رأي

فك‭ ‬شفرة‭ ‬الهجرة

قلم: هاشم شليق

قراءة‭ ‬بين‭ ‬سطور‭ ‬الأخبار‭ ‬والتحليلات‭ ‬تفيد‭ ‬بأن‭ ‬أوروبا‭ ‬باتت‭ ‬فعلا‭ ‬بطة‭ ‬عرجاء‭..‬فنتائج‭ ‬الانتخابات‭ ‬التشريعية‭ ‬شهدت‭ ‬تفوق‭ ‬تحالف‭ ‬حزبي‭ ‬في‭ ‬دولة‭ ‬وتراجعه‭ ‬في‭ ‬أخرى‭ ‬والترمومتر‭ ‬هو‭ ‬مدى‭ ‬وضع‭ ‬رأس‭ ‬الهجرة‭ ‬تحت‭ ‬مقصلة‭ ‬الشعبوية‭ ‬من‭ ‬عدمه‭..‬فتحقيق‭ ‬اليمين‭ ‬المتطرف‭ ‬لنقاط‭ ‬نحو‭ ‬السلطة‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يؤثر‭ ‬تدريجيا‭ ‬على‭ ‬سياسة‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬تجاه‭ ‬إفريقيا‭..‬والأمر‭ ‬ليس‭ ‬مناطا‭ ‬فقط‭ ‬بنتيجة‭ ‬صراع‭ ‬تحجيم‭ ‬النفوذ‭ ‬وكسب‭ ‬موطيء‭ ‬قدم‭ ‬في‭ ‬القارة‭..‬بل‭ ‬الأولوية‭ ‬لما‭ ‬يراه‭ ‬الغرب‭ ‬من‭ ‬أزمة‭ ‬تنامي‭ ‬حركة‭ ‬الهجرة‭ ‬إلى‭ ‬الضفة‭ ‬الشمالية‭ ‬للبحر‭ ‬المتوسط‭ ‬والدليل‭ ‬سن‭ ‬قوانين‭ ‬جديدة‭..‬حيث‭ ‬يربط‭ ‬أوروبا‭ ‬بروتوكول‭ ‬تنقل‭ ‬داخلي‭ ‬وخارجي‭ ‬بينما‭ ‬تفتقر‭ ‬إفريقيا‭ ‬لتنفيذ‭ ‬ذلك‭..‬فالأفارقة‭ ‬يتنقلون‭ ‬داخل‭ ‬القارة‭ ‬في‭ ‬حركة‭ ‬دائرية‭ ‬وراء‭ ‬المراكز‭ ‬الحضرية‭..‬في‭ ‬الوقت‭ ‬الذي‭ ‬يدفعهم‭ ‬عدم‭ ‬الاستقرار‭ ‬والتغير‭ ‬المناخي‭ ‬والحلم‭ ‬الأوروبي‭ ‬إلى‭ ‬ليبيا‭ ‬مثلا‭ ‬كدولة‭ ‬عبور‭..‬والسبب‭ ‬أن‭ ‬تعاون‭ ‬المنظمة‭ ‬الدولية‭ ‬للهجرة‭ ‬ومفوضية‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأفريقي‭ ‬منذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عشرين‭ ‬عاما‭ ‬لم‭ ‬يفض‭ ‬إلى‭ ‬مايستحق‭ ‬ذكره‭..‬وحتى‭ ‬تدخلات‭ ‬منظمة‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬ومنظمات‭ ‬إغاثة‭ ‬دولية‭ ‬لمواجهة‭ ‬الجفاف‭ ‬والمجاعة‭ ‬اتسمت‭ ‬بالمناسباتية‭..‬لذا‭ ‬فإن‭ ‬طلب‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬ابعاد‭ ‬المهاجرين‭ ‬عن‭ ‬محاولة‭ ‬ركوب‭ ‬القوارب‭ ‬دون‭ ‬الالتفات‭ ‬إلى‭ ‬فك‭ ‬شفرة‭ ‬دول‭ ‬المصدر‭..‬يجعل‭ ‬إجراءات‭ ‬الاحتجاز‭ ‬والترحيل‭ ‬لا‭ ‬تكون‭ ‬بالشكل‭ ‬المطلوب‭ ‬باعتبار‭ ‬ان‭ ‬يدا‭ ‬واحدة‭ ‬لا‭ ‬تصفق‭..‬والبديهي‭ ‬أن‭ ‬الدولة‭ ‬المضيفة‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬كبش‭ ‬فداء‭ ‬للاضطرابات‭ ‬الحاصلة‭ ‬خارج‭ ‬حدودها‭ ‬وتظل‭ ‬وحدها‭ ‬توقع‭ ‬شيك‭ ‬جغرافي‭ ‬على‭ ‬بياض‭..‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬المقصد‭ ‬في‭ ‬النهاية‭ ‬هو‭ ‬أوروبا‭..