كم مِنْ ورقة بيضاء عاشتْ انتفاضة بين يدي أديب، واشعلتْ فوهة بركان عقله لتثور بتوهج للفكر الإنساني والعالمي !. هم يرونها كلمات مرصوصة، متجلية بفلسفه لا تُدرك لها معانٍ إلا العقول النيره، وليس بالضرورة أن تكون متعلمة؛ فالصدق المنعكس يخرج من قلب وعقل ليصل إلى عقل وقلب آخر ولو كان مختلفًا فكريًا وجغرافيًا وعقائديًا.
يجلس كاتب أمام الورق الأبيض ويسأل: ماذا اكتب ؟!.
تنغرز نظراته عبر الأفق، يبحث عن فكرة ما ،يجد ان كل ما يريد أن يكتبه قد كتب ، وكل ما يريد أن يقوله قد قيل ، ولا جديد تحت الشمس : الكل باطل ،هكذا قالت الجامعة ، وباطل الاباطيل قبض الريح .
قلبه يدق ،يقرع في صدره و هيكل رأسه :من أين تأتي الكلمات؟.
غالبًا ما يذهب الكاتب إلى الناس يبحث عن تجربة في عيونهم ، وفي همومهم اليوميه. يكاد لشدة توقف إليها أن يكون توقه بالذات الإبداع لا التقليد ، وعن الخلق لا الترجمه، ليس المقصود بالترجمة النقل عن اللغة الاجنبيه فحسب بل أيضا النقل عن افكار الآخرين.
في الناس نبع لا ينضب ، ولذا فالادب الذي انغمس بالناس كما تنغمس لقمة الخبز بالزيت ، هو الأدب الناجح حتي انهم كانوا يلحون في الصحافة الأدبية العالمية على الأدب المحلي البحث ، بأنه هو الأدب العالمي والكاتب الذي يستطيع أن ينقل بيئته المحلية الي الورق بكل صدق وعفويه دون تجميل ويلبسها بمصطلحات الفلسفه هو الكاتب العالمي.
الإبداع الأدبي لا يملك مقومات النجاح ما لم يكن فعلا خلاقا وجديدا ، والاديب الذي يقع في التكرار، يقع في المجانية أيضا، وبين يديه لا تتحول الورق الأبيض الي حياة دافقة ممتلئة بالحركة والانبهار والدهشة والاصالة، ويجعل الورق الابيض مسرحا يشد عين القارئ وقلبه حتي السطر الاخير.
الورق الأبيض يوحي كثيرًا للكاتب الأصيل، أما الكاتب المزيف والقادر والمحدود فإنه يقف في أكثر الأحيان عاجزًا عن الاتيان بحركة ما، وإذا كتب فإنه يكتب ما لا يجذب، يكتب أدبًا ناقصًا من الحياة كأنما يقول لا جديد تحت الشمس .