هاشم شليق يكتب.. سيادة
محطة
ليبيا بدأت مؤخرا في النهوض مثلما وقفت اليابان وألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية على اقدامهما و إن اختلفت المعطيات والظروف..فالمغزى هو يوم استعادت تلك الدولتين السيادة الوطنية داخل التراب..وهنا في أرض الوطن الغالي ها قد تبلورت نتيجة عمل دؤوب ومتواصل رؤية ثاقبة لبناء دولة المصالحة..فالمجتمع الليبي لم ولن ينقسم يوما على أساس الطبقة الإجتماعية ونوع الجنس أو العرق أو الكينونة أو الثقافة..فنسيجه تركيبة مدنية حديثة قائمة على التسامح والتعايش وتغليب الشعور الوطني..نعم..لقد استعادت بلادنا الثقة في نفسها أخيرا..وقد أكدت سنوات فبراير صمود وقدرة الشعب الليبي على الحكم والتصرف الذاتي الذي هو ركيزة مطلوب توفرها لصوغ السيادة الوطنية..
لقد باتت الأولوية القصوى اليوم للأمن الوطني أو لو شئت القومي..ففي السياسي لا وجود لإقصاء أو تهميش أو عزل حتى لأنصار النظام السابق..وحتى الاقتتال بين أبناء البلد الواحد اتضح وليس بعد فوات الأوان انه كان مصطنعا وليس حتميا..وقد أثبت الليبيون إنه لو اشتكى عضو من أعضاء الجسد الواحد من الحمى تداعت له باقي الأطراف بالسهر..فعلا سيادة وطنية..فلقد استمرت المرأة الليبية في نيل حقوقها..ونهل التعليم..ودخول العمل..وزادت مساحتها عن جدارة واستحقاق في الحيز الإجتماعي..وبدأ الشباب يلجون سوق العمل الخاص..ومعدلات البطالة تتدنى نسبيا ولو ضئيلا..وتوجد جهود مضنية وحثيثة لزيادة دخل الفرد السنوي..ويتفاعل دور البلديات الخدمي مع القطاعات والوزارات..
والقانون بدأ يتسيد..ويتجمع تفكك الدولة..ويتضائل الخوف..وتتقلص الفجوة بين غرب البلاد وشرقها وجنوبها..
حقا يوجد قادة مستعدون لخدمة الشعب..قادرون إلى حد كبير على إدارة الإنفاق العام..ساعون للإستثمار في رأس المال البشري..داعمون للمدارس والجامعات..مبتعدون قدر الإمكان عن المركزية..في والنهاية نحن لسنا من يضع العصي في دواليب العربة الوطنية..
حتى الكتائب المسلحة أي الميليشيات وهي في مفهومها العسكري جيش تشكله عادة قوات غير نظامية أفراده مواطنون..وقد ظهرت للعلم عالميا في بدايات القرن العشرين..وتاريخيا باللغة اللاتينية تعني ميليشيا جندي..والمليشيات موجودة لغاية اليوم في دول مثل سويسرا والصين..وتشكلت أخيرا في الولايات المتحدة الأمريكية تحت مسمى الحرس الوطني.. و المليشيات الليبية لا ينكر أحد عاقل دورها في بسط الاستقرار واستتباب الأمن بعد طول سنين..وطبعا نحبذ تأسيس جيش واحد موحد..لكننا نعلم ان الرحلة شاقة و المهم إنها قد انطلقت حثيثا نحو زرع الطمأنينة..
السيادة الوطنية ياسيدات وسادة تبدأ من الداخل..وهذا ما نلمسه اللحظة على أرض الواقع..أما الاتفاقات والتفاهمات مع الأشقاء والأصدقاء والقوى الأجنبية الكبرى والامم المتحدة ومن على غرارها فيعد عاملا طبيعيا ومسلم به..
أنظر حولك وسوف ترى أن العالم قائم على التحالفات في عصر العولمة وتبادل المصالح وبسط مناطق النفوذ..وليبيا لم تعد طائرا يغرد خارج السرب..بل عنقاء ينهض من تحت الرماد