ثقافة

رمادي ..

في ساعة متأخرة من الليل، ما بين الصحو والغفوة تراءى الرجل وأحتل شاشة الحاسوب أمامي، قمتُ بإزالة الشريط اللاصق الذي وضعته أمي على الكاميرا وأنا أرتدي منامتي القطنية ذات اللون الزهري الفاتح، كان يرتدي قميصاً رمادي أزرق اللون باهتاً هفهافاً، رماديته تميل إلى اللون الأزرق، نسبة الزرقة في قميصه كانت كبيرة، مزيجاً ما بين اللونين، ألوان هادئة عذبة شكلت لوحة زيتية تصدرت المشهد خلفه تماماً، اللوحة المعلقة خلف مكتبه لا تتنافر مع أناقة ملابسه ولون شعره الفضي اللامع.

فجأة غمر المكان ضياءُ شديد، في الثانية الأولى من فتح الكاميرا بينما تلاحقتْ أنفاسه لاهثة مرتعشة سخية، سمعتُ ذلك بوضوح عبر لاقط الصوت الدقيق، ماذا لو خفف من ضوء الغرفة قليلاً حتى أتبين ملامحه؟

أخذ يفرط في الضوء حتى تختفي التجاعيد الكثيرة ولا أميز لون بشرته، في الثواني المتلاحقة بعد ذلك صار بوسعي سماع صوت صراخ زوجته، صوت صرير الأبواب والملاعق وارتطام صحون كثيرة على الأرض ثم تناهى إلى صوت عويل أطفاله، تدارك الأمر في الثانية المنسابة خلف العويل، ووقف ثم غادر المكان، هنا احتلت الصورة شعار موقع التواصل الاجتماعي المجال أمامي وأخذ الكرسي الهزاز يتأرجح دون الرجل.

خلال الثانية ما قبل الأخيرة، تلاشت الأصوات وساد الصمت، بعد عدة ثوان من الجلوس كانت الصورة الزيتية المعلقة أمامي بارزة تحتل الخلفية والكاميرا غير ثابتة و كان كل شيء قد أنتهى..

 

  خيرية فتحي عبد الجليل

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى