ثقافة

القراءة‭ ‬في‭ ‬زمن‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي

ميسون‭ ‬صالح‭ ‬

نحن‭ ‬نواجه‭ ‬دائمًا‭ ‬تشاؤم‭ ‬العقل‭ ‬بتفاؤل‭ ‬الإرادة‭ , ‬كما‭ ‬أخبرنا‭ ‬غرامشي‭ .‬

وأحد‭ ‬اساليبنا‭ ‬لتقوية‭ ‬هذه‭ ‬الإرادة‭ ‬هي‭ ‬التعرف‭ ‬وملامسة‭ ‬المشاكل‭ ‬والذي‭ ‬يجعلها‭ ‬العقل‭ ‬بتشاؤمه‭ ‬كبيرة‭ ..‬

ومن‭ ‬مستجدات‭ ‬عصرنا‭ ‬ذات‭ ‬الوتيرة‭ ‬المتسارعة‭ , ‬في‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬يتعلق‭ ‬بالمجال‭ ‬التكنولوجي‭ ‬وخاصة‭ ‬حقل‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ . ‬هذه‭ ‬المستجدات‭ ‬فرضت‭ ‬تأثيرها‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬العام‭ ‬المجتمعي‭ ‬ومستوى‭ ‬الفرد‭ ( ‬الذات‭ ‬الأنسانية‭ ).‬

ولذلك‭ ‬كان‭ ‬لزاما‭ ‬علي‭/‬علينا‭ ‬اختراق‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬الجديد‭. ‬ورغم‭ ‬كوني‭ ‬غير‭ ‬متخصصة‭ ‬فيه‭ ‬علميا‭, ‬وبعيدة‭ ‬نوعا‭ ‬ما‭ ‬عن‭ ‬استحقاقاته‭ (‬الى‭ ‬الان‭ ) .‬

لكن‭ ‬الفلسفة‭ ‬والتي‭ ‬حاصرتني‭ ‬قرابة‭ ‬الاربعة‭ ‬سنوات‭ ‬علمتني‭ ‬أن‭ ‬اي‭ ‬دهشة‭ ,. ‬ما‭ ‬هي‭ ‬إلا‭ ‬بداية‭ ‬لسؤال‭ ‬فلسفي‭ ‬ما‭ . ‬

وأن‭ ‬اي‭ ‬سؤال‭ ‬فلسفي‭ (‬أي‭ ‬سؤال‭ ‬عامةً‭ ) ‬مدعاة‭ ‬للتأمل‭ ‬والتفكير‭ . ‬وكل‭ ‬حل‭ ‬لمشكلة‭ ‬لن‭ ‬يتجاوز‭ ‬هذا‭ . ‬

كتب‭ ‬أرسطو‭ ( ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬كل‭ ‬أداة‭ ‬تقوم‭ ‬بعملها‭ ‬وتطيع‭ ‬إرادة‭ ‬الآخرين‭ , ‬لوكان‭ ‬المكوك‭ ‬ينسج‭ . ‬والريشة‭ ‬تلمس‭ ‬أوتار‭ ‬القيثارة‭ ‬دونما‭ ‬يد‭ ‬ترشدها‭ . ‬فلن‭ ‬يحتاج‭ ‬رؤساء‭ ‬العمل‭ ‬الى‭ ‬مساعدين‭ ‬ولن‭ ‬يلزم‭ ‬للسادة‭ ‬عبيد‭ ).‬

يبشر‭ ‬أرسطو‭ ‬بعين‭ ‬الفكر‭ ‬أن‭ ‬التكنلوجيا‭ ‬ستكون‭ ‬أولا‭ ‬وآخرا‭ ‬أداة‭ ‬عند‭ ‬الأنسان‭ , ‬لتعطيه‭ ‬فسحة‭ ‬من‭ ‬الوقت‭ ‬وراحة‭ ‬للجسد‭ ‬وبديل‭ ‬عن‭ ‬الأشغال‭ ‬الشاقة‭ ‬والعبودية‭ ‬وما‭ ‬في‭ ‬حكمها‭ .‬

الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬في‭ ‬فكرته‭ ‬الشائعة‭ ‬أمر‭ ‬يحاول‭ ‬محاكاة‭ ‬الذكاء‭ ‬البشري‭ , ‬وعندما‭ ‬تحاكي‭ ‬الالة‭ ‬الذكاء‭ ‬البشري‭ ‬فهي‭ ‬تتجاوزه‭ ‬لأنها‭ ‬لا‭ ‬تنسى‭ ‬هي‭ ‬لا‭ ‬تمل‭ ‬ولا‭ ‬تكل‭ ‬وذاكرتها‭ ‬لا‭ ‬نهائية‭ .‬

ولهذا‭ ‬جاء‭ ‬التوجس‭ ‬الأول‭ ‬ولعل‭ ‬الثاني‭ ‬هو‭ ‬فطرة‭ ‬الخوف‮ ‬‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬جديد‭ ‬يستغلق‭ ‬علينا‭ .‬

ولأنني‭ ‬أعرف‭ ‬نفسي‭ ‬أولا‭ ‬وآخراً‭ ‬كقارئة‭ , ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬علي‭ ‬ان‭ ‬أفكر‭ ‬في‭ ‬موضوع‭ ‬آخر‭ ‬أربطه‭ ‬بمساقات‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬أفضل‭ ‬من‭ ‬القراءة‭ (‬خاصة‭ ‬أنه‭ ‬كانت‭ ‬مقاربتي‭ ‬الاولى‭ ‬تتعلق‭ ‬بربطة‭ ‬بالاستطيقا‭ )‬

لن‭ ‬أتحدث‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المقال‭ ‬عن‭ ‬تعقيدات‭ ‬تكنلوجية‭ ‬ولا‭ ‬عن‭ ‬نظريات‭ ‬القراءة‭ ‬والتأويل‭ , ‬بل‭ ‬سنضيئ‭ ‬بقعا‭ ‬هنا‭ ‬وهناك‭ .. ‬ليس‭ ‬لها‭ ‬وظيفة‭ ‬إلا‭ ‬دعوة‭ ‬للتفكير‭ .‬

لن‭ ‬نجد‭ ‬حلولا‭ ‬هنا‭ , ‬بل‭ ‬لعلي‭ ‬سأزيد‭ ‬الاشكاليات‭ , ‬سأحاول‭ ‬أستجلاب‭ ‬المعاني‭ ‬والبحث‭ ‬عنها‭ ‬في‭ ‬الثنايا‭.‬

الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬في‭ ‬تعريفه‭ ‬البسيط‭ ‬هو‭ ‬إدراك‭ ‬المعلومات‭ ‬وتوليفها‭ ‬واسنتاجها‭ ‬بواسطة‭ ‬الاله‭.‬

هو‭ ‬مجموعة‭ ‬من‭ ‬المشكلات‭ ‬التي‭ ‬يتوقع‭ ‬أن‭ ‬تحلها‭ ‬الاله‭, ‬وكلما‭ ‬زاد‭ ‬عدد‭ ‬المشكلات‭ ‬المحلولة‭ ‬بواسطته‭ ‬زادت‭ ‬نسبة‭ ‬ذكاؤه‭ , ‬استناداً‭ ‬على‭ ‬خاصية‭ ‬التعلم‭ ‬الالي‭ .‬

نحن‭ ‬البشر‭ ‬أذكياء‭ ‬مادامت‭ ‬افعالنا‭ ‬تحقق‭ ‬غاياتنا‭ , ‬وذكاء‭ ‬الاله‭ ‬بالتالي‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬الالات‭ ‬ذكية‭ ‬مادامت‭ ‬تستطيع‭ ‬تحقيق‭ ‬غابات‭ ‬محددة‭ ‬يصنعها‭ ‬الأنسان‭ (‬الى‭ ‬الان‭ ) . ‬وذلك‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬محاكاة‭ ‬للذكاء‭ ‬البشري‭ ‬بواسطة‭ ‬البناء‭ ‬المنطقي‭ ‬للبرمجيات‭ ‬والخوارزميات‭ ‬والشبكات‭ ‬العصبية‭ .. ‬الخ

والتوجه‭ ‬الذي‭ ‬يسعى‭ ‬للوصول‭ ‬إليه‭ ‬الان‭ ‬وبفعالية‭ ‬عالية‭ ‬و‭ ‬هدف‭ ‬للكثير‭ ‬من‭ ‬الابحاث‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يعرف‭ ‬بالذكاء‭ ‬العام‭ ‬الاصطناعي‭ , ‬نظام‭ ‬يمكنه‭ ‬التفكير‭ ‬وقادر‭ ‬على‭ ‬تعلم‭ ‬مهام‭ ‬جديدة‭ .‬

تعلم‭ ‬الالة‭ ‬هي‭ ‬العملية‭ ‬التي‭ ‬تخضع‭ ‬لها‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬لاكتساب‭ ‬المعرفة‭ , ‬والقدرة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬البيانات‭ ‬وميكانزم‭ ‬معين‭ ( ‬تكون‭ ‬في‭ ‬أطر‭ ‬زمنية‭ ‬أقصر‭ ‬بكثير‭ ‬جدا‭ ‬من‭ ‬عمليات‭ ‬تعلم‭ ‬البشر‭ ) ‬على‭ ‬التعلم‭ ‬المستمر‭ , ‬فهو‭ ‬ذكاء‭ ‬حفظي‭ .‬

إن‭ ‬شركات‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬في‭ ‬وادي‭ ‬السيلكون‭ . ‬غزغل‭ .‬امازون‭ . ‬فيسبوك‭ . ‬آبل‭ ‬قادت‭ ‬التطور‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬المجال‭ ‬بإستثمار‭ ‬المليارات‭ ‬فيه‭ ‬وتحديدا‭ ‬في‭ ‬تحصيل‭ ‬الكميات‭ ‬الهائلة‭ ‬من‭ ‬البيانات‭.‬

لقد‭ ‬غير‭ ‬العالم‭ ‬الرقمي‭ ‬تجربتنا‭ ‬للحياة‭ ‬اليومية‭ , ‬نحن‭ ‬الان‭ ‬بوعي‭ ‬منا‭ ‬أو‭ ‬بدزنه‭ ‬نستخدم‭ ‬هذه‭ ‬الاداة‭ , ‬بل‭ ‬ايضا‮ ‬‭ ‬نحن‭ ‬جزء‭ ‬من‭ ‬تطورها‭ ‬بسبب‭ ‬ما‭ ‬نبثه‭ ‬فيها‭ ‬من‭ ‬بيانات‭ .‬

وهنا‭ ‬اتفق‭ ‬مع‮ ‬‭ ‬ستانلي‭ ‬كوبرك‭ ‬حين‭ ‬قال‭ ( ‬لا‭ ‬يجدر‭ ‬بنا‭ ‬القلق‭ ‬كثيرا‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬يصبح‭ ‬الحاسوب‭ ‬مثلنا‭ ‬ولكن‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نقلق‭ ‬مما‭ ‬إذا‭ ‬كنا‭ ‬سنصبح‭ ‬مثله‭ ‬‭).‬

ومن‭ ‬أكثر‭ ‬الاشياء‭ ‬توحدا‭ ‬مع‭ ‬ذواتنا‭ ‬هي‭ ‬القراءة‭ .. ‬القراءة‭ ‬تؤثر‭ ‬على‭ ‬الصدع‭ ‬الايسر‭ ‬من‭ ‬الدماغ‭ ‬المنطقة‭ ‬المرتبطة‭ ‬باللغة‭ ‬والاحساس‭ . ‬وتحفز‭ ‬عمل‭ ‬الخلايا‭ ‬بما‭ ‬يعرف‭ ‬بعملية‭ ‬الادراك‭ ‬المتجسد‭ .. ‬وقد‭ ‬يكون‭ ‬الحديث‭ ‬عن‭ ‬القراءة‭ ‬لمحبيها‭ ‬نوع‭ ‬من‭ ‬الغناء‭ ‬يُطرب‭ ‬ليَطربْ‭ .‬

إن‭ ‬القراءة‭ ‬ليست‭ ‬طِبعةَ‭ ‬في‭ ‬الانسان‭ ‬ولا‭ ‬فطره‭ . ‬لكنها‭ ‬–‭ ‬الى‭ ‬حد‭ ‬ما‭ ‬–‭ ‬اختراع‭ ‬ثقافي‭ ‬غير‭ ‬طبعي‭ ‬بالكاد‭ ‬مضى‭ ‬على‭ ‬وجوده‭ ‬ستة‭ ‬آلاف‭ ‬سنة‭ .‬

القراءة‭ ‬فعل‭ ‬تأملي‭ .. ‬يقاوم‭ ‬شرود‭ ‬الذهن‭ .. ‬فهناك‭ ‬طبيعة‭ ‬توليدية‭ ‬عميقة‭ ‬للغة‭ ‬المكتوبة‭ ‬لأفكار‭ ‬جديدة‮ ‬‭ ‬’‭ ‬ويتمثل‭ ‬فعل‭ ‬القراءة‭ ‬في‭ ‬قدرة‭ ‬الدماغ‭ ‬الاعجازية‭ ‬على‭ ‬الذهاب‭ ‬الى‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬أبعد‭ ‬من‭ ‬قدراته‭ ‬الأصلية‭ ‬المبرمجة‭ ‬وراثيا‭ ‬مثل‭ ‬الرؤية‭ ‬واللغة‭ .‬

كما‭ ‬ان‭ ‬تبني‭ ‬منظور‭ ‬الاخرين‭ ‬ومشاعرهم‭ ‬والشعور‭ ‬بالتعاطف‭ ‬يعد‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬إسهامات‭ ‬عملية‭ ‬القراءة‭ ‬العميقة‭.‬وان‭ ‬تكزن‭ ‬شخص‭ ‬آخر‭ ‬لديه‭ ‬تطلعات‭ ‬وشكوك‭ ‬وعواطف‭ ‬ربما‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬لتختبرها‭ ‬ابدا‭ , ‬إنها‭ ‬نعمة‭ ‬لا‭ ‬تقدر‭ ‬بثمن‭ .‬

إن‭ ‬ما‭ ‬يهمنا‭ ‬أو‭ ‬ما‭ ‬يجعل‭ ‬تجربة‭ ‬القراءة‭ ‬جيدة‮ ‬‭ ‬هو‭ ‬ما‭ ‬يعرف‭ ‬بالقراءة‭ ‬المعمقة‭ ‬بالفهم‭ ‬والاندماج‭ .‬

فهل‭ ‬سيؤدي‭ ‬الجمع‭ ‬بين‭ ‬القراءة‭ ‬بإستخدام‭ ‬الاشكال‭ ‬الرقمية‭ ‬والانهماك‭ ‬اليومي‭ ‬في‭ ‬مجموعة‭ ‬متنوعة‭ ‬من‭ ‬التجارب‭ ‬الرقمية‭ ‬الي‭ ‬الحيلولة‭ ‬دون‭ ‬تشكل‭ ‬العمليات‭ ‬المعرفية‭ ‬البطيئة‭ ‬مثل‭ ‬التفكير‭ ‬النقدي‭ ‬والخيال‭ ‬والتعاطف‭ .‬

يقول‭ ‬هايدجر‭( ‬اولى‭ ‬الخطوات‭ ‬هي‭ ‬فتح‭ ‬الباب‭ , ‬ومن‭ ‬ثم‭ ‬نمضي‭ ‬الى‭ ‬ما‭ ‬هو‭ ‬ابعد‭ ‬من‭ ‬ذلك‭ ‬والفهم‭ ‬شكل‭ ‬من‭ ‬أشكال‭ ‬الاكتشاف‭ )‬

يمثل‭ ‬الفكر‭ ‬لنقدي‭ ‬للدماغ‭ ‬مجمعا‭ ‬كاملاً‭ ‬لعمليات‭ ‬المنهج‭ ‬العلمي‭ ‬إذ‭ ‬يجمع‭ ‬محتوى‭ ‬النص‭ ‬مع‭ ‬معلوماتنا‭ ‬الاساسية‭ ‬من‭ ‬قياس‭ ‬واستدلال‭ , ‬استقراءواستنتاج‭ ‬ثم‭ ‬يستخدم‭ ‬هذه‭ ‬التوليفة‭ ‬لتقييم‭ ‬افتراضات‭ ‬الكتاب‭ ‬وتفسيراته‭ ‬واستنتاجاته‭ ‬الاساسية‭ .‬

واعتقد‭ ‬أن‭ ‬التفكير‭ ‬النقدي‭ ‬هو‭ ‬أحد‭ ‬أهم‭ ‬السبل‭ ‬للتحصين‭ ‬من‭ ‬خوف‭ ‬التسطيح‭ ‬والتضليل‭ ‬الذي‭ ‬نتعرض‭ ‬له‭ ‬زاعمين‭ ‬بوجود‭ ‬التكنلوجيا‭ .‬

لكن‭ ‬ماذا‭ ‬لو‭ ‬كانت‭ ‬قدرتنا‭ ‬على‭ ‬الادراك‭ ‬تتناقص‭ ‬فعلا‭ ‬ونحن‭ ‬نواجه‭ ‬سيلاً‭ ‬متدفقا‭ ‬من‭ ‬المعلومات‭ .. ‬ماذا‭ ‬لو‭ ‬اصبحنا‭ ‬مدمنين‭ ‬فعليا‭ ‬على‭ ‬التحفيز‭ ‬الحسي‭ ‬الحاد‭ .‬

هذه‭ ‬وللشاشة‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاتها‭ ‬سلطة‭ ‬اقوى‭ ‬من‭ ‬سلطة‭ ‬العين‭ ‬وبالتالي‭ ‬الذهن‭ ‬هو‭ ‬الذي‭ ‬يقرأ‭ ‬ويؤول‭ ‬احيانا‭ ‬لدرجة‭ ‬أنه‭ ‬قد‭ ‬يرى‭ ‬كلاك‭ ‬غير‭ ‬مكتوب‭ .‬

أخشى‭ ‬أن‭ ‬نكون‭ ‬اقرب‭ ‬لتجريد‭ ‬الافكار‭ ‬المعقدة‭ . ‬أو‭ ‬ان‭ ‬نقرأ‭ ‬ما‭ ‬تفرضه‭ ‬علينا‭ ‬الحدود‭ ‬أو‭ ‬الكلمات‭ ‬المسموح‭ ‬بها‭ ‬كعدد‭ .. ‬

عندما‭ ‬نتكلم‭ ‬عن‭ ‬فعل‭ ‬القراءة‭ ‬ونربطه‭ ‬ب‭ ‬AI‭ ‬هناك‭ ‬ثلاث‭ ‬مستويات‭ ‬أو‭ ‬اتجاهات‭ :‬

1-‭ ‬أن‭ ‬نقرأ‭ ‬بواسطة‭ ‬الاجهزة‭ ‬الالكترونية

2-‭ ‬أن‭ ‬نقرأ‭ ‬بواسطتها‭ ‬لكن‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تدخل‭ ‬الذكاء‭ ‬الاستطناعي‭ ‬بشطل‭ ‬أكثر‭ ‬تطورا‭ (‬كان‭ ‬يلخص‭ ‬ويحلل‭ ‬ويترجم‭ ‬وحتى‭ ‬يقترح‭ ‬علينا‭ ‬كتب‭ ‬ومقالات‭ ‬مشابهة‭ )‬

3-‭ ‬أن‭ ‬نقرأ‭ ‬ما‭ ‬كتبه‭ ‬الذكاء‭ ‬الاطناعي‭ ‬بنفسه‭ .‬

وهذه‭ ‬الاخيرة‭ ‬تستخدم‭ ‬تحليل‭ ‬البيانات‭ ‬والمعلومات‭ ‬المدخلة‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬وتركيبها‭ ‬بشكل‭ ‬محتوى‭ ‬مكتوب‭ ‬لا‭ ‬تخلوا‭ ‬من‭ ‬مزايا‭ :‬

1-‭ ‬السرعة‭ ‬الفائقة‭ (‬والتي‭ ‬بدورها‭ ‬تحسن‭ ‬المحتوى‭ ‬لانها‭ ‬نتعلم‭ ‬منها‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مرة‭ )‬

2-‭ ‬التقليل‭ ‬من‭ ‬الاخطاء‭ ‬الاملائية‭ ‬والنحوية‭ .‬

3-‭ ‬تقلقل‭ ‬تكاليف‭ ‬الكتابة‭ ‬والتحرير‭ (‬خاصة‭ ‬في‭ ‬المقالات‭ ‬اليومية‭ )‬

4-‭ ‬تسهيل‭ ‬وصول‭ ‬المعرفة‭ ‬لذوي‭ ‬الاحتياجات‭ ‬الخاصة‭ ( ‬تحويل‭ ‬النص‭ ‬لصوت‭ ‬مثلا‭)‬

وعيوبه‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬جلي‭ :‬

1-‭ ‬تحديات‭ ‬الاصالة‭ ‬والابداع

2-انتهاك‭ ‬حقوق‭ ‬النشر

3-‭ ‬التحيزات‭ ‬الخاطئة‭ ‬والمغلوطة‭ ‬في‭ ‬إدخال‭ ‬البيانات‭ ‬المعتمد‭ ‬عليها‭ ‬في‭ ‬توليد‭ ‬النص‭ . ‬

قبل‭ ‬الخاتمة‭ ‬سأعرض‭ ‬أهم‭ ‬جزء‭ ‬وهو‭ ‬الأسئلة‭ ‬التي‭ ‬ازهرت‭ ‬

1-‭ ‬أين‭ ‬نحن‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬التطور؟

2-‭ ‬كيف‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬يحوز‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬فكرة‭ ‬التأمل‭ ‬التي‭ ‬تؤدي‭ ‬الى‭ ‬التخيل‭ ‬الابداعي‭ ‬؟

3-‭ ‬التعرض‭ ‬الدائم‭ ‬لمنتجات‭ ‬ال‭ ‬AI‭ ‬هل‭ ‬سيؤثر‭ ‬على‭ ‬منظورنا‭ ‬للحكم‭ ‬الجمالي‭ ‬؟

4-‭ ‬هل‭ ‬سيفرض‭ ‬علينا‭ ‬تماشيا‭ ‬مع‭ ‬العصر‭ ‬تغيير‭ ‬في‭ ‬اللغة‭ ‬؟

5-‭ ‬تسميته‭ ( ‬بالذكاء‭ ) ‬آلا‭ ‬تفرض‭ ‬علينا‭ ‬دلالة‭ ‬معينة‭ , ‬توجه‭ ‬تفكيرنا‭ ‬فيه‭ ‬وبالتالي‭ ‬الحكم‭ ‬عليه‭ ‬؟

6-‭ ‬هل‭ ‬ستظل‭ ‬هناك‭ ‬قراءة‭ ‬حرة‭ .‬

7-‭ ‬ماذا‭ ‬عن‭ ‬المشاع‭ ‬في‭ ‬الوصول‭ ‬والديمقراطية‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬الكل‭ ‬يشترك‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬الكتابة‭ ‬والنقد‭ .‬

8-‭ ‬باب‭ ‬الاخلاقيات‭ ‬ومنها‭ ‬التحيز‭ ‬في‭ ‬ادخال‭ ‬البيانات‭ ‬–‭ ‬حقوق‭ ‬الملكية‭ ‬–‭ ‬التعدي‭ ‬على‭ ‬مميزات‭ ‬الانسانية‭ . ‬

ما‭ ‬الذي‭ ‬يهم‭ ‬أكثر‭ ‬تجربة‭ ‬القراءة‭ ‬في‭ ‬حد‭ ‬ذاتها‭ ( ‬في‭ ‬الاثناء‭ ) ‬أم‭ ‬مردودها‭ .. ‬وإذا‭ ‬أجبرنا‭ ‬على‭ ‬المفاضلة‭ ‬ماذا‭ ‬نختار‭ .. ‬أم‭ ‬أن‭ ‬استخلاص‭ ‬المعنى‭ ‬يتطلب‭ ‬كلاهما‭ .‬

هل‭ ‬فكرنا‭ ‬في‭ ‬الوظائف‭ ‬الجديدة‭ ‬التي‭ ‬ستخلق‭ ‬مقابلة‭ ‬بالوظائف‭ ‬التي‭ ‬نخاف‭ ‬أن‭ ‬ينهيها‭ ‬استخدام‭ ‬الAI‭, ‬وهل‭ ‬سنصل‭ ‬لمرحلة‭ ‬أن‭ ‬نفضل‭ ‬قراءة‭ ‬ما‭ ‬يكتبه‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬لأننا‭ ‬لم‭ ‬نعد‭ ‬نكتب‭ ‬الا‭ ‬تماشيا‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬يكتبه‭ ‬أم‭ ‬العكس‭ .‬

ختاما‭ ‬التوازن‭ ‬بين‭ ‬قيمة‭ ‬الكتابة‭ ‬كفن‭ ‬واستغلال‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬لتحسين‭ ‬وتطوير‭ ‬هذه‭ ‬المهارة‭ ‬وضرورة‭ ‬تكيف‭ ‬عادات‭ ‬القراءة‭ ‬الفردية‭ ‬الحديثة‭ ‬مع‭ ‬تغير‭ ‬ملكة‭ ‬النقد‭ .. ‬هو‭ ‬خطوتنا‭ ‬للمواجهة‭ ..‬

والاهم‭ ‬ان‭ ‬نستحي‭ ‬من‭ ‬كوننا‭ ‬مستهلكين‭ ‬لكل‭ ‬هذا‭ ‬واننتج‭ ‬شئ‭ ‬بالعلم‭ .‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى