رأي

ضحكة الإبريق على رصفة

معمر الزايدي

قول‭ ‬شعبي‭ ‬مأثور‭ ‬به‭ ‬من‭ ‬الدلالات‭ ‬مابه‭ ‬من‭ ‬تصوير‭ ‬لحالة‭ ‬قد‭ ‬لاتكون‭ ‬طبيعية‭ ‬ومأمولة‭ ‬بقدر‭ ‬ماهي‭ ‬عجيبة‭ ‬ومتوقعة‭ ‬وكذلك‭ ‬شاذة‭ ‬عن‭ ‬القاعدة‭ ‬الطبيعية‭ ‬للضحك‭ ‬بإعتباره‭ ‬تعبيراً‭ ‬عن‭ ‬السعادة‭ ‬والفرح‭ .‬

مانعيشه‭ ‬يومياً‭ ‬في‭ ‬حياتنا‭ ‬هو‭ ‬روتين‭ ‬متداول‭ ‬معروفة‭ ‬بداياته‭ ‬كماهي‭ ‬متوقعة‭ ‬نهاياته‭ . ‬روتين‭ ‬متواصل‭ ‬مسكون‭ ‬بضرورة‭ ‬الحراك‭ ‬اليومي‭ ‬من‭ ‬توفير‭ ‬متطلباتنا‭ ‬ومستلزماتنا‭ ‬أو‭ ‬هكذا‭ ‬نعتقد‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ .‬

والإبريق‭ ‬أو‭ ‬باللهجة‭ ‬الدارجة‭ ‬المحلية‭ (‬لبريق‭) ‬هو‭ ‬إنا‭ ‬من‭ ‬الفخار‭ ‬يستعمل‭ ‬لشرب‭ ‬الماء‭ ‬أو‭ ‬لسكبه‭ ‬في‭ ‬أثناء‭ ‬غسل‭ ‬اليدين‭ ‬أو‭ ‬الوجه‭ ‬ولاأعتقد‭ ‬أن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬لايعرف‭ ‬شكل‭ ‬الإبريق‭ ‬حتى‭ ‬نضطر‭ ‬لوصفه‭ ‬مورفولوجياً‭ . ‬مهمته‭ ‬الأساسية‭ ‬هي‭ ‬الماء‭ ‬ولأن‭ ‬الماء‭ ‬أساس‭ ‬الحياة‭ ‬فهو‭ ‬بحتوي‭ ‬على‭ ‬مامن‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يحافظ‭ ‬على‭ ‬الحياة‭ ‬فهو‭ ‬بذلك‭ ‬مفعم‭ ‬بالحياة‭ ‬وإن‭ ‬كان‭ ‬جماداً‭ ‬لايحرك‭ ‬ساكناً‭ . ‬

ماشدني‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬القول‭ ‬المأثور‭ ‬هو‭ ‬الصورة‭ ‬الصادمة‭ ‬لبداية‭ ‬لم‭ ‬تكتمل‭ ‬لسعادة‭ ‬لاتبين‭ ‬وفرح‭ ‬وئد‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬يلد‭ .. ‬حتى‭ ‬لكأنه‭ ‬يبدو‭ ‬كمولود‭ ‬ولدته‭ ‬أمه‭ ‬ميتاًفلا‭ ‬تعرف‭ ‬هل‭ ‬تفرح‭ ‬لولادته‭ ‬أم‭ ‬تحزن‭ ‬لموته‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الغالب‭ ‬هو‭ ‬الحزن‭ .. ‬كونه‭ ‬آخر‭ ‬المستجدات‭ ‬ومذاقه‭ ‬يعكس‭ ‬مذاق‭ ‬الفرح‭ ‬ويحيله‭ ‬إلى‭ ‬ترح‭ ‬وحزن‭ .‬

ضحكة‭ ‬الابريق‭ ‬على‭ ‬رصفة‭ ‬تأخذ‭ ‬في‭ ‬صياغتها‭ ‬شكل‭ ‬الدعاء‭ ‬أو‭ ‬التمنى‭ ‬واستدعاء‭ ‬الصدمة‭ ‬التي‭ ‬تشفي‭ ‬الغليل‭ ‬بشكل‭ ‬موارب‭ ‬وغير‭ ‬واضح‭ ‬وهي‭ ‬تستعمل‭ ‬غالباً‭ ‬عندما‭ ‬يكون‭ ‬قد‭ ‬أثخنك‭ ‬بالضحك‭ ‬السمج‭ ‬غير‭ ‬المستحب‭ ‬مع‭ ‬كونه‭ ‬لاتطيقه‭ ‬فتجيبه‭ ‬الى‭ ‬ضحكه‭ ‬بقولك‭ ‬ضحكة‭ ‬الابريق‭ ‬على‭ ‬رصفة‭ ‬والرصفة‭ ‬هنا‭ ‬هي‭ ‬الصخرة‭ ‬الصلدة‭ ‬أو‭ ‬الصوان‭ ‬الصلب‭ ‬المتجذر‭ ‬في‭ ‬الأرض‭ ‬عند‭ ‬حفرها‭ .‬

وهناك‭ ‬دلالات‭ ‬كثر‭ ‬على‭ ‬معان‭ ‬مختلفة‭ ‬في‭ ‬هذا‭ ‬القول‭ ‬المأثور‭ ‬منها‭ ‬مايفيد‭ ‬الأسف‭ ‬على‭ ‬حالة‭ ‬مرتجاة‭ ‬لم‭ ‬تتحقق‭ ‬ومنها‭ ‬مايدل‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬النمط‭ ‬لايتوافق‭ ‬مع‭ ‬مانحاول‭ ‬إسباغه‭ ‬عليه‭ ‬كقولنا‭ ‬في‭ ‬نفس‭ ‬المعنى‭ ‬ضحك‭ ‬الجمل‭ ‬مرة‭ ‬إنشرك‭ ‬شاربه‭ ‬في‭ ‬قياس‭ ‬مالايمكن‭ ‬ولايتأتي‭ ‬لإستحالته‭. ‬بسبب‭ ‬طبيعة‭ ‬تكوين‭ ‬الأشياء‭ ‬وأضدادها‭ .‬

وهذا‭ ‬فعلا‭ ‬مانعيشه‭ ‬في‭ ‬يومياتنا‭ ‬فكم‭ ‬ضحكنا‭ ‬على‭ ‬أرصفة‭ ‬هشمتنا‭ ‬وكم‭ ‬مرة‭ ‬ضحكنا‭ ‬فتمزقت‭ ‬أشداقنا‭ ‬ونحن‭ ‬يومياً‭ ‬نعيد‭ ‬ونكرر‭ ‬تلك‭ ‬الحالة‭ ‬العبثية‭ ‬دونما‭ ‬كلل‭ ‬أو‭ ‬ملل‭ .‬

ضحكة‭ ‬لبريق‭ ‬على‭ ‬رصفة‭ .‬

حالة‭ ‬عامة‭ ‬لشعب‭ ‬مسكون‭ ‬بالحياة‭ .. ‬حاول‭ ‬الضحك‭ ‬فكانت‭ ‬الرصفة‭ ‬وتهشم‭ ‬كمت‭ ‬الإبريق‭ ..‬

فكيف‭ ‬سنعيد‭ ‬ترميم‭ ‬هذا‭ ‬الإبريق‭ ‬وكم‭ ‬من‭ ‬الوقت‭ ‬سيستغرق‭ ‬ذلك‭ ‬وماذا‭ ‬بشأن‭ ‬الماء‭ ‬المنسكب‭ .‬؟؟‭!‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى