رأي

الكلمة الوحيدة

صالح قادربوه

جدارية

تصعد الكلمات والعبارات والجمل قطار السلطة؛ فيلهث بها عبر طرق طويلة ملتوية نحو غاية واحدة، والوجهة محطة التأييد. لا يهم أن يكون السائق أعمى، أو الركاب صماً، المهم هو أنهم جميعاً في المحطة المرتجاة سيكونون فصحاء وهم يهتفون للحاكم، هذه مهمتهم وطريقتهم في حصد المكاسب، حتى إذا انتهت صلاحية مالك المحطة ركبوا قطاراً جديدا بطرق ملتوية معادة أو جديدة، للهتاف بحياة سلطة أخرى؛ والتبرء من الهتاف السابق بحياة السلطة السابقة.

هؤلاء إخوة ( نعم )، أما ( لا ) فهي شقيقة كلمات وعبارات وجمل أخرى، تركب قطار المعارضة فيلهث بها عبر طرق ملتوية نحو غاية واحدة، والوجهة محطة الرفض. ولا يهم هنا أيضاً أن يكون السائق أعمى أو الركاب صماً، المهم علو الصوت ووضوحه في الهتاف ضد الحاكم؛ قصد إسقاطه لإعلاء سلطة جديدة يحصدون بواسطتها المكاسب، حتى يتحولوا تدريجياً إلى لا بمعنى نعم، ويهتفون لخلافة إحلال لخليفة جديد، وولاية لوالٍ موالٍ، وهلم جرّا.

بيد أن هناك كلمة تقف بمنأى عن نعم و لا، بعيدة عن الشبهات، عن الالتباس، عن السلاح، عن الكذب والعنف والقتل، والمصالح المحصودة والأخرى التي تذروها الرياح، هي كلمة وحيدة، ولدت وحدها وعاشت وحدها وتموت وحدها، تشهد على كل هذا اللهاث والهتاف والتزلف والزيف والتأييد والرفض، معلقة كالثريا في كبد سماء بيضاء، كلمة اسمها: (الضمير).

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى