محطة
في عام 1963 ظهرت امرأة على صفحة بجريدة (مانزفيلد) وهي تحمل قطعة إلكترونية بحجم كفة اليد..وقالت سوف يكون معك هاتف في المستقبل تستطيع حمله في جيبك..ربما وقتها كان خبرًا عاديًا..مثلما اليوم الذكاء الاصطناعي لا يثير الكثير من الإنتباه المستحق..ولا أعني صنَّاع القرار..رغم أنه في السنوات الأخيرة قد غاب علينا بداية تغلغله في مفاصل العالم..وما يهمنا حاليًا إنه على وشك ظهور زميل مساعد للكاتب والصحفي والمعلم والطالب..فشركة (قوقل) تعمل على تطوير أداة ذكاء اصطناعي جديدة تسمى (جينيسيس) تساعد أي شخص على جمع المعلومات بوفرة..مثل تفاصيل الأحداث الجارية في مختلف المجالات ومن ثم يمكن تحرير خبر أو صياغة نص أو دراسة جدوى أو حتى إعداد مشروع تخرج في ثواني..بمعنى آخر وداعا لكتابة المواضيع الطويلة والتحليلات والاستبيانات والاستقصاءات..وكمثال نحن نعلم ان كتابة المقالات الصوتية والمرئية تحتاج وقتا طويلا..ويمكن توفير هذا الوقت باستخدام تحويل الصوت إلى نص وبالتالي يستفيد المهتم من ذلك بالتركيز على استخلاص الأفكار وتبادل وجهات النظر مع الشاشة أمامه..اذن وداعا عن قريب للمهام المملة والمتكررة والمستهلكة للزمن..وفي النهاية من المفترض أن الإنسان هو من يقرر المطلوب من الذكاء الاصطناعي للقيام به..وتحديد المشكلة التي تمكن الاختراع من المساعدة في حلها..وليس نسخ لصق لآراء ومسلمات الأجهزة الرقمية..
و عمليا منذ بضع سنوات كما ورد في خبر خلال استعانتي مؤخرا بمحرك البحث قوقل..تمكنت وكالة (اسوشيتيد برس) من زيادة تغطية التقارير الفعلية لأرباح الشركات إلى 4400 قصة بعدما كانت 300 فقط بفضل الذكاءالاصطناعي..وتستعين صحيفة (واشنطن بوست) بروبوت مراسل استطاع إنتاج أكثر من 800 تقرير صحفي حول الألعاب الأولمبية الصيفية..وتبني شركة (رويترز) الإخبارية أدوات الذكاء الاصطناعي الخاصة بها بنفسها..بينما تشتري وكالات اخبارية أخرى الأدوات من الشركات الناشئة والبائعين في السوق المفتوحة ويتعامل البعض الآخر مع مؤسسات بحثية واكاديمية بهدف تطوير الأدوات المطلوبة..
من جهة أخرى هناك تخوف فعلي من ان يحل الذكاء الاصطناعي محل الإبداع والخيال البشري..لكن الأدباء والكتّاب والشعراء والاعلاميين والصحفيين يمكنهم التفوق على التقنية كلما اتحد الحدس والتجربة والخبرة داخل بوتقة الروح والمشاعر..وكنتيجة لا بأس من الاستعانة بالمعلومات من الآلة..اي الآلة في خدمة الإنسان وليس الاخير في خدمة الآلة..بمعنى آخر الذكاء الاصطناعي يساعد صناع المحتوى على فهم ما يريده الجمهور..في حين ليس كل الجمهور مطالب بالإهتمام بقلم رصاص مبدع..محاه الكيبورد..