ليبي في الغربة
ليست هذه المرة الاولى والتي نفتح فيها باب الأسئلة حول موضوع المهجرين والمغتربين في ليبيا في كل اصقاع العالم والساحة الاوربية هنا تحديدا .
لكننا عدنا هاهنا وبعد قطيعة ، وسنعود اكثر مستقبلا (لان هذا واقع ونحن فيه فعلى عكس العقود القديمة يوجد حاليا جاليات ليبيا وباعداد كبيرة خارج الوطن
عدنا بأسئلة تختلف لأجل اجابات تتنوع وتقدم حقائق مجردة عن واقع هذه الاسر ، والتي اغلبها لم تهاجر ترفا لكن ظروف اجبرتها على ذلك ظروف مادية احيانا .. بحث عن الاحلام احيانا اخرى .. وامنية في اغلب الاحيان .
في عددنا هذا سألنا المغتربين عن الغربة وتجربة الهجرة ، بين احلام الخروج ، وواقع الحال ونتائجها على الارض الان .. ومستقبلا سنعود باسئلة اكثر تنوعا و تخصصاً .. عن مدارس الجاليات الليبية حالها واحوالها ومالذي تعانيه .. عن اللجان الصحية بالسفارات والمكلفة بمتابعة حالات الامراض المستعصية، وحجم مايعانيه هؤلاء.
سنعود لنحاور حالات ليست قليلة حققت نجاحات بالغربة اطباء مهندسين رجال اعمال وعاملين بالاعلام وغيره .
سنعود فطالما هناك ليبيين خارج هذا الوطن .. فسؤالنا عنهم مفتوح وابوابنا واوراقنا مشرعة لتدوين اجاباتهم .
هذا واجبنا تجاههم وهذا حقهم علينا .
الكثير رغم عقود هجرتهم لايجيدون حتى اللغة
أحمد القمودي
24 سنة مقيم في باريس
طبعاً لما طلعت من ليبيا كان عندي احلام وطموحات لكن الواقع كان غير اللي سمعت عليه لاني قبل مانطلع كانوا يوصفولنا في اوروبا على انها جنة ولما وصلت مالقيتهاش زي ما حكولي عليها وزي ما كنت متوقع، لكن الميزة هنا (هذا حصانك وهادي السدرة) اللي يخدم ويتعب ويتحمل يقدر يوصل للي يبيه وفي ناس جت وقعمزت للشرب والفراغ والمخدرات وقاعدين زي يوم وصلوا حتى لغة ما عندهمش، والمأساة إن في ناس كانت في البلاد ما شاء الله ولما وصلت هنا تغيرت ومشت في طريق الضياع.
العمر والسن مش مقياس لان في ناس تغربت في عمر كبير وقدرت تحقق حاجات ماحققوهاش شباب صغار.
سقف الطموح ماليشي حد وأي حد عنده حاجة يبي يوصلها يقدر يوصلها ويقدر يطور من نفسه وكل سنة يلقى نفسه أحسن وأحسن، طبعاً العنصرية موجودة بالذات في البداية لما تكون جديد تحس بالعنصرية واضحة تلقى شكون يحطمك وشكون يقولك روح لبلادك مانبوكش بالذات في بلدان معينة زي فرنسا وألمانيا العنصرية فيها هلبة وما عندكش شن بتدير بتتحملهم لإنك انت جاي لبلادهم لكن تغلبهم بنجاحك ولما تخدم وتنتج وتدفع ضرايب وتساعد في بناء البلاد وقتها معاش تحس العنصرية.
بالنسبة للوالدين دورهم صعب وكبير ومهم لإن البيئة هنا معبية فساد وانحلال وفي المدارس يعلموا في الأطفال في أمور مشينة زي الشذوذ والتحول الجنسي والوالدين لازم يشوفوا ديما شن اياخدوا صغارهم في المدرسة ولازم يفهموهم إن هذا غلط ومنافي لأخلاقنا وديننا طبعاً من غير ما يفرضوا هذا عليهم فرض لإن هذا ممنوع هنا وفي المدارس يسألوا في الأطفال إذا كان أهلهم يغصبوا عليهم وإلا يضربوه فيهم وهادي مشكلة كبيرة، والوالدين هنا لو ما يوقفوش وقفة جادة لصغارهم حيجرفهم التيار ومش حيقدروا يمنعوهم بالذات كان كبروا ووصلوا سن المراهقة.
لو رجع بيا الوقت حنطلع لإن البلاد مازال مش مهتمة بالشباب وطموحاتهم ومافيش لاتشجيع ولا مشاريع تدعم الشباب وتخدمهم بالعكس كان ماعندكش واسطة وكتف تضيع.
(عندما تتغرب تولد من جديد) تشوف ناس جديدة تشوف ثقافات جديدة وحتقدر تحقق أحلامك وطموحك رغم ان ضريبتها كبيرة بتبعد على بلادك بتبعد على بوك وأمك وخوتك وناسك، بتتعب وتعيش بروجك وتمر عليك أيام صعبة لكن حتوصل للجاي على خاطره.
الشريف . ح
26 سنة مقيم في درسدن بألمانيا
أنا طالع من ليبيا بطموحات بسيطة وما رفعتش سقف أحلامي بصورة كبيرة، طلعت نبي نعيش في المجتمع الي كان ماساعدكش ما يحبطكش لكن لقيت الواقع أفضل من اللي تخيلته حتى الليبيين هنا متعاونين أكثر من اللي في البلاد وهذا يدل على ان نفسيتهم هنا تغيرت 180 درجة والحاجة هادي تحسها في تعابير وجوههم.
العمر والبلاد مايفرقوش وما يأثروش لو إنت عندك رغبة في العمل والسعي ورا تحقيق طموحاتك لإنك زيك زي مواطن الدولة اللي عايش فيها تقدر تخدم وتدفع ضرايبك وتوصل لطموحاتك والمرتب هنا متوافق مع المعيشة وأنا رغم اني ماعنديش شهادة لكن وضعي ممتاز ولله الحمد فما بالك باللي عنده شهادة.
لكن تحقيق الاهداف هنا مرهون بالعمل الدؤوب وغض النظر عن الملهيات والمغريات، مادام عندك طموح وعزيمة وصبر على تحقيقه.
بالنسبة للأسرة أنا ماعنديش أبناء لكن اللي نعرفه إن الموضوع متوقف على طريقة تعاملك مع أطفالك وطريقة تربيتك ليهم والمهم الابتعاد عن العنف لإن هنا لو تعنف أطفالك حيجيك إنذار أول وثاني وبعدين ياخدوهم منك وفي دول أخرى نسمع إن مافيش إنذارات ومع أول حالة عنف ياخدوهم منك، الموضوع هذا حساس ومعقد لإن البيئة هنا زي أي مكان ليها دور وتأثير كبير عالأبناء وانت طالع من البلاد مفروض عارف أمور زي هادي وأنا ماننصحش حد عنده صغار يتغرب بيهم كان ماعنداش القدرة يتحكم في روحه وقت الغضب لإن العنف هنا موضوع خطير ومافيشي لعب.
ننصح أي حد يبي يتغرب وبالذات اللي عنده صغار إنه يشوف قوانين ولوائح البلاد اللي ماشيلها قبل ما يوصل غادي ويصطدم بواقع صعب ويتورط في مشاكل كبيرة هو في غنى عنها.
الحلم جميل والواقع كوابيس
أ . ط
32 سنة مقيم في ألمانيا
بصراحة تقدر تقول إن ما فيش فرق كبير بين الواقع اللي لقيته والصورة اللي رسمتها في بالي بناءً على كلام الناس اللي سبقونا واللي قعدت ناخد في رايهم لمدة طويلة، بالعكس في أشياء معينة اللي لقيته كان أفضل من اللي توقعته.
طبعاً لما تتغرب شاب مش زي لما تتغرب في عمر متقدم من جميع النواحي، لكن الفارق مش حيكون كبير هلبة والعمر ماليشي دور كبير لو إنت طالع من البلاد بخطة معينة ومعلومات وافية وصحيحة عالبلاد اللي تبي تمشيلها وعلى طريقة الوصول لأهدافك، خصوصاً إذا كانت عندك مقومات النجاح في ليبيا فإنت أكيد حتنجح في أي مكان، طبعاً نقصد بمقومات النجاح العزيمة والعلم واللغة والإصرار والصبر والأمور المعنوية هادي مش الماديات اللي مش حتستفيد منها إلا في البداية، بالتالي الشخص الإتكالي والإنهزامي واللي ما يتحملش مستحيل حينجح سوا تغرب صغير والا كبير.
الطموح والأحلام في أوروبا زي الحوش العربي ماليهاش سقف لإن كل شي يعتمد على إمكانياتك، طبعاً الظروف عامل مساعد لكن كل شي يرجعلك إنت وطموحك وسعيك وتحملك، النجاح سره في يدك، حاجة مهمة إنك لازم تخلي حياتك في ليبيا وراك ولازم تتكيف مع الشعب وثقافته وتخش في نظامهم وتتماشي معاه لإنك من غير هكي مستحيل تنسجم ومستحيل تعطي وبالتالي مستحيل تنجح، مش ضروري تغير دينك ولا ثقافتك لكن لازم من الانسجام والاندماج التام في المجتمع اللي عايش فيه.
بالنسبة لتربية الأطفال عن نفسي ومن واقع تجربتي أنا سعيد بتربيتي لأبنائي خصوصاً لكوني مقيمة في مدينة صغيرة محافظة نوعاً ما مقارنة بالمدن الكبيرة لكن لازم ترد بالك من الضرب واللي هو متجذر في ثقافتنا وطريقة تربيتنا لأبنائنا لإن الشي هذا ممنوع منعاً باتاً وحتى محرم قانونياً واجتماعياً، وبالنسبة للمدرسة يحترموا خصوصية إبنك ورغباتكم من ناحية اختيار الأكل اللي يقدموهوله في المدرسة ومن ناحية الأماكن اللي يمشولها لكن بالمقابل لازم حتى انت تحترمهم وماتعلمش ولدك يعترض على طريقة حياتهم أو حتى ينتقدها في كل شي حتى في اللي نشوفوا فيه احنا انحلال وفساد أخلاقي، في حوشك ربي ولدك زي ما تبي أهم شي الاحترام المتبادل أهم شي ولدك محترم ومش عنيف ومش متشدد هم مايتدخلوش فيك.
نصيحتي لأي شخص يبي يتغرب نقوله قبل ما تمشي حدد أهدافك لإن الغربة قراية وشغل وانعكاس لليبيا والليبيين وهادي مسؤوليتك، الغربة تعني إنك تكون رسول ومبعوث لبلادك وشعبك مش زي اللي نشوفوا فيه قدامنا من شباب ضايعين، في ناس جت تغربت وصارتلها صدمة حضارة ورجعوا للبلاد لإنهم مش طالعين لهدف أو طموح معين.
لو رجع بيا الوقت بصراحة نطلع بكري في 19 والا 20 لإني من زمان متفوق في دراستي وطموحاتي كبيرة مستحيل نحققها في الوضع الحالي للبلاد لإن الأحلام فيها سراب.
س . ص
30 سنة مقيم في بون بألمانيا
بالنسبة ليا قرار الغربة جاء بحكم الأمر الواقع يعني غير مخطط له بنسبة ليا كان لسبب هروب من واقع اجتماعي ومن الإحباط وقتل الالأحلام والطموحات. الواقع كان مختلف تماماً لإني لما وصلت بلد الغربة كانت اللغة اكبر عائق والتضخم وارتفاع الأسعار في ألمانيا زاد الموضوع تعقيدا، والليبين اهم عائق يواجهك في الغربة، في حالتي الليبين كانو مصدر إزعاج لإن أغلب الأشخاص اللي تعرفت عليهم كانوا انتهازيين تشعر بتقيد الحرية معاهم عكس الجاليات الآخرى تساعد بعض.بالنسبة لحلمي أعتقد إنه في كل مرة نتخطي مرحلة يتغير سقف الحلم والطموح يزيد، والاكيد مش ساهل تحقق حلم حياتك خصوصا إن حلم كان طريق تحقيق يتعارض مع العادات والتقاليد وحتي الأمور الدينية في بعض الأحيان.
حلمي في الهجرة أصبح اكتر تعقيدا الان ارغب في الهجرة من المانيا وقدامي خيار الولايات المتحدة أو دبي، لكن خيار الولايات المتحدة اقرب. بالنسبة ليا ومن تجربتي الشخصية نشوف ما فيش فرق كبير بين ليبيا وألمانيا من الناحية النفسية ديما في حاجة تنغص عليك، مثلاً هنا العنصرية وعدم تقبل الآخر ليك تخليك تعيش كابوس الوحدة خصوصاً مع تحفظ الليبيين في علاقاتهم وخوفهم من بعض وانغلاق الجاليات الأخرى على نفسها، وجهة نظري المانيا بلد كئيب وهذا ينعكس على كل شي في حياة الألمان القطارات دائما تأخير مشاكل توفير الاكل بأسعار مقبولة تطوير البلاد، بلد زي الامارات مثلاً أكتر تطور من ألمانيا رغم كل العلم والتقنية اللي في المانيا، هذا البلد محتاج شغل علماء الاجتماع مع الاقتصاديين لرؤية لبلد أفضل بعد خمسين عام مثلا.
أنا شفت في المانيا مافيش حد يسمع رايك والا يحترم أفكارك ولا يتقبلك لإنك أجنبي وغريب، ومن مفارقات الألمان إنهم يعتبروا في الفلسطينيين إرهابيين ونتنياهو رجل سلام !!! واللي أجبرني على تحمل الواقع هذا هو واقع بلادي اللي أسوء من الواقع هنا، هنا عنف نفسي وغادي عنف جسدي. بخصوص العائلة انا مش متزوج ومش حنتزوج وأغلب العائلات العربية اللي شفتهم
سامي اليازي
37 سنة مقيم في ألمانيا
لما قررت نتغرب كان عندي حلم اني نكمل دراستي وكملتها الحمدلله، بس للأمانه لما وصلت هنا انصدمت، حسيت إننا مش عايشين زي باقي العالم بل كنا مدفونين، طبعا نحكي من ناحية التكنولوجيا والبنية التحتية مش الأخلاق والدين.
النجاح في الغربه ما يعتمدش على شي لا على العمر ولا على المكان، نشوف فيه يعتمد بس على رغبتك في النجاح وصبرك وقوة تحملك للظروف وصعوبة الحياة، طبعاً بالنسبة لسقف النجاح نشوف فيه محدود وعندك حد معين تقدر توصله بعدها لازم تتخلى على هلبا حاجات انت كمسلم ماتقدرش تتخلى عليها باش تنجح اكثر ومش حنقدر نشرحلك.
بالنسبة للاطفال بعد سن العاشرة غلط يقعدو برا بلاد العرب لانهم حيريحوا ومعاش بتلقاهم وحتتغير عقليتهم وطريقة تفكيرهم من أول ما يخشوا مرحلة المراهقة خصوصاً مع اللي ياخدوا فيه في المدرسة واللي يشوفوا فيه في الشارع ويتعلموا فيه من زملاء الدراسة، لإن الوالدين لهم الحرية في البيت لكن خارج البيت لو يغلط الطفل ويقول بابا ولا ماما قالتلي الكافر يخش النار والا يقول بابا يمنعني من الطلوع بروحي والا ماما تنصح فيا نلبس حجاب صغارك معاش تشوفهم.
لو يرجع الزمان نطلع بس ما نعطلش، نصيحة للشباب .. اللي يقوللكم برا من ليبيا خير أعرفو إنه عايش الوهم بس أو مازال ماشافش الوجه الحقيقي للغربة.
اقسم بالله بلادي وإن جارت عليا عزيزة وأهلي وإن ضنوا عليّ كرام.