اسمع من بعض هذا وذاك الرغبة في هجرة البلاد قاصدا أوروبا وخاصة من الشباب..بحثا عن حياة أفضل..ونحن نعلم أنه قد سبقنا إلى ذلك منذ سنوات طوال..الأفارقة الذين مازالوا يقتفون آثار ثرواتهم المنهوبة..هنا يقول قائل المعيشة باتت صعبة و أغلبنا يعلم أن ذلك عالمي منذ فترة طويلة..وتفاقم الوضع مع إستمرار حرب روسيا وأوكرانيا..حيث عندي أصدقاء في أوروبا وامريكا الشمالية يحكون لي عن إرتفاع أسعار المواد الغذائية والغاز والبنزين وحتى العلاج والدواء نفسه ومن الصعوبة بما كان الادخار..وهناك استغناء عن أعداد من الموظفين والعمال..بسبب العبء على الميزانيات..والبدء حثيثا في تبني القطاع الخاص والبلديات لسوق العمل والمشاريع..وتكفل الحكومات بالخدمات العامة..ويضيف بعض الليبيين في الداخل..كل يوم كساد وملل ونفس الروتين..ولا فرص عمل كافية..وراتب الوظيفة يتأخر..والقادم مجهول..رغم أننا بلد نفط وغاز..وهناك فساد..وهاجس أمن وحروب..ناهيك عن الذين يقارنون بين الماضي والحاضر..رغم أن الذي يريد الوصول إلى المستقبل لا يركب قطار الماضي..للدولة رجال..وبدل لعن الظلام علينا إيقاد شمعة..ومن يفتح عينيه جيدا يلحظ انكماش العتمة وتمدد النور..فالمتفائل ينظر إلى نصف الكوب الممتلئ وليس الفارغ..الرموز الموجودة سواء في المشهد السياسي..من المجلس الأعلى للدولة إلى البرلمان الى المجلس الرئاسي إلى رئاسة الوزراء..وكنا نتمنى ألا توجد حكومة موازية..وربما هناك حكومة مصغرة تمهيدا لما يعرف في أجزاء من العالم بالانتخابات..وكذلك رموز المشهد العسكري والأمني من جيش وأجهزة بمختلف فروعها الأمنية وكتائب وميليشيات..والأخيرة موجودة فعلا في الولايات المتحدة الأمريكية وسويسرا والصين وغيرها بنفس الإسم اللاتيني ميليشيا وتعني جندي..أو هي تحت مسميات الحرس الوطني أو الجمهوري أو الملكي..تلك الرموز تسعى لتحقيق المبتغى بالتعامل مع الواقع وما حدث قد حدث فلا يفيد التناول الطوباوي والبكاء على اللبن المسكوب..ولا ننسى في هذا المقام شخوص النظام السابق الوطنيين..وكلهم غربا و شرقا وجنوبا..ليبيون أحرار..ولو جزمنا أن ليبي ما سيء في نظر البعض..فهو في نهاية المطاف افضل مليار مرة من غريب او أجنبي..وقد يحدث أننا ننتقد بعضنا هدما بالمعول..ولكن في الأخير والآخر مرجوعنا إلى الوطن قلبا وقالبا..ليبيا يا سادة وإن طال وتعمق الخلاف.. تجمعنا مصلحة بلادنا والأجيال القادمة التي تتطلب متفائلين من الذين لم يتصافحوا لغاية الآن.. إنهم سوف يعانقون بعضهم في الغد القريب وان كان بعيدا..وعلى المواطن الليبي أن يستوعب إنه لا يمكن هضم الحال أحيانا فهو لم يعشه شخصيا عن قرب مثل متقلد المنصب..فالوضع متداخل ومتشابك محليا وإقليميا ودوليا..ولكل مقام حكمة..سريعا اشارككم بعض النقاط..فما دامت الخدمات بدأت على قدم وساق في بعض المدن الرئيسية..فلا بأس من التفكير في شواطيء عائلية بمعنى الكلمة..ومنتزهات ودور سينما ومسارح وملاعب..ولا بأس أن توفر الكلية لطلابها فرص عمل قبل مناقشة مشروع التخرج..ومن جهة أخرى الذي تكافحه الدولة من ظواهر مدمرة للنسيج الإجتماعي..فإنها قد تمنع تلك الخروقات على ناصية الشارع لكن من الصعوبة ملاحقتها داخل زقاق..فقد تكون القنبلة الموجودة فرضا عنقودية وليست يدوية وحفظ الله الشعب الليبي من كل سوء..وللقضاء على اي شيء سلبي لابد من توفير بشكل موازي بديل إيجابي..مثلما لو تريد التقليل من قضاء ابناؤك طوال اليوم أمام النقال والتأثر بالتيك توك وغيره..سجلهم في نادي أو كورس أو رحلات داخلية وغيرها من المناشط الفعالة..
اخيرا..لو أن ليبيا ليست في القمة لما أهتم الآخر بالملف الليبي..فهناك قرابة عشر دول عربية..وأكثر من نصفهم اجانب..مشغولة بتفاوت بالشأن الليبي..أما في مصلحة من هذا التدخل..فهذه مسؤولية الليبيين وحدهم حتى الوصول الى آخر محطة من رحلة قطار فبراير..طال الزمان أم قصر..المهم السير في حقل ألغام التحديات بحذر حتى الوصول إلى كامل الأمن والسلام والحرية والحياة الكريمة.. الذي يحدث مؤخرا بُعد نظر وقراءة وتمهل عند التقدم خطوة بعد أخرى..وليس المشي واحدة والعودة خطوتين..فلا للعودة للمربع صفر..