رأي

حافة العشق.. السرقة.. سرقة..!!

 

الناجي الحربي

لم أتفاجأ بما ورد في تقرير ديوان المحاسبة  عن كم التجاوزات الإدارية والسرقات المالية..  بل قلت في ذات نفسي هذا قليل جدا  مقارنة إلى حجم الفوضى الدائرة في مؤسساتنا الآن.

وليست السرقة في هذا الوقت ببدعة أو معجزة فقد تأصلت هذه العادة منذ زمن بعيد..  ففي عهد الإستعمار كانت السرقة من مخازن الإيطاليين ودكاكينهم ومحالهم تكاد تكون مثل الجهاد..  فهم مغتصبون وشعبنا يعاني الفقر والإهانة..  فكانت السرقة من الإيطاليين رجولة تدخل تحت باب الانتقام..  لكن هذه العادة الوقحة أزداد أوارها معنا فصرنا نتعدى على أرزاق بعضنا وانتشر مصطلح «فلان دق على مراح فلان» وكلمة دق تعني تعدى بالسرقة والمراح هو سياج يصنع عادة من الأشجار اليابسة  يحوي الأغنام والأبقار..

وكثيرا ما تعقد اجتماعات لمشائخ القبائل لفض النزاعات في أمر سرقة غنم أو إبل أو أبقار ولهذا كان الليبي يضع علامة على خد أو ورك  ماشيته محفورة بالنار كي يؤكد ملكيته لها..  وكان لكل قبيلة علامة مميزة يطلق عليها «امحور».

وعلى مدى الحكومات التي توالت على ليبيا كانت السرقة علامة فارقة فيها..  فهل تذكرون السرقات والتزوير التي حدثت في العهود السابقة..  تزوير في الانتخابات..  سرقة أموال دولة.. تكسب غير مشروع..  تسجيل أطفال مازالوا في بطون أمهاتهم يتقاضون مرتبات..  تعديل أعمار حتى أن الموظف أصبح أكبر سنا من والده..  فيما تندر البعض  على موظف قيل أنه أوصى بدفنه بالمكتب الذي تولى مسؤوليته..

على جانب آخر مظلم فإن المواطن لم يتوان عن سرقة أموال الدولة..  فأغلبنا استعمل شريط الأشعة لسرقة التيار الكهربائي..  وبعضنا استولى على علامات الطرق ليصنع منها سياج مزرعته..  وكثير منا سرق وقود سيارات الشعبي عام وأودعها في خزان سيارته الخاصة أو باعه..  ولكل منا طريقة في السرقة..  سرقنا قرطاسية الدولة..  سرقنا أثاث الحكومة..  سرقنا مقدرات ومكتسبات الوطن.. امتثالا لمقولة»رزق حكومة.. رايح.. رايح».

فالسرقة والتزوير والتدليس أفعال مشينة تأصلت فينا منذ القدم فلا تستغربوا تقرير الجهات الرقابية..  فقد كنا نقول عن المسؤول النزيه وهو نادر» كشفه ماد وجهه لا نفع عربه لا نفع روحه» وكنا نقول عن اللصوص الذين أثروا من الوظيفة وهم كثر  «براوه لهم..  رجاله..  عرفوا كيف يأكلوا الكتف».  فلا تستغربوا.!!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى