محمد الرحومي يكتب.. مشهد
ثمة مواقف مزعجة في ظاهرها .. ولكنها حقيقة إيجابية في عمومها .. هذا لو كانت نوايانا صادقة تضع حقوق الوطن والمواطن في مرتبة متقدمة عن سلوكياتنا ورغباتنا التي أصبحت واضحة علنية ولا تخفى على أحد ..
ولعلني هنا أجد رغبة في ملامسة أحد هذه المواقف والمشاهد..
صافرة هذا الصباح المرورية التي استوقفتني عند مدخل شارع «النصر» نتيجة استعمالي غير المشروع للنقال .. ايقضت بداخلي سنوات عجافا من اللامبلاة والفوضى المرورية وأرغمتني بأن أبحث عن اعذار كي يتم الصفح عن رخصة قيادتي ومستندات سيارتي ..
إلا أنه ورغم هذا الشعور باستفزاز فوضويتي لم اشعر بأنني أمام رجل دكتاتور، أو بوليس يقمع تصرفاتي .. بل انتابني شعور بأنني أمام نظام فرض عليَّ الالتزام باحترام حركة المرور واعتبار ان الفوضى لايمكنها ان تخلق شعبا يريد بناء دولة القانون التي ندعي جميعا بأننا نطالب بها..
فعلاً اعتبرتُ أن هذه الوقفة بمثابة كافيين له تأثيرٌ اشد من تأثير كافيين قهوتي الذي رشفتها صحبة أبنائي الذين لازالوا يقضمون بأسنانهم اللبنية رغيف الخبز المغشوش، ويطمحون أكثر مني في أن يجدوا وطنًا معافى أخذ لقاحاته كاملة ضد فوضى شعبه ومشاكسات عرباته المصفحة وأيضًا مجهولة الهوية ..
نحن ننظر بعين واحدة فقط تلك التي تختلس النظر للحلول السياسية..
متناسين تمامًا أن هناك عينًا أخرى كي يكون المشهد كاملاً ..بل هي الأساس في التئام جرح الوطن وتعافيه من سلوكيات شعبه قبل نخبه .. ليس حلمًا بل واقعًا سيلون لوحة حياتنا ذات يوم