حرية التضليل
يحاول الإحتلال الإسرائيلي تشكيل السرد الدولي حول حرب الإبادة ضد الفلسطينيين..وهذا ما أقر به رئيس القسم الرقمي بوزارة الخارجية (الإسرائيلية) في تصريحات تناقلتها بعض وسائل الإعلام عندما اعترف قائلاً: (لا أحاول إقناع الذين ضد ( إسرائيل) لأنني لن أنجح ..نركز الجهود على الأشخاص الذين هم في الوسط، أو الذين ليس لديهم فكرة عما يحدث من أجل نقل الرواية (الإسرائيلية)..كما نتواصل مع الأشخاص الذين يؤيدوننا لأننا نريد أن نعطيهم رسالتنا تلك ونريدهم أن ينشروها أيضًا )..
من جهة أخرى نشاهد العالم في مسيرات مليونية تضامنية مع فلسطين..لكن معطيات الواقع تقول إن الحكومات لن ترضخ لمطالب الشعوب..وليس كما حدث عندما أوقفت مظاهرات الشعب الأمريكي الحرب في فيتنام..بعدما سربت صحيفتا (واشنطن بوست، ونيويورك تايمز) تقارير البنتاجون موضحة المأساة التي أحدثها الجيش الأمريكي للشعب الفيتنامي..
اليوم .. الإعلام العالمي بين مطرقة الحقيقة، وسندان التضليل تحت ضغط الشعار الزئبقي ‹إن الحكومات لا تتدخل في حرية الصحافة إلا في شؤون تمس الأمن القومي›..ويكون ذلك في الغالب كلمة حق يراد بها باطل..وهنا يكمن السؤال هل الصحافة الدولية الكبرى حرة ؟!..ولنقل حرية وفق مقاييس منظمة (مراسلون بلا حدود) ومنظمة (بيت الحرية) المستندتين على مجال حقوق الإنسان..وكيف سيصنفان الترتيب القادم للدول بناءً على مؤشر حرية الصحافة من وجهة نظرهما وتعاملهما مع ما يحدث في غزة؟!..
الضغوطات من الدوائر الرسمية الدولية ومواقفها السلبية كثيرة، وملموسة..منها إقالة موظفة من عملها في شركة (آبل) بعد منشور لها على الانستجرام مؤيد لفلسطين وواقعة الفصل تعود إلى هيئة رقابية منحازة (لإسرائيل)..كما استقالت السيدة دوغمان من حزب العمال البريطاني ردًا على الإبادة الجماعية..
يبدو أن إمبراطوريات الإعلام سوف تنهار أخلاقيًا مثلما انهار الاتحاد السوفيتي لأن واحدة من أهم الأسباب إن الصحافة وقتها لم تقم بدورها الحقيقي في كشف الظاهر و أولها انتهاك حقوق الإنسان..واليوم ماذا عن حقوق الإنسان الفلسطيني في الأرض والحرية والسلام؟!..
أخيرًا.. خسرت (إسرائيل) سمعتها عند المتعاطفين معها، والكلام ليس عن الداعمين .