رأي

الدولة التي نريد

هاشم شليق

محطة

بكل موضوعية ولكونها من سنن ثورات التاريخ تشهد فبراير انعطافات مفصلية دون كلل أو ملل بغية تموضع الحرية في الأمام والدولة أمام الأمام..ويظل اجترار الماضي في كل نقاش نوعا من ترف الصالونات الفكرية حيث الغلبة مرارا لثقافة الإقصاء..فما يمكث على الأرض هو تقرير أين توقفنا آخر مرة  وأي مكان سوف تطأه اقدامنا بعد حين..

في ليبيا يعيش جمهور منا رفقة التساؤل هل اخلفنا الموعد مع التغيير؟!..وهنا ليس لنا بديهيا أن نستعجل تلك الصيرورة فكل الثورات تمر بمراحل مخاض وإن طال المسير..بينما يسأل حشد آخر هل كان لابد لما حصل من انفجار للبركان أن يحدث؟!..الرد يكون بإستفهام يفرضه الواقع شريطة عدم الالتفات للوراء فالقطار من يومه لا يسير إلى الخلف..وهو إلى أي مدى يمكن المضي مع درء السيناريوهات التراجيدية طوال سنوات فبراير والتي اكتنفتها محاولات تفريغها لإعادة المارد إلى القمقم وكذا الالتفاف عليها بنوايا خطف الحراك الثوري وارجاعه إلى النقطة الصفر..لكن تظل الإجابة بنعم فقد كان لابد من إنجاز الثورة ويتبقى الإلحاح اليوم على إتمام المهمة وليس الإبتعاد رغم الموروث الثقيل قبل وخلال المسيرة..وفي ظل ثورة مضادة قد أطلت برأسها منذ زمن ليس بقريب..

نعلم إنه حاليا يتشكل أغلب المزاج العام بتذبذب الحماس وترمومترية التفاؤل..في وسط ثقافة ليست بالضرورة أن يكون مجملها وعيا وطنيا أو ثوريا..فهناك دائما تجاذبات لكن يكمن الخطر في تشظية تيار فبراير مما يستدعي ضرورة البحث عن القاسم المشترك للجلوس حول طاولة المصالحة الوطنية بهدف النزول بكل ثقل على خارطة التوازنات الإقليمية والدولية..ذلك هو الرهان المتبقي بعد أن وجدنا متنفسا ومساحة للتعبير وإن حدث سجال يطالب بتصحيح المسار فهو حق طبيعي للأحرار والحرية..

بعد مضي هذه السنوات المطلوب ساعات صفر تحتوي الأزمات التي تطفو على السطح حينا وتغوص أحيانآ..وتواجه مساعي تهدف إلى عدم إخراج البلاد من عنق الزجاجة في كل مرة..ويبقى تحدي الثورة النظر إلى الأمام رفقة ديمومة النضال لرفع سقف الدولة التي نريد..ولنعتبر إن ما يحدث ليس بإستثناء فهكذا هي الثورات..دائما تسير في قلب العاصفة ولا تراوح عند عتبة الباب..فبالأمس ربما كان بالإمكان سجن الثائر لكن ليس بمقدور أحد اليوم سجن الثورة..

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى