ظل دافيء
ليس ضروريا أن تكون الأضواء مسلطة على الإنسان المسالم ليكون في دائرة الشهرة ، حتى وإن سبّب ذلك عدم تأثيره في حياة قطاع كبير من الناس ، لكن من الضروري عدم المساس بآدميته ، وتجريده من وجوده وفاعليته .
وليس صوابا دوما السير خلف مقولة الشاعر القديم :
إذا أنت لم تنفع فضرّ فإنما يراد الفتى كيما يضر و ينفع
لأن الحكم على الناس ليس من جملة فنون القول ؛ إنما هو نتاج لصلات البشر ببعضهم ، ولو كانت على نار هادئة .
والوجود في الركن لا يعبر عن الهامشية والضعف والنقص والهشاشة بالتبعية ، بل هو حالة حياة ، لا يمكن أن ينظر إليها بصرامة وقسوة ، كونها لا تقع تماما في كبد المشاهدة ، بل تخجل وتتنحى جانبا ، رفضا للزحام والتقاتل والمشاركة في مذبحة تحوير الوعي أو تخديره .
إن القوالب الجاهزة ليست منهجا صوابيا دوما ، ولا موضوعيا كذلك ، فليس هناك صورة ثابتة للثائر والمناضل والمبدع والمؤثر والقيادي والعالم ، بل هناك مساحة واسعة من التفاصيل المتراكمة والمتجاورة تسهم في ربط الاصطلاح بصورته الذهنية ، وهي تفاصيل تتغير وتتناقض أحيانا بتوالي الأيام والأعوام .
يكفي المسالم شرفا أنه لا يؤذي الناس ، في زمن أصبح فيه قهر الآخرين وحسدهم وعرقلتهم والتنكيل بهم بشتى الطرق دلالة على رجولة الرجل وسيطرة المرأة ، وما هو بمفخرة .
أن يسلم الناس من لسانك ويدك ، وأن لا تحمل لأحد الضغينة والكراهية ، هو سمة تفوق ، أما التناحر من أجل الوصول إلى الأهداف العرضية فوق أنّات الغير فدليل على بلاغة الفاشل وليس فعل النجوم .