الحديثُ عن عمليات التجميل حديثٌ متشعبٌ من شأنه أن يمرجحنا بين سدة الماضي، ودهاليز الحاضر، فقط لأن مقاييس الجمال ومعاييره تغيرت تغيراً جدرياً فمن قول جدتي وأمي عن الجمال الطبيعي الذي كان في رأيهم مجرد (شوف الزين نايض من نعاسة .. قبل ما يغسل وجهه ويمشط راسه).
لتنتهي بذلك مقولة (ما ينفع في البايد ترقيع) إلى السعي المحموم من أجل تغيير الشكل حتى كاد جميع من يقوم بتلك العمليات يشبه بعضه، فتحول بذلك الإنسان من شكل إلى شكل آخر ( وهو محرمٌ شرعًا بكل تأكيد كونه تغيير لخلق الله) خاصة وأن غالباً ما تجرى هذه العمليات ليس لأجل أغراض تجميلية، أو وظيفية بهدف ترميم، أو تنسيق في أعضاء الجسم باتباع مقاييس جمال مناسبة، ومتوازنة بل إنها في كثير من الأحيان وبسبب أخطاء طبية تتحول إلى فداحة نتائج كارثية يصعب إصلاحها، أو حتى ارجاعها لما كانت عليه خاصة إذا تضمنت استخدام مادة «السيليكون» التي سرعان ما تتحول بمرور الوقت إلى مادة مسرطنة وغالباً ما تجري على أيادٍ طبية غير مختصة فقط لأن هذا النَّوع من الجراحات تحتاج إلى مختص ويكون حاصلًا على شهادة ممارسة المهنة التي غالباً ما تكون من جمعية جراحة التجميل وليس مجرد دورة لا تتعدى ثلاثة شهور في إحدى الدول !!!
فعبر اللقاءات اليومية التي تجمعنا عبر منظومة العلاقات الاجتماعية أصبحت تؤكد لنا مع مرور الوقت مدى اتساع شعبية عمليات التجميل، وشيوعها التي باتت تؤكد كذلك نقلها لنا شئنا أم ابينا من خانة الرفاهية إلى أساس يسعى لأجله العديد من عامة النَّاس بعد أن كانت شبه حكر على الطبقة المخملية والمشاهير.
فبعد أن كانت جلسات السمر مجرد ثناء على تنسيق الملابس، وماركات العطور، والمكياج أصبحت اليوم سؤالًا عن مهارة ذاك الجراح الذي قام بتلك الجراحات التجميلية والتحسينية؛ فأصبحت بذلك عمليات التجميل مجرد ثقافه شبه حتمية حتى لذوي الدخل المحدود من أجل ابتسامة هوليوود، ونفخ الشفاه أو رفع الخدود وتحديد الفك ونحت الجسم وجلسات النظارة التي خضع لها حتى الرجال ( للأسف )!!! وعمليات أخرى يستحي المرء حتى من ذكرها .
إن ما يجري اليوم في عيادات التجميل من فساد وعبث دفعت ثمنها العديد من الأرواح يجبرنا بشكل أو بآخر على العمل قدر الامكان على تغيير هذه الثقافة التي شاعت بشكل واسع ولافت بل والعمل الجدي على تقنين هذه العيادات التي تجري العمليات وتقييد عملها ضمن ضوابط ومعايير العمل الطبي الجاد الملتزم … نتمنى ذلك