مع قرب حلول شهر رمضان المبارك بات الحديث عن ارتفاع الاسعار الجنوني وغير المعقول والذي وصل حتى إلى رغيف الخبز حديث شبه يومي تتداوله فئات المجتمع كافة؛ ومع قرب الشهر الفضيل زادت أسعار المواد الغذائية خاصة الأساسية بارتفاع ملحوظ وغير طبيعي حتى اكتوى المواطن البسيط بلهيب أسعارها التي لم ولن تلائم قدرته الشرائية حتى بعد زيادة المرتبات الامر الذي جعل من البعض ومن دون مبالغة عاجزًا تمامًا عن توفير قوت يومه بسبب عدم قدرته الشرائية المعدومة اصلا أمام غول الأسعار في اأاسواق الليبية فلكل يلوم جهاز الحرس البلدي وتقاعسه عن أداء واجبه ومهامه وكأنه الوحيد القادر على لجم كباح كبار مافيا التجار واطماعهم والحقيقة غير ذلك اطلاقًا؛ فالمتهم الاول والمعني الاساسي هي وزارة الاقتصاد التي لم تعمَّم الى يومنا هدا اي منشور او تعميم بأسعار المواد المستهلكة بجميع اصنافها وخاصة ذات الاستهلاك الكبير مثل الزيت والطماطم والسكر والحليب والارز والدقيق والمكرونة ومن ثمة ارسالها للحرس البلدي للقيام بدوره. اما المتهم الثاني فهم كبار التجار أو لنقل كما الواقع يفرض تسميتهم بمافيا التجار خاصة اولئك الذين يقتاتون على مرتب المواطن الغلبان محدود الدخل بحجة ارتفاع اسعار الصرف ( وما يرتفع سعره بارتفاع الدولار لا سبيل لنزوله ولو كان سعر الصرف في اسفل السافلي) المفارقة العجيبة في هذا الصدَّد أن الأسعار منذ سنوات عندما كان الدولار بـ(9) دينارات أقل بكثير مما عليه اليوم وسعر الدولار بـ(4.88) دينار ليبي. فارتفاع سعر الصرف والأزمات الاقتصادية العالمية وغيرها كلها اسباب لا مبرر لها ولا تعقل الارتفاع الصاروخي الذي يشهده السوق الليبي هذا الارتفاع الجنوني الذي طال حتى الخضراوات ( ووصول سعر كيلو البصل الى 8 و9 دينارات للكيلو !!) والفواكه واللحوم ( و وصوله الى 60 دينارًا الكيلو) بشكل مخيف نعجز عن تفسيره فما الذي يحدث بالضبط ؟ واين موقع الخلل نكاد لا نعرفه ومن جهة أخرى فهناك رأى مخالف يرى أن السبب الرئيس هو ( اعتماد ليبيا بشكل شبه كلي على الخارج في توفير احتياجاتها الضرورية، جعلها عرضة للصدمات الدولية بشكل كبير، كما يوضح أستاذ الاقتصاد بجامعة بنغازي الدكتور علي الشريف، الذي أشار إلى ما تشهده الأسواق العالمية من اضطرابات ناتجة عن استمرار الحرب الروسية الأوكرانية. أن ليبيا تحتاج إلى تقليل الاعتماد على الاستيراد، عبر دعم مشروعات الصناعة والزراعات الاستراتيجية، وتنويع مصادر الدخل، إذ إن الاقتصاد الريعي لليبيا القائم على إيرادات النفط فقط، وهو ما لا يمكن الاعتماد عليه للأبد.
أما المحلل الاقتصادي محمد أحمد، فيرى «،إن هناك عاملين لارتفاع الأسعار، أولهما أن ليبيا تستورد كل شيء من الخارج بنسبة 90 %، ومن ثم فإن فالتضخم مستورد، والأمر الآخر يتعلق بغياب السياسة النقدية في كبح جماح التضخم وصولاً إلى المعدلات الآمنة بنسبة 2 %.
فالتضخم يلتهم كل المرتب الشهري في زمن وجيز، حتى أصبح من الخطأ أن نطلق عليه اسم راتب شهري، بل أصبح يكفي لأسبوع وليس شهرًا». ولهذا وفى محاولة استعجالية لحلحلة أزمة الأسعار ونحن على أعتاب الشهر الفضيل تابع رئيس الوزراء عبدالحميد الدبيبة بديوان رئاسة الحكومة الأسبوع الماضي في اجتماع مع وزير الاقتصاد والتجارة محمد الحويج ورئيس جهاز الحرس البلدي رجب قطوسة ومدير مركز الرقابة على الأغذية والأدوية المُكلف وعدد من مديري الإدارات بالوزارة والجهاز والمركز توفر السلع الأساسية وضبط أسعارها وجودتها وصلاحيتها خلال شهر رمضان المبارك.
وأصدر الدبيبة خلال الاجتماع تعليماته بضرورة قيام جهاز الحرس البلدي ومركز الرقابة بدورهما في متابعة صلاحية السلع والزيادة غير المقبولة في الأسعار وقيام وزارة الاقتصاد بدورها في تحديد الأسعار ومتابعتها.
من جانبه أكد الحويج أن السلع الأساسية التي تحتاجها الأسر الليبية في شهر رمضان متوفرة بشكل كامل وهناك متابعة للاعتمادات المستندية المفتوحة خلال الأشهر الماضية التي ستساعد في تخفيض الأسعار وتوفر السلع. وشدَّد الدبيبة على ضرورة متابعة استيراد اللحوم واعتماد الدول المورَّدة منها ووجود مراجعة دورية للدول ومراعاة الاشتراطات الصحية وضمان طريقة الذبح واعتبار الأمر غير قابل للتهاون وكذلك تشكيل غرفة طوارئ خلال شهر رمضان المبارك مكونة من الجهات ذات العلاقة لمتابعة السوق المحلي وتوفر السلع وأسعارها مشدَّداً على عقد لقاءات متواصلة مع التجار ورجال الأعمال من أجل ضبط انسيابية السلع وتحديد أسعارها. إن الوضع الذي تشهده البلاد من سخط العباد وضع لا يجدي فيه غير حلول واقعية غير ترقيعيه وإجراءات حقيقة لضبط الاسعار والحفاظ على القدرة الشرائية للمواطن وهو امر منوط بوزارة الاقتصاد بالدرجة الأولى وجهات حمايه المستهلك ناهيك عن ضرورة رجوع دعم المواد الاستهلاكية الأساسية ويبقى الاصعب هو اقناع كبار التجار بأولوية أمن السوق المحلي الداخلي وحماية المستهلك والتعامل مع هذا الموضوع بحس وطني عالٍ وفي المقابل الضرب بيد من حديد لكل من يحاول استغلال حاجة المواطن وغدائه وخاصة المحتكرين والمضاربين الذين يستغلون ظروف الوطن والمواطن لتسمين ارصدتهم البنكية على حساب جيب المواطن المغلوب على امره