لم يكن بودي أن تكون سيرة الدار العربية للكتاب المشروع الليبي التونسي موضوعا لما أخوض فيه هنا، إذ كان من أبجديات الكتابة الصحفية التي سلكتها لأكثر من ستة عقود ابتعاد صاحب القلم عن المسائل التي تمت لمصلحته بصلة، لولا الحوار الذي جرى بقاعة مركز الجهاد مساء السابع من يونيو حول تجربة الدار العربية في مجال النشر العربي وما إذا كان وجودي على رأسها مايزال قائما بموجب القرار الصادر من رئيس اللجنة الشعبية السابق الدكتور البغدادي المحمودي أو أنه قد زال بمقتضى الإشكال الذي أثاره بعض ورثة العقار الذي شيد عليه مقرها بطرابلس في مبنى لافت وكثير المرافق، حتى أن رئيسها ومؤسسها السابق الأستاذ خليفة التليسي قد أجّرَ أجزاء منها للمعهد الدبلوماسي ومصرف الجمهورية لسد نفقات العاملين بها. إنه الإشكال الذي انتهى بصدور قرار إحدى اللجان بإرجاع العقار إلى أصحاب الدعوى والذي لم يكن بوسعي تنفيذه لوجوب اعتماده من المختصين ومراعاة الشراكة الليبية التونسية وقد استدعت ضمن ما استدعت دعوتي للكتيبة التي حلت بمبنى الوزارة بطرابلس ودعوتي للقبول بأخف الضررين لتقديم الاستقالة وترشيح أحد العاملين برئاسة المكان إلا أن التراجع قد تم سريعا وكدت أن أباشر مهمتي لولا أن الكسارات قد امتدت في وقت لاحق لينشر الفيس بوك خبر جديد مفاده أن مجلسا جديدا للإدارة قد شُكل وباشر عمله، لولا أن المهندس السراج ودون أن اتصل به قد أوقف المحاولة والتي تزامنت مع نفاذ كل ما لدى المؤسسة من أموال واستحالة التعويض لانقطاع الإيجار الذي توقف بإزالة الدار، حتى أن مسئول الثقافة ومن باب تسهيل مهمة الدار على الأرجح! أقدم على تسليم الصك المقرر للدار كمساهمة ليسيل ويصرف كمرتبات لبعض العاملين أو جميعهم كما أقرَّ القطاع لينتهي بعد ذلك كل شيء عن الدار خاصة وأن أحد الماليين قد غادر الحياة فرجع من رجع إلى عمله الذي جاء منه وأظفت من جهتي ما ضاع لي من حق إلى حقوق أخرى كثيرة حتى كان ما كان من الحديث الذي أشرت إليه والذي أريد تحديده هنا، وكما رويت عن شاهد الحدث أبو زيد دورده أن اهتمام تونسي في شخص الشاذلي القليبي بخليفة التليسي «رحمهم الله جميعا» على رأس ما سهل اختياره للمشروع وأن الشراكة التونسية هي التي حفظت المشروع من الزحف الذي طال أكثر من مؤسسة، وأن حكمة التليسي كما أعلم أنا ضمنت التوازن الذي جعل كل أصول الدار في البلدين واحدة وبالأحرى متساوية وقد ظلت جاهزة للقسمة، أما ما تردد عن عن الأرض الموجودة بتونس فقد قرر مجلس الإدارة في آخر اجتماع له هناك الإذن باستثماره وكان بالإمكان متابعة الأمر لولا ما حدث للمبنى وفتح الباب على الصعوبات التي سيقف عليها كل من يبحث الأمر، هذا ما لم تكن الصفة التي خُلِعت على من خُلِع وسهلت الفوز ببعض الإمتيازات التي قد تواجه كل من يتابع على أي مستوى، كل ذلك دون أن أتخلى عن ثوابتي كواحد من المنشغلين بما يجري والمصرين على الجهر بالرأي المسئول أن أقول هذا الأمر قليل من كثير بشأن الثقافة والإعلام ومؤسساته وإمكانياته والمساهمة في أداء الرسالة المتعلقة بشكل جزئي من كل ما لم يُسلَك النهج السليم لإشراك المقتدرين في الرأي بصدده وتنفيذ ما يتراءى حوله فسيبقى ما قيل وما يقال «طق حنك» كما هو التعبير الشعبي في كل أرجاء الوطن العربي إذ أن الدور المطلوب من المنخرطين في الشأن الثقافي أكبر بكثير من الدار العربية وحقيقة رئاستها.