‬وكمثال‭ ‬عندما‭ ‬أقرت‭ ‬السنغال‭ ‬إستراتيجية‭ ‬وطنية‭ ‬لمكافحة‭ ‬الهجرة‭ ‬غير‭ ‬الشرعية‭ ‬قدم‭ ‬الاتحاد‭ ‬الأوروبي‭ ‬دعما‭ ‬ماديا‭ ‬متقطعا‭ ‬لوقف‭ ‬الأزمة‭ ‬القادمة‭ ‬إليه‭..‬فكان‭ ‬عوضا‭ ‬عن‭ ‬حل‭ ‬المعضلة‭ ‬من‭ ‬الجذور‭ ‬تم‭ ‬قطع‭ ‬الأغصان‭ ‬لتنبت‭ ‬مرة‭ ‬أخرى‭ ‬وهكذا‭ ‬دواليك‭..‬وحتى‭ ‬دعم‭ ‬جهود‭ ‬إثيوبيا‭ ‬لتوطين‭ ‬المهاجرين‭ ‬واللاجئين‭ ‬إليها‭ ‬لم‭ ‬تفلح‭ ‬رغم‭ ‬الاستثمار‭ ‬التنموي‭ ‬الدولي‭ ‬في‭ ‬جهود‭ ‬التصنيع‭ ‬فقد‭ ‬ظلت‭ ‬دولة‭ ‬عبور‭ ‬إلى‭ ‬الخليج‭..‬كما‭ ‬أن‭ ‬توقيع‭  ‬عقود‭ ‬ثنائية‭ ‬بين‭ ‬مصر‭ ‬واليونان‭ ‬لسد‭ ‬النقص‭ ‬العمالي‭ ‬في‭ ‬القطاع‭ ‬الزراعي‭ ‬لدى‭ ‬الأخيرة‭ ‬كنوع‭ ‬من‭ ‬المنفعة‭ ‬المتبادلة‭ ‬يظل‭ ‬إجراءا‭ ‬ثنائيا‭ ‬محدودا‭ ‬لا‭ ‬يخدم‭ ‬بالمجمل‭  ‬مسألة‭ ‬الهجرة‭ ‬غير‭ ‬النظامية‭..‬وبدأت‭ ‬دولة‭ ‬جنوب‭ ‬إفريقيا‭ ‬في‭ ‬إجراءات‭ ‬منح‭ ‬البطاقة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬التي‭ ‬تسمح‭ ‬بتنظيم‭ ‬دخول‭ ‬المهاجرين‭ ‬والسؤال‭ ‬هنا‭ ‬إلى‭ ‬متى‭..‬بالمقابل‭ ‬تمتد‭ ‬الصحراء‭ ‬الكبرى‭ ‬عبر‭ ‬جنوب‭ ‬وشمال‭ ‬11‭ ‬دولة‭ ‬تختلف‭ ‬في‭ ‬الثقافات‭ ‬البدوية‭ ‬والنزعات‭ ‬العرقية‭ ‬لذا‭ ‬من‭ ‬الصعب‭ ‬حاليا‭ ‬استيعابهم‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الجفاف‭ ‬وندرة‭ ‬المياه‭ ‬وتقلب‭ ‬المناخ‭.. ‬كذلك‭ ‬إنتظار‭ ‬القريب‭ ‬والبعيد‭ ‬لكل‭ ‬فرصة‭ ‬سانحة‭ ‬للإنقضاض‭ ‬على‭ ‬الموارد‭ ‬المعدنية‭ ‬بالغة‭ ‬الأهمية‭..‬إضافة‭ ‬إلى‭ ‬إهمال‭ ‬عشرات‭ ‬الملايين‭ ‬من‭ ‬رؤوس‭ ‬الإبل‭ ‬والأبقار‭ ‬والأغنام‭ ‬التي‭ ‬تجعل‭ ‬الصحراويين‭ ‬يتسائلون‭ ‬عن‭ ‬المصير‭..‬ومنذ‭ ‬عام‭ ‬2010‭ ‬زاد‭ ‬عدد‭ ‬العمال‭ ‬المهاجرين‭ ‬في‭ ‬أفريقيا‭ ‬بنسبة‭ ‬53‭%..‬وقاد‭ ‬تغير‭ ‬المناخ‭ ‬إلى‭ ‬انخفاض‭ ‬نسبة‭ ‬34‭% ‬من‭ ‬نمو‭ ‬الإنتاج‭ ‬الزراعي‭ ‬جنوب‭ ‬الصحراء‭ ‬الكبرى‭ ‬مما‭ ‬أدى‭ ‬إلى‭ ‬انعدام‭ ‬الأمن‭ ‬الغذائي‭ ‬بشكل‭ ‬غير‭ ‬مسبوق‭..‬والحديث‭ ‬اليوم‭ ‬عن‭ ‬مشاريع‭ ‬تنموية‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬المصدر‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تدهور‭ ‬الوضع‭ ‬الإقتصادي‭ ‬العالمي‭ ‬لن‭ ‬يوقف‭ ‬ظهور‭ ‬النقاط‭ ‬الساخنة‭ ‬في‭ ‬الصحراء‭..‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى