رأي

فبرايري.. ولكن ! 

عبد الحكيم كشاد

 

حركة التاريخ لا تهدأ على اﻷرض تسبقها دائما آلام البشر … المسيح رفع بعد أن قطع طريق الجلجلة باﻵﻵم ذاتها إلى الله .. طريق آخر مرعب قطعه الكشميريون المسلمون في جلجيت وهم يساقون عنوة بالالاف نحو الشمال محملين سخرة حيث تساقط القتلى والعطشى الكثير منهم على جانبي الطريق من العناء ! .. سفر برلك رحلة اخرى بشعة سيق فيها الالاف من العرب اواخر العهد العثماني الى قدرهم المجهول طريق اللاعودة ، فيما بعد ستكون هناك طريق اكثر ظلمة سيقطعها اللليبيون هذه المرة في متاهات مستقبل مجهول على مدى اثنين وأربعين عاما لكنهم سيفاجئون العالم بعودتهم في مطلع العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين كان طريقا صعبا وملتبسا كاني بذلك الصندوق العجيب الذي حوى هذا البلد المسمى ليبيا  يتحول الى حدث  لا يفاجا العالم فقط بل يفاجأ الليبيين في أنفسهم

هانحن بعد ثلاثة عشر عاما أخرى في رحلة هي اﻷصعب نواجه قدرنا مرة أخرى ونحمل الصخرة الى قمة الجبل لتعود إلى اسفل وقد اصطفافنا جميعا  داخل خانة اليك و ما مر بنا  من عذابات ان نكون كما لا ينبغي أن نكون بل كما يراد لنا ونحن في مفترق  اختيار صعب وهذا   مايحيرنا أولا وأخيرا حتى الآن.

سؤال فبرايري صرف هذه المرة لا علاقة له بأي اتجاه او حزب او طائفة الى متى ؟!  هل كانت الثورة اكبر منا جميعا ؟ كبالون نريد ان نطوعه نحو غد لا نرى له ملامح وهذا اﻷصعب برأي  كيف نرى فبراير بعد كل هذه السنوات وقد تعددت فيها الوجوه والمراحل سنوات لم تكن هينة ؟  ام كانت العربة تجر حصانا نائما الى الخلف  من حيث لا يدري ؟  لماذا هذه الحيرة  وهل اهداف الما قبل لاي ثورة منتظرة تعني بالضرورة صيرورتها ونحن نفقد بوصلة تقدمها الخطوة خطوة رغم بساطتها ووضوحها لدى المواطن الليبي البسيط والذي بدأ بانتفاضