رأي

بلاد سايبة .. !!

■ محمد الرحومي

من‭ ‬ثقب‭ ‬الباب

في‭ ‬ليبيا‭ ‬هناك‭ ‬ما‭ ‬يقارب‭ ‬من‭ ‬عدد‭ ‬سكانها‭ ‬من‭ ‬العمالة‭ ‬الوافدة‭ ‬في‭ ‬شتى‭ ‬المجالات،‭ ‬والحرف‭.. ‬وكل‭ ‬هولاء‭ ‬لا‭ ‬يخضعون‭ ‬لأي‭ ‬قانون‭ ‬أو‭ ‬تنظيم‭ .. ‬هكذا‭ ‬أدخل‭ ‬يا‭ ‬مبارك‭ ‬بـ‭)…( ‬أيضًا‭ ‬أصبح‭  ‬وجود‭ ‬هذا‭ ‬العدد‭ ‬من‭ ‬قارة‭ ‬أفريقيا‭ ‬تحديدًا‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬المواطنة‭ ‬المخفية‭ ‬غير‭ ‬الخاضعة‭ ‬لأي‭ ‬مستندات‭ ‬أو‭ ‬إجراءات‭ .. ‬تمامًا‭ ‬كوجودهم‭ ‬المهني‭ ‬غير‭ ‬المكلف،‭ ‬وغير‭ ‬الملزم‭ ‬بأي‭ ‬ضريبة،‭ ‬أو‭ ‬مستند‭ ‬أيضاً‭..‬الدولة‭ ‬الليبية‭ ‬لا‭ ‬تستفيد‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬فرد‭ ‬من‭ ‬هؤلاء‭ ‬لا‭ ‬ماديًا‭ ‬ولا‭ ‬معنويًا‭ .. ‬بل‭ ‬لم‭ ‬تتمكن‭  ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬من‭ ‬تصّنيفهم‭ ‬عن‭ ‬أنهم‭ ‬درجة‭  ‬ثانية،‭ ‬أو‭ ‬ثالثة‭ ‬مثلا‭ ‬كما‭ ‬تفعل‭ ‬كل‭ ‬دول‭ ‬العالم؛‭ ‬بل‭ ‬يتم‭ ‬التعامل‭ ‬معهم‭ ‬وكأنهم‭ ‬ليبيون‭ ‬أبًا‭  ‬عن‭  ‬جد‭           ‬المهن‭ ‬البسيطة‭ ‬والصعبة‭ ‬التي‭ ‬عجز‭ ‬الشعب‭ ‬الليبي‭ ‬بأسره‭ ‬عن‭ ‬مزاولتها‭  ‬هناك‭ ‬برامج‭ ‬تم‭ ‬إعدادها‭ ‬سيتم‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬فرضة‭ ‬ضريبة‭ ‬ثابة‭ ‬شهرية‭ ‬عن‭ ‬استهلاك‭ ‬الكهرباء،‭ ‬والماء‭ ‬وحتى‭ ‬المرتبات‭ ‬للمواطن‭ ‬الليبي‭ ‬في‭ ‬المقابل‭ ‬لن‭ ‬تجد‭ ‬أي‭ ‬فكرة‭ ‬تم‭ ‬طرحها‭ ‬تجبر‭ ‬هؤلاء‭ ‬الوافدين‭ ‬دفع‭ ‬مستحقاتهم‭ ‬المتعددة‭ ‬وخاصة‭ ‬للكهرباء‭ ‬المجاني‭ ‬الذي‭ ‬يستهلوكونه‭ ‬في‭ ‬منازلهم‭ ‬ومحالهم‭ ‬وأماكن‭ ‬مهنهم‭ ‬المختلفة‭.‬

كل‭ ‬هذا‭ ‬الفساد‭ ‬الإداري‭ ‬الذي‭ ‬ينتج‭ ‬عنه‭ ‬خسارةٌ‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تصورها‭ ‬في‭ ‬مستحقات‭ ‬الشعب‭ ‬الليبي‭ ‬من‭ ‬هؤلاء‭ ‬الوافدين‭ ‬يقابله‭ ‬اختراقٌ‭  ‬آخر‭ ‬يتدرج‭ ‬ببطء‭ ‬في‭ ‬خلط‭ ‬الهوية‭ ‬الليبية‭ ‬الثقافية‭ ‬وكأننا‭ ‬فعلاً‭ ‬أمام‭ ‬مشروع‭ ‬توطيني‭ ‬لشعوب‭ ‬وثقافات‭ ‬مختلطة‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬إدراك،‭ ‬أو‭ ‬مسؤولية‭ ‬من‭ ‬كل‭ ‬مؤسساتنا‭ ‬المختلفة‭.‬

ثق‭ ‬بأنك‭ ‬ستكون‭ ‬غريبًا‭ ‬لو‭ ‬حاولتَ‭ ‬التنزه‭ ‬في‭ ‬أول‭ ‬أيام‭ ‬العيد‭ ‬تحديدًا‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬العاصمة‭ .. ‬وجودك‭ ‬بين‭ ‬آلاف‭ ‬الوافدين‭ ‬وهم‭ ‬يستمتعون‭ ‬بقضاء‭ ‬عطلة‭ ‬عيد‭ ‬مع‭ ‬أسرهم‭ ‬ونظرائهم‭ ‬من‭ ‬عديد‭ ‬الدول‭ ‬سيجعل‭ ‬منك‭ ‬رجلاً‭ ‬مغتربًا‭ ‬في‭ ‬بلده‭ ‬وسيجعل‭ ‬من‭ ‬أسرتك‭ ‬وأبنائك‭ ‬أناس‭ ‬غرباء‭ ‬في‭ ‬بلدهم‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يحافظ‭ ‬على‭ ‬مكتسباته‭ ‬وهو‭ ‬الآن‭ ‬في‭ ‬قفص‭ ‬اتهام‭ ‬إهمال‭ ‬الهوية‭ ‬والخصوصية‭ ‬الليبية‭ ..‬ولاثبات‭ ‬كل‭ ‬هذا‭ ‬العبث‭ ‬لن‭ ‬أكون‭ ‬محتاجًا‭ ‬لدلالات،‭ ‬أو‭ ‬براهين‭ .. ‬فقط‭ ‬حاول‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬وفيًا‭ ‬لوطنك،‭ ‬وأيقظ‭ ‬إحساسك‭ ‬ومسؤوليتك‭ ‬تجاه‭ ‬حقوق‭ ‬الوطن‭ ‬المادية‭ ‬والمعنوية‭ ‬المغتصبة‭ ‬في‭ ‬أغلب‭ ‬مدن‭ ‬وشوارع‭ ‬ليبيا‭.‬

كونوا‭ ‬بخير‭ ‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى