رأي

من الواقع

علي العزابي

حتى‭ ‬وإن‭ ‬فارقنا‭ ‬وغاب‭ ‬صوته‭ ‬عنا‭ ‬كمعلق‭ ‬رياضى‭ ‬كبير‭ ‬ارتبطنا‭ ‬به‭ ‬لفترة‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬الزمن،‭ ‬وعشنا‭ ‬معه‭ ‬ذكريات‭ ‬جميلة‭ ‬أمتعنا‭ ‬فيها‭ ‬بتعليقه‭ ‬على‭ ‬مباريات‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬حتى‭ ‬استحوذ‭ ‬على‭ ‬قلوب‭ ‬محبيه‭ ‬من‭ ‬عشاق‭ ‬المستديرة‭ ‬حيثما‭ ‬كانوا‭.‬

يظل‭ ‬الراحل‭ ‬محمد‭ ‬بالرأس‭ ‬علي‭ ‬ظاهرةً‭ ‬متفردةً‭ ‬فى‭ ‬التعليق‭ ‬الرياضى‭ ‬الليبي،‭ ‬والعربى‭ ‬لما‭ ‬يملكه‭ ‬من‭ ‬طاقة‭ ‬إبداعية‭ ‬وقدرة‭ ‬على‭ ‬تطويع‭ ‬الكلمات‭ ‬والجمل‭ ‬والمفردات‭ ‬مدعمة‭ ‬بمخزون‭ ‬هائل‭ ‬من‭ ‬المعلومات‭ ‬الدقيقة‭ ‬عن‭ ‬كرة‭ ‬القدم‭ ‬شؤونها‭ ‬وشجونها‭ ‬عن‭ ‬أخبارها‭ ‬وحكاياتها‭ ‬وطرائفها،‭ ‬عن‭ ‬عالمها‭ ‬وسحرها‭ ‬الآخاذ‭.‬

بالرأس‭ ‬علي‭ ‬يقول‭ ‬عن‭ ‬نفسه‭ ‬كمعلق‭ ‬كبير‭ ‬ونجم‭ ‬شهير‭: ‬

‭)‬كنتُ‭ ‬أُومن‭ ‬أنّ‭ ‬التعليقَ‭ ‬الرياضى‭ ‬يعتمدُ‭ ‬على‭ ‬المعلوماتِ،‭ ‬أدركتُ‭ ‬حينها‭ ‬أن‭ ‬ثمةً‭ ‬فرقًا‭ ‬بين‭ ‬المعلق‭ ‬الرياضى،‭ ‬وبين‭ ‬الواصف‭ ‬الرياضى‭..‬الواصف‭ ‬يصفُ‭ ‬ما‭ ‬يدور‭ ‬أمامه،‭ ‬ولكن‭ ‬أنا‭ ‬أبتكر‭ ‬شيئًا‭ ‬آخر‭(.‬

كنتُ‭ ‬أُومن‭ ‬أن‭ ‬كلماتى‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تتبارى‭ ‬مع‭ ‬سرعة‭ ‬الصورة‭.‬

أنا‭ ‬كنتُ‭ ‬محظوظًا‭ ‬لأننى‭ ‬تتلمذتُ‭ ‬على‭ ‬جيل‭ ‬من‭ ‬القدامى‭ ‬الرائعين‭ ‬ممثلا‭ ‬فى‭ ‬الزميلين‭  ‬‮«‬يونس‭ ‬نجم،‭ ‬وفيصل‭ ‬فخري‮»‬‭.‬

أنا‭ ‬أذكرهما‭ ‬لأنهما‭ ‬قدما‭ ‬ليَّ‭ ‬دعمًا‭ ‬كبيرًا،‭ ‬وأنا‭ ‬أذكرهما‭ ‬بفخر‭.‬الجيل‭ ‬الذى‭ ‬وجدته‭ ‬أمامي‭ ‬كان‭ ‬رائعًا‭ ‬بحق‭.‬

لقد‭ ‬ساعدانى‭ ‬وطورا‭ ‬من‭ ‬قدراتى،‭ ‬وصححا‭ ‬من‭ ‬أخطائى‭ ‬هذه‭ ‬الأشياء‭ ‬أعتقد‭ ‬إنها‭ ‬مفقودة‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الراهن‭.!‬

وعن‭ ‬نصيحته‭ ‬للمعلقين‭ ‬الجدَّد،‭ ‬والحاليين‭ ‬يقول‭ ‬بالرأس‭ ‬علي‭:‬

عليكم‭ ‬أن‭ ‬لا‭ ‬تقعوا‭ ‬في‭ ‬فخ‭ ‬التقليد‭ ‬وتبعتدوا‭ ‬عن‭ ‬ذلك‭ ‬وأن‭ ‬تبروزا‭ ‬بأنفسكم‭. ‬وتطوروا‭ ‬من‭ ‬ذاتكم‭ ‬خاصة‭ ‬وأن‭ ‬الأدوات‭ ‬المتوفرة‭ ‬لديكم‭ ‬حاليًا‭ ‬لم‭ ‬تتوفر‭ ‬لنا،‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬تقدموا‭ ‬شيئًا‭ ‬جديدًا‭ ‬ولا‭ ‬تنساقوا‭ ‬إلى‭ ‬الإعجاب‭ ‬لأن‭ ‬ذلك‭ ‬سينتهى‭ ‬بسرعة‭..!‬

أنا‭ ‬أشعر‭ ‬أن‭ ‬الجيل‭ ‬الحالي‭ ‬جيل‭ ‬ذكى‭ ‬ولا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬يفكر‭ ‬لنفسه‭ ‬فهو‭ ‬يملك‭ ‬فهمًا‭ ‬عميقًا‭ ‬وقادرًا‭ ‬على‭ ‬التطوير‭ ‬وعليه‭ ‬أن‭ ‬يخرج‭ ‬من‭ ‬جلباب‭ ‬التقليد،‭ ‬لا‭ ‬بد‭ ‬أن‭ ‬يجد‭ ‬فى‭ ‬العمل‭ ‬الإعلامى‭ ‬شيئًا‭ ‬جديدًا‭ ‬لم‭ ‬يقدم‭ ‬فيما‭ ‬سبق‭ ‬وعند‭ ‬ذلك‭ ‬سوف‭ ‬ينجح‭.!‬

آراءٌ‭ ‬قيمة‭ ‬وأفكارٌ‭ ‬سديدة‭ ‬لمعلق‭ ‬رياضى‭ ‬خبير،‭ ‬وجدير‭ ‬بمهنته،‭ ‬وعلمٌ‭ ‬من‭ ‬أعلامها،‭ ‬ومدرسة‭ ‬متفردة‭ ‬بذاتها‭ ‬وخصوصيتها‭ ‬تركتْ‭ ‬أثرًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬فى‭ ‬أوساط‭ ‬متابعيها‭ ‬وسطرتْ‭ ‬تاريخًا‭ ‬نُقش‭ ‬بأحرف‭ ‬من‭ ‬كفاح‭ ‬وتعب‭ ‬وإبداع‭.‬

رحم‭ ‬الله‭ ‬أستاذنا‭ ‬الكبير‭ ‬محمد‭ ‬بالرأس‭ ‬علي‭.‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى