عاطف الأطراش
لا يوجد لدينا قوانين ولا مواثيق لأخلاق المهنة بل لا يوجد لدينا لا نقابة ولا رابطة للصحفيين
الكاتب أحمد التهامي،
كل صحافة حتى في البلدان الليبرالية العتيقة هي خاضعة لاتجاهات مصادر تمويلها
لم يعد لصاحبة الجلالة بلاطًا يحتوي رواده وأهله مع التغيير الذي طرأ على المجتمع الليبي بعد ثورة فبراير وتوافد الكثيرون من الهواة لتأسيس مشروعات إعلامية وصحافية فقد صدرت العديد من الصحف والمطبوعات، وانشئت قنوات يترأسها رجال أعمال وسياسيون. بعضها استمر لفترات وانقطع به طريق الإعلام في منتصف الطريق، والبعض الآخر وجد ضالته وسلطته بين صناعة الأخبار والتقارير. ومع تتبع هذه القنوات والصحف وبمختلف التوجهات والتداعيات .. من هي الجهة المخولة بمتابعة ومراقبة الخطاب الإعلامي في ظل انتشار خطاب الكراهية، وعدم الالتزام مواثيق الشرف الإعلامي. وفي هذا الشأن استطلعتْ صحيفة (فبراير) آراء نخبة من الإعلاميين والصحفيين للحديث حول احقية أهل الاختصاص في احتكار مهنة الإعلام.
الشاعرة والإعلامية خديجة بسيكري ترأستْ في وقت سابق الهيئة العامة للصحافة ببنغازي تقول إن توفر وسائل النشر اتاحتْ الفرصة أمام الجميع للتعبير غير المشروط بلا ثوابت لأخلاقيات الصحافة ولا ضوابط للغة، ولا ابجديات الإعلام، الأمر الذي سهل الطريق أمام كل من يتسنى له الكتابة وإن كان فاقدًا للإمكانات والمصداقية.
وأكدت بسيكري أن الصحافة هي الصوت الحر لكن هذا لا يعنى التعدي على الحريات وانتهاك الخصوصية والانتشار على حساب الأخبار الفضائحية، ونشر أسرار النَّاس وترويج الشائعات لذا يجب الالتزام بمواثيق شرف الصحافة لأنها حماية لجميع الأطراف من خلال تكوين وتأسيس نقابة للصحافيين.
للكاتب والصحفي جابر نور سلطان رأيه بالخصوص فقد أشار إلى أنه بعد ثورات الربيع تغيرتْ المعايير لو أخذنا ليبيا مثلًا، وتحديدًا بنغازي في الأشهر الأولى لثورة فبراير صدرتْ أكثر من 400 صحيفة، العشرات من الشباب انخرطوا في العمل الصحافي زادهم الحماس والابتهاج بالحرية المطلقة دون المهنية في تلك الأيام، لكن مع مرور الوقت اختفتْ تلك المئات من الصحف وبقيتْ صحف لا تتجاوز اليد الواحدة من بينها صحيفة (الحياة الليبية) التي صدرت في مايو 2011.
المستشار الإعلامي لصحيفة (الحياة الليبية)، رجح أن سبب توقف مئات الصحف عن الإصدار هو نقص وانعدام التمويل بالإضافة إلى أن جٌل مَنْ انخرطوا ليسوا من أصحاب المهنة، مشيرًا أن الصحافة علمٌ ومناهج وإعداد هذا الصحافي في العموم، ثم بعد ذلك توفر الأدوات المؤهلة ودور الاجتهاد والمثابرة والمهارة والثقافة. الصحافة مهنة ومتعة ومهارة واجتهاد متواصل هذا هو الصحافي أما الأدعياء؛ فكل مجال به أدعياءُ لكن سرعان ما ينتهون.
متابعة / نجاة بو عمود
للأسف السلطة الرابعة لم تعد مهنة ذوي الاختصاص
أصبحت الرقابة تسوق للجهات المسؤولة وتخرج عن نطاقها الحقيقي
وحول من يراقب الإعلام قال الأديب والصحفي، إن المسألة ليستْ رقابة بل لابد من تنظيم العمل الصحافي والإعلامي ووضع ميثاق شرف يلتزم به الجميع، ومبادئ وقيم يتم التوافق عليها، حتى لا يكون هناك مكانٌ لمنصات الفتن، وتهديد السلم الاجتماعي، وانتهاك حرمة الآخرين، ووضع حد للمال الفاسد الذي اخترق الصحافة والإعلام.
وفي السياق ذاته تؤكد الإعلامية والصحافية ريم العبدلي على أن الصحافة لم تعد مهنة يٌمارسها فقط ذوو الاختصاص فقد أصبحتْ مهنة من لا مهنة له، بل أصبحتْ وسيلةً أيضا يتباهى بها مزاولوها ومكسبًا ذاتيًا خرجتْ عن أخلاقياتها ، في الوقت الذي أصبح أصحاب المهنة يتوجهون إلى أعمال خارج نطاق الصحافة لشعورهم بالتهميش وعدم تمكنهم من ممارسة المهنة بشفافية ومصداقية، مشيرة إلى أن القيود الصحفية أصبحتَْ عائقًا يعيق الصحفي في أداء وظيفته على أكمل وجه، ومن المؤسف بأن الرقابة الصحفية لم تكن في موضعها الحقيقي بل أصبحتْ تٌسوق للجهات المسؤولة وتخرج عن نطاقها الحقيقي في إعلاء كلمة الحق، بل أصبحت تلمع الأخطاء ومن المؤسف القول بإن الصحافة الآن أصبحت وسيلة وليست عملًًا شريفًا جعلتنا نقف وقفة المتعجب عما كنا نطمح له.
توافقها الرأي رئيس تحرير صحيفة (الحياة الليبية) سعاد الطرابلسي مضيفةَ أن العاملين في الصحافة ليسوا من أهل الصحافة، وأصبحت الصحافة مهنة من لا مهنة له لأن الرؤوس الكبيرة والمسؤولة عنها هم خارجها ولا ينتمون لها، يعني استسهال حسب قول الطرابلسي لافتةً أن الخطأ الصحفي لا يظهر للعامة لذلك لا ينتبهوا إلا بعد وجود كارثة؛ فالنتيجة وهي المهاترات والانتهاكات والفوضى التي نراها اليوم لذلك يجب أن لا نترك للصحافة الحرية المطلقة قبل أن نضع ونحترم قانون وميثاق الشرف المهني ونضع القرار في يد المتخصص.
الصحفي والناشط السياسي عاطف الأطرش يقول إن الوسط الإعلامي بشكل عام خليط بين ناس مؤهلة «أكاديميًا» وبين ناس متدربين مهنيًا، طبعًا لا نستطيع أن نضع معيارًا دقيقًا في هذا المجال لأنه مجال إنساني يعتمد على عناصر عديدة أهمها الخبرة الصحافية، وتحديدًا الأكاديمية والتدريب الإعلامي وكل هذا لم يتم دراسته بشكله الأكاديمي الصحيح.
الأطرش أوضح، لا تترك للصحافة الحرية المطلقة؛ فهي مفسدة مطلقة، وإذا أنشأنا صحافة بلا قيود قانونية أو أخلاقية حتى، سنجد فوضى إعلامية وهذا ما نشهده حاليًا من انتشار لخطاب الكراهية والتحريض على القتال والحرب؛ وهذه جرائم موجودة، مشيرًا إلى أن تقرير صدر عن (هيئة الرصد
الإعلامي) حيث رصدت خلال ستة أشهر حوالي 15,000 مخالفة مهنية تصل حتى مستوى جرائم الحرب.
في مهنة الصحافة الأدعياء سرعان ما ينتهون
مؤكداً أنه لا يمكن مراقبة الصحافة وانما في العالم الغربي الحر مجالس عليا للصحافة ونقابات صحافية ونقابات إعلامية، تمارس نوعًا من الرقابة الذاتية .. هذه المؤسسات الصحافية بالإضافة أنها تحدَّد عقوبات تتعلق بالجرائم الإعلامية تتولى جهات متخصصة في مجال الإعلام والصحافة في متابعة هذه المخالفات وهذا ما نفتقده الآن في ليبيا، لا يوجد قوانين ولا مواثيق أخلاق المهنة، ولا يوجد لدينا نقابة أو رابطة حتى للصحافيين.
يشاركنا بالرأي الكاتب أحمد التهامي، لا أدري إذا كنتِ تقصدين أنه ثمة معايير مهنية محدَّدة للعمل في الصحافة أم تقصدين شيئًا آخر ولكنَّني سأعتبر أن هذا هو قصدك فأقول إن الصحافة في ليبيا ليستْ مستقلة تمامًا كما كل فروع الإعلام والفنون هي حقول تابعة لحقل مسيطر هو السياسة خاصة السياسة الحكومية، لذلك فالعاملون فيها هم أبناء ظرفهم العام الذي حولهم من صحافيين يطاردون الخبر ويستقصون عنه إلى مجرد موظفين كتبة لدى الحكومات أو الأحزاب وبالتالي فإن لوم النَّاس لأنهم أسرى ظرف معين ونمط إنتاج محدَّد هو عمل عبثي .. التهامي أشار إلى أن كل صحافة حتى في البلدان الليبرالية العتيقة هي خاضعة لاتجاهات مصادر تمويلها وبالتالي لا وجود لحرية مطلقة الصحافة يفترض منطقيا أن رقابتها تبادلية أي أن تناقض توجهات المؤسسات الصحافية يكفل لوحده حيادها العام ثم إن من مسؤوليات جهات التشريع السيادية (البرلمان) أن تحدّد الخطوط العامة للصحافة لضمان حرية انسياب المعلومات وضمان أمن الوطن في نفس التوقيت.
خديجة بسيكري
توفر وسائل النشر اتاحتْ الفرصة أمام الجميع للتعبير غير المشروط
لا بد من وضع ميثاق شرف يلتزم به الجميع