رأي

عادة قاتلة

صالح قادربوه

 

جدارية

عادات كثيرة يمكن فهمها، ولمس أفق خيرها أو خطرها. لكن هناك عادة واحدة تجمع الشرور جميعًا؛ تجعل الأمل الذي يتبرعم هشيماً، والسلسبيل كدراً، والفرح صرخة عويل، والمأمن فرجة الطعنة، حتى يتحول كل شيء إلى لا شيء، والتماسك تشظياً متوالياً.

هي إشاعة الكراهية، التي صارت طقساً عاماً يومياً في مجتمعنا، تفتح الأفواه فتقذف بها من أخ نحو أخيه، ومن جزء من الوطن تجاه جزء آخر، باب كبير مشرع على التمييز، والقتل، والحرب، والهلاك، والضغينة الدائمة.

ينادي طامح إلى إبادة خصومه فيلتحق بندائه المروجون من مشيعي رغبة التشفي والغلبة بالعنف، وتتنادى لذلك الأبواق والأقلام والمنابر، فيهجم القطيع الهادر إلى مذبح الخصوم، وإلى مسلخه.

إن المشقة هي في كبح هذه الرغبة الوحشية في إلحاق الأذى بالغير، وهي بطولة تمثل الرقي الذي تحدثت عنه الحضارة، ووصلت إليه بعض الأمم، بينما سقطت أمم جعلت هذه العادة طبعها وطابعها إلى الهاوية .. والمرعب أن هذه العادة تصدر معظم الوقت عن عدم تثبت، وعن اختلاق وتزييف، فيتحقق الجانب الأسطوري من تحويل فكرة غير حقيقية إلى حقيقة دامغة طالما تتوجه للهوى الشخصي وتلعب على وتر التفوق الذاتي أو العائلي أو الفئوي أو العرقي أو الأيديولوجي.

قد تقلع عن التدخين، والنَّوم متأخرًا، ورفع صوت الموسيقى في السيارة وسط حي هاديء، وعن إدمان السكاكر، والثرثرة وربط ذيول القطط، والعفس على ظلال الطيور، لكن قرارك بالتوقف عن الإشاعة وعن تبني كراهية الآخرين هو ما يكسبك الشرف.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى