صحة

صحتك النفسية.. عالج روحك ولحق على باقي عمرك

   ورد في القرآن الكريم لفظ النفس بمعنى الذات البشرية للفرد وللجماعة ما يقارب ( 275 ) مرة . فتارة تكون النفس ( الذات ) مطمئنة ، قال تعالى: ” يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلي ربك راضية مرضيةسورة الفجر – 27 ، أي يتمتع صاحبها بصحة نفسية بحيث يرضى عن نفسه وعن الأفراد من حوله في الوسط الذي يعيش فيه . كما ورد أيضا عن النفس الفاجرة قال تعالى : ” ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواهاالشمس – 7 . 

كما قال رب العزة في محكم كتابه عن النفس اللوامة  ولا أقسم بالنفس اللوامةالقيامة – 2 . وهي النفس الحائرة القلقة غير الراضية عما يقوم به أصحابها . 

ويقول تعالى : ” وما أبريء نفسي إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي إن ربي غفور رحيميوسف – 53 . أي بوجود النفس الشريرة التي تأمر صاحبها القيام بالأعمال السيئة غير السوية . 

الصحة العامة والصحة النفسية   :

  تعرف الصحة العامة أنها حماية وتحسين صحة أفراد المجتمع ، ويكون ذلك عن طريق تحسين أساليب الحياة الصحية  والبحث عن الأمراض المختلفة والوقاية منها ، والكشف عن المعدية والتصدي لها للحد منها . 

ويوجد هنالك خطأ يقع فيه معظم الناس وهو أنهم قد يُولون اهتمامهم لصحتهم الجسدية فقط متغافلين عن صحتهم النفسية والتي تعد أكبر مؤثر على الصحة العامة . 

وتتعدد تعريفات الصحة النفسية ولكن معظم هذه التعريفات تتضمن الشروط اللازم توافرها حتى يتم تكيف الفرد مع نفسه والآخرين والبيئة بشكل عام تكيفا يحقق السعادة للفرد والمجتمع . 

والسعادة ليست دواء يقدمه لنا الآخرون بقدر ما هو شعور داخلي ينبع من الذات ويتضمن عددا من المشاعر الإنسانية ، كالرضا عن النفس ، والثقة بها وبالآخرين والرغبة في العطاء والقدرة على تقديمه لهم . 

مفهوم الصحة النفسية : 

الصحة النفسية هي حالة ايجابية تتضمن التمتع بصحة العقل وسلامة السلوك ، وليست مجرد غياب أو الخلو أو البرء من أعراض المرض النفسي . 

وقد عرفت منظمة الصحة العالمية الصحة النفسية : بأنها حالة من الراحة الجسمية والنفسية والاجتماعية وليست مجرد عدم وجود المرض . 

وهنالك العديد من المظاهر والخصائص التي تعتبر دليلا على أن الفرد يتمتع بصحة نفسية سليمة نستعرض أهمها بإيجاز : 

1 – التوافق : ودلائل ذلك التوافق الشخصي ويتضمن الرضا عن النفس ، والتوافق الاجتماعي ويشمل التوافق الزواجي والتوافق الأسري .  

2 – الشعور بالسعادة مع النفس . 

3 – الشعور بالسعادة مع الآخرين . 

4 – تحقيق الذات واستغلال القدرات .

5 – القدرة على مواجهة متطلبات الحياة . 

6 – التكامل النفسي فلا يجوز أن يغلب أي جانب في الشخصية على الجوانب الأخرى. 

7 – حُسن الخلق . 

8 – العيش في سلامة وسلام .

نسبية الصحة النفسية : 

الصحة النفسية حالة دائمة نسبيا وليست مطلقة ، بل إنها نشطة متحركة ونسبية تتغير من فرد إلي آخر ، ومن وقت إلي آخر عند الفرد نفسه ، كما تتغير بتغير المجتمعات وهذا هو المقصود بنسبيتها . 

1 – نسبية الصحة النفسية من شخص إلي آخر : 

حيث يختلف الأفراد في درجة صحتهم النفسية ،كما يختلفون من حيث الطول والوزن والذكاء والقلق ، فالصحة النفسية نسبية وغير مطلقة ، فكمالها التام غير موجود ، فلا يوجد شخص كامل في صحته النفسية ، كما هو الحال في الصحة الجسمية . 

2 – نسبية الصحة النفسية ة الفرد الواحد من وقت إلي آخر : 

فلا يوجد الشخص الذي يشعر في كل لحظة من لحظات حياته بالسعادة والسرور ، كما أن الفرد الذي يشعر بالتعاسة والحزن خلال سنين حياته كلها غير موجود أيضا ، فالشخص يمر بمواقف سارة وأخرى ليست كذلك . 

3- نسبية الصحة النفسية تبعا لمراحل النمو : 

إن مفهوم السلوك السوي الذي يدل على الصحة النفسية هو مفهوم نسبي أيضا مرتبط بمراحل النمو التي يمر بها الفرد . فقد يُعد سلوكا ما في مرحلة عمرية معينةمثل مص الإصبعسلوكا سويا طبيعيا في الأشهر الأولى من عمر الطفل ، ولكنه مشكلة سلوكية إذا حدث بعد السادسة من العمر . 

4 – نسبية الصحة النفسية تبعا لتغير المجتمعات : 

لأن السلوك الذي يدل على الصحة النفسية يختلف باختلاف عادات وتقاليد المجتمعات .

وعموما فالحكم على الصحة النفسية يختلف تبعا لعوامل : الزمان والمكان والمجتمعات ومراحل النمو عند الإنسان ، ويجب أخذ كل هذه المتغيرات بعين الاعتبار عند إطلاقنا الحكم على الصحة النفسية . 

استعرضنا في السطور السابقة موجزا مبسطا على الصحة النفسية ومفهومها ونسبيتها ، هذا العلم الواسع الذي يصعب حصره في اسطر قليلة ، ولكن حاولت وضع إضاءات بسيطة على أهم النقاط التي تضعنا في صورة المعنى الشمولي للصحة النفسية لما في الإلمام بها من نفع في حياتنا ومن ثم الوصول إلي فهم ذواتنا . 

إعداد الدكتورة : هند الغريب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى