باستضافة من جهاز إدارة المدينة القديمة طرابلس والجمعية الليبية للآداب والفنون وضمن موسمها الثقافي لعام 2024 نظمت محاضرة ألقاها الأستاذ أحمد دعوب الباحث في التراث وتوثيقه بعنوان جمع وأرشفة وتوثيق التراث الغنائي الليبي طموح وآفاق وذلك مساء الثلاثاء الماضي بقاعة عبدالمنعم بن ناجي في دار حسن الفقيه حسن قدم المحاضرة وأدار حلقة النقاش بعدها الأستاذ القانوني مفتاح قناو بحضور جيد من النخب الأدبية والصحفيين المهتمين بالشأن الفني والثقافي وكل من هو مهتم بتوثيق التراث اللامادي وأرشفته بمختلف الأعمار…
دعوب الثراث ليس آصوات فهو مرآة لتاريخنا
تناول الباحث عدة محاور خاصة بأرشفة وتوثيق التراث الموسيقي الليبي بداية من قرار تأسيس المركز القومي لبحوث ودراسات الموسيقى العربية عام 1983 أهدافه والمهام المنوط بها والغرض من افتتاحه..
ثم أشار دعوب إلى أن صحوة التوثيق جاءت متأخرة بعض الشيء في ليبيا مقارنة بالدول العربية الأخرى مثل )مصر وسوريا( في مٍسألة توثيق وأرشفة التراث.
وأضاف أن من نتائج تأخرنا نتج حالة من الفوضى التخبط في تناول المعلومة ومصداقيتها وأرجع أسباب هذا القصور إلى تقاعس مؤسسات الدولة عن تحمل كافة مسؤولياتها تجاه هذا الأمر و ان جل محاولات توثيق و تدوين و أرشفة التراث اللامادي الليبي هي محاولات فردية بعيدا عن مؤسسات الدولة المعنية بذلك..
كما أكد الباحث على فكرة صعوبة تحديد الهوية الثقافية الأصلية لأي عمل فني تراثي، وذلك بسبب تداخل التأثيرات الثقافية عبر الزمن ويشدد في ذلك على أهمية وجود الوثائق الدامغة في تحديد أصول الأعمال التراثية رغم صعوبتها نتيجة للإهمال وعدم التدوين واستدل دعوب بأغنية )ريت النجمة( نتيجة للجدل الحاصل حولها نموذجًا لفكرة تداخل التراث بين ليبيا و تونس و أيضاً عرج على التداخل الحاصل بين ليبيا والجزائر من خلال )البوقالة( الطرابلسية نتيجة للهجرات والتنقل.
تحدث الأستاذ أحمد دعوب على مواضيع مختلفة ومهمة فيما يخص التراث الغنائي الليبي ودعم حديثه وشرحه بصور وتسجيلات صوتية نادرة لفن المالوف والموشحات والمدائح النبوية والأذكار في الزوايا الصوفية ومشايخها الاوائل ثم عرج على فن الزمزامات في طرابلس ومنها للأعمال الكلاسيكية والفن الغنائي في عموم ليبيا من الوسط والشرق والجنوب.
في الختام أكد دعوب أن مشروع توثيق التراث الموسيقي والغنائي الليبي يمثل أولوية وطنية؛ فهو يعكس هويتنا الثقافية الفنية والتاريخية على الرغم من الجهود الفردية المتواصلة، إلا أن هذا المشروع لم يلقَ الدعم الكافي لاستكماله ويعود ذلك في المقام الأول إلى غياب الوعي المؤسساتي والوعي المجتمعي بأهمية هذا التراث ودوره في بناء مجتمعنا؛ فالتراث الموسيقي ليس مجرد أصوات وألحان، بل هو مرآة تعكس تاريخنا وحضارتنا، وفقدانه يعني فقدان جزء من هويتنا.
إن توثيق هذا التراث ليس مجرد جمع للتسجيلات الصوتية، بل يتطلب جهودًا متكاملة ومتضافرة من الأفراد و المؤسسات والدولة تشمل البحث والدراسة والتحليل، وتطوير آليات للحفاظ على هذه التسجيلات وتوفيرها للأجيال القادمة.