الاولىثقافةمقابلات

الشاعر الشاب محمد عبدالله: عن الشعر والكتابة بين التكريس والتخلي

 

في البداية كيف تصف علاقتك بالشعر؟ 

أحاول دائما أن تكون علاقتي بالشعر سطحية جدا كما علاقتي بالبشر ، أنا جاهز دائما للهرب من أي شيء

يجعلني أتورط فيه ، قد أبدو للناس شخصا مستعدا للكتابة طوال حياته لكنني عكس ذلك تماما  فأنا في أي لحظة أشعر بها أني تورطت في الشعر أو غيره أنفضه عني  وأنكر الشعر والشعراء والكائنات الحية والميتة وأنقلب على الجميع إذا تحدثوا بأسمي أو أعتقدوا أنني أنتمي إليهم ، لهذا أقفز أحيانا من الشعر وأذهب لكتابة المسرح والأفلام القصيرة والتصوير أو أصنع بعض الموسيقى ، رغم ذلك أنا  أناني  قد أرمي  كل شيء خلف ظهري في سبيل عزلتي وخصوصيتي  حتى هذا الحوار .

في نصك انت تعتمد كثيرا على عنصر المفارقة ما السبب؟

المفارقة من وجهة نظري هي جزء من بنية الوجود نفسه وهي تعكس وظيفة الشعر النهائية التي تقوم على الصراع بين الذات والفكرة ، الحياة والموت ، الحب والكره ، القديم والجديد ، السعادة والحزن ، وهي نظرة فلسفية للوجود قبل أن تكون أسلوبا بلاغيا تدرك بها التنافرات الحياتية وبهذا أجد نفسي أكتب بعض المفارقات التي التقطها من يومياتي وهي في أغلبها تأتي مصادفة تصطدم برأسي فأكتبها رغما عني وهذا لا يعني أن الشعر دون مفارقة ليس شعرا ، هي عشيقة قديمة من حين لآخر أحب تقبيلها وتبادل السجائر معها والاستماع لقصصها مع طليقها .

انتشر الشعر على صفحات التواصل كالنار على الهشيم هل برأيك يمكن لهذا الانتشار ان يصنع شعراء حقيقيون؟

صحيح أن الشعر في صفحات التواصل الاجتماعي  انتشر كالنار في الهشيم ولكن لا يعني هذا أن هذه النار قد تحدث فارقا كبيرا وتشعل النيران في بقعة كبيرة ، وهي نيران مزيفة لا جوهر لها أو دخان ولن تشتم فيها رائحة الاحتراق  إلا في بعض البقع القليلة المتفرقة هنا وهناك ، التواصل الاجتماعي صنع شعراء لكنه لم يصنع شعر .

دون ذكر أسماك

احك لنا عن هذا الديوان .

دون ذكر أسماك هو ديواني الثاني بعد ديواني الأول ( عادة ليست سرية )

لا أفتخر كثيرا بطباعة الكتب لأني كنت ومازلت أكره هذه الفكرة التي تجعلني ألجأ لمافيا دور النشر السخيفة وكلامهم عن عملية الطباعة والتسويق الذي يحول الكتاب إلى مجرد سلعة يتم التعامل معها على أنها  دجاج مجمد أو ملابس داخلية يجب بيعها بأي طريقة ولا يعنيهم المحتوى حتى لو كانت حيوانات منوية داخل كتاب ، أجد نفسي أسمعهم يتحدثون بالأرقام وكم ستكون حصة كل منا من المبيعات ورغم ذلك وقعت في هذا الفخ لثاني مرة مع ديوان دون ذكر أسماك أما المحتوى فهو منقسم لجزء أول وهو مجموعة ومضات كتبتها على مدار ثلاث سنوات  وجزء ثاني لنصوص مابين المتوسطة والطويلة بعضها قديم وآخر جديد ، انها تجربة أكثر نضجا من التجربة السابقة  رغم أنني لست راضيا بشكل كبير على كل النصوص بداخله وأتمنى هذا الشعور ألا يفارقني فلا أريد لنفسي أن ترضى بكل ما أكتبه .

ماتقييمك لتجارب الشعراء الشباب من جيلك ولمن تحب ان تقرأ منهم ؟

قابلت أغلب من هم في جيلي  في ليبيا من الشباب في أمسيات شعرية ومهرجانات وخضنا الكثير من النقاشات الأدبية ، اطلعت على تجارب منها الجيد ومنها المستهلك ومنها الرديء جدا

على صعيد الشعر العمودي رغم أنه لا يستهويني ولكن حسب ذائقتي  في الغالب متشابهون في كتابته

رغم محاولات بعض الشعراء بالخروج من المكرر  كالشاعر هود الأماني وسيف الدين الهمامي   ،

أبحث عن قصيدة النثر أركض خلفها لاهثا  لكن نادرا ما أجد نص نثري يرضي جشعي وطمعي  لأطلب المزيد ،

من حين لآخر فقط يجلدني البعض بنص ممتع منهم مفتاح العلوني وفيروز العوكلي ونورهان الطشاني و أكرم اليسير ونجاح المبروك  وأخرون لم تسعفني ذاكرتي الآن لتذكرهم ،،  كل هؤلاء الشعراء أحب بعض نصوصهم وأكره بقية نصوصهم  الركيكة التي ربما قد تعجب غيري ،، قصيدة النثر فقيرة جدا في ليبيا إنها تحتضر بشكل واضح أما الومضة وهي الجنس الأقرب لقلبي و الأصعب في رأيي لم  يكتبها بشكل ممتع ومختلف في ليبيا كافة إلا الشاعر المرحوم فرج أبوشينة .

ماالذي يصقل تجربة الشاعر بنظرك وهل تكفي الكتابة العابرة على الفيس مثلا لصنع شاعر خصوصا مع مانراه من احتفاء وتعليقات مجانية ؟.

الشاعر تصقله القراءة والنقد البناء غير ذلك فهو مجرد مهرول في الهواء و ببغاء يردد ما يسمعه وكائن متأثر بغيره ومصيره كما قطرة ماء سقطت على الأرض وجفت بسرعة ،

ردود أفعال الناس المجاملة والتأثر بها هي بداية الطريق للوقوع في وحل التفاهة الشعرية ، القارئ العادي هو الهدف الأول الذي يجب اسقاطه من تفكيرك أثناء الكتابة وبعدها،

القارئ العادي جر الكثير  من شَعرهم وصاروا عبيدا له يكتبون ما يرضيه وفي النهاية يرميهم ويبحث عن فريسة أخرى .

المشهد الشعري الليبي هل يشكل فارقا شعريا ؟

المشهد الشعري الليبي مقارنة بغيره عربيا جيد جدا رغم توسعه البطيئ  في البلدان الأخرى والتقصير الواضح  من الشعراء الحقيقيين في النشر والمشاركات الخارجية ، وبالتأكيد هو أحد أهم  المشاهد العربية و يشكل فارقا كبيرا دون أدنى شك .

هل لديك إصدار شعري قريب

وهل تفكر في كتابة رواية ؟

نعم لدي مخطوط شعري جاهز لكنني لا أفكر في طباعته حاليا و أيضا أعمل على ترجمة الديوان الأول للغة الانجليزية  أما الراوية  فكرت في كتابتها وبدأت لكنني توقفت بعد مدة قصيرة لأني لم أجد نفسي مستعدا تماما لكتابتها.

ما حلمك مع كل هذا الشعر ؟

حلمي أن يكون الشعر والفن حاضر في كل مدينة في ليبيا

حلمي أن نقبل النقد الحقيقي

حلمي أن  أقرأ شعر ولا أشتم صاحبه .

10- كلمة أخيرة

لا أحب الكلمات الأخيرة  ، أُفضل ترك الأشياء ناقصة أو يملأ غيري هذا الفراغ  .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى