنزل وهذا الدور على عاتق القطاع الخاص بالدرجة الأولى وليس الدولة التي لن تظل إلى الأبد وراء توفير سبل المعيشة..فحتى الدول الكبرى لم يعد بإمكانها تحقيق ذلك والدليل الكل بات يبحث عن تكتلات وتحالفات..إذن عمل خاص للأغلبية حسب إمكانياتهم ومؤهلاتهم وبالتالي إيراداتهم تكون من خارج الخزانة العامة..ولا بأس هنا من دخول الطلاب سوق العمل الخفيف..
ووقاية اجتماعية تتأتى بتفعيل دور النوادي الرياضية ثقافيا واجتماعيا..وتكثيف حملات التوعية عبر وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي..وتعليق الملصقات واللافتات في الشوارع والميادين والمباني..والرفع من مستوى الاخصائيات الاجتماعيات في المدارس..كذلك الدفع بهن في المعاهد والجامعات أيضآ..
وتلك التوعية تكون في البدء حول كيفية الابحار المناسب في محيطات الإنترنت..بمعنى آخر تحصين معلوماتي تام مقاوم للنفاذ..فلو تمكنا من صد محاولات اختراق المسافر عبر عالم الشبكة العنكبوتية..يكون لدينا مجتمع إنترنت واعي يستفيد من المعلومة المناسبة والمطلوبة لتحقيق التنمية..درهم وقاية خير من دينار علاج مستعصي..