حتى وإن فارقنا وغاب صوته عنا كمعلق رياضى كبير ارتبطنا به لفترة طويلة من الزمن، وعشنا معه ذكريات جميلة أمتعنا فيها بتعليقه على مباريات كرة القدم حتى استحوذ على قلوب محبيه من عشاق المستديرة حيثما كانوا.
يظل الراحل محمد بالرأس علي ظاهرةً متفردةً فى التعليق الرياضى الليبي، والعربى لما يملكه من طاقة إبداعية وقدرة على تطويع الكلمات والجمل والمفردات مدعمة بمخزون هائل من المعلومات الدقيقة عن كرة القدم شؤونها وشجونها عن أخبارها وحكاياتها وطرائفها، عن عالمها وسحرها الآخاذ.
بالرأس علي يقول عن نفسه كمعلق كبير ونجم شهير:
)كنتُ أُومن أنّ التعليقَ الرياضى يعتمدُ على المعلوماتِ، أدركتُ حينها أن ثمةً فرقًا بين المعلق الرياضى، وبين الواصف الرياضى..الواصف يصفُ ما يدور أمامه، ولكن أنا أبتكر شيئًا آخر(.
كنتُ أُومن أن كلماتى يجب أن تتبارى مع سرعة الصورة.
أنا كنتُ محظوظًا لأننى تتلمذتُ على جيل من القدامى الرائعين ممثلا فى الزميلين «يونس نجم، وفيصل فخري».
أنا أذكرهما لأنهما قدما ليَّ دعمًا كبيرًا، وأنا أذكرهما بفخر.الجيل الذى وجدته أمامي كان رائعًا بحق.
لقد ساعدانى وطورا من قدراتى، وصححا من أخطائى هذه الأشياء أعتقد إنها مفقودة في الوقت الراهن.!
وعن نصيحته للمعلقين الجدَّد، والحاليين يقول بالرأس علي:
عليكم أن لا تقعوا في فخ التقليد وتبعتدوا عن ذلك وأن تبروزا بأنفسكم. وتطوروا من ذاتكم خاصة وأن الأدوات المتوفرة لديكم حاليًا لم تتوفر لنا، لا بد أن تقدموا شيئًا جديدًا ولا تنساقوا إلى الإعجاب لأن ذلك سينتهى بسرعة..!
أنا أشعر أن الجيل الحالي جيل ذكى ولا بد أن يفكر لنفسه فهو يملك فهمًا عميقًا وقادرًا على التطوير وعليه أن يخرج من جلباب التقليد، لا بد أن يجد فى العمل الإعلامى شيئًا جديدًا لم يقدم فيما سبق وعند ذلك سوف ينجح.!
آراءٌ قيمة وأفكارٌ سديدة لمعلق رياضى خبير، وجدير بمهنته، وعلمٌ من أعلامها، ومدرسة متفردة بذاتها وخصوصيتها تركتْ أثرًا كبيرًا فى أوساط متابعيها وسطرتْ تاريخًا نُقش بأحرف من كفاح وتعب وإبداع.
رحم الله أستاذنا الكبير محمد بالرأس علي.