شرعت قناة (العربية) في بث ما سجلت من الأستاذ محمد بلقاسم الزوي ببرنامجها الأسبوعي «الذاكرة السياسية»، والذي أشركت فيه عدد من الفاعلين في عهد الفاتح من سبتمبر، وبالذات عقب الربيع العربي الذي عصفت زوابعه بأكثر من نظام من الأنظمة التي كانت ملء السمع والبصر إن لما استغرقته من الوقت، أو ما اتخذته من السياسات. وكان محمد بلقاسم الزوي واحدًا من الأسماء التي تألقت في عهد الفاتح لما شغله من عديد المواقع الرسمية داخل البلاد وخارجها، وذلك منذ عودته من دراسته الجامعية في مجال القانون بمصر ودخوله العمل في مجال تخصصه القانوني، ومن ثم الإعلام والتنظيم الشعبي، متصفًا دائمًا بخصوصية انفرد بها دائمًا عمن سواه، إن كان لا بد من إجمالها فسنحددها في الهدوء ومعرفة أقدار النَّاس، وتنفيذ ما يكلف به من أقصر الطرق والقدر الذي لا يؤذي سواه، وما زلت أذكر حديثه عن بعض الأسماء التي طرحت للعمل بنظام الفاتح وحاول البعض أن يسجل من خلالها ما يعطيه صفة الساعي لنفع غيره، فأكد أنها كانت مطروحة من البداية، أي مبكرًا جدًا ولكن رؤي تأجيل ذلك، وقد أكد ليَّ هذه المعلومة المرحوم الشريف حفاظ الشيخ عندما تحدثتُ معه مطولا ذات يوم فشكّلت من ثم الأساس في العلاقة التي تطورت دائمًا إلى الأفضل، وجعلت منه –أي الزوي– أحد الذين طالما نشدنا عونهم، فكان في مستوى العشم وأكثر، ومن هنا رأيتني كبير السرور وأنا أشهد روايته على شاشة (العربية) لإدراكي ما يتصف به من المسؤولية في الرواية و تحرّي المشترك والمفيد لتحقيق التواصل، خاصة حين أكد أن خروجه وغيره من السجن في السنوات الخمس التي تلت سقوط النظام ومن منطلق حرص بعض الفبرايريين على الدخول في مصالحة دافعها الإيمان بأن ليبيا لا يمكن أن تُحكَم بطيف واحد، ولا رؤية تقدس الماضي وحده، أو تشيطنه دون غيره، وإنما تلك التي يجد فيها كل مجاله، ويُسهم بأفضل ما لديه، وينصح بأقدر من يعرف من ذوي الأهلية ومن يؤدي إشراكهم إلى تحقيق التوازن السياسي والجغرافي وحتى العمري وقبل ذلك كله الخيار الدولي الذي نصح به الرئيس (أوباما)، وهو يستقبل الذين مثلوا أمامه في الأسابيع الأولى للانتفاضة عندما دعاهم صراحة إلى المصالحة الوطنية التي يكون من مفرداتها الاستعانة ببعض الذين حوتهم كوادر القذافي كما ردَّدت الأنباء، ذلك لا يعني بطبيعة الحال الموافقة على قبول الآراء الواردة على لسان العزيز محمد بلقاسم إن حول الأفراد أو السياسات أو التاريخ، وإنما فقط لأن مثل هذا التوجه يمثل إحدى البدايات السليمة والقابلة للتعديل بالطبع، كي تكون الأساس أو لنقل أحد الأسس الكفيلة بإمكانية ولوج الجمل في سم الخياط بالنظر لحجم الرداءة وطوفان العمولات المخزية والذي يفوق ما حلَّ بدرنة الشهيدة وتكفي نكهة التواضع التي تطل من الذاكرة السياسية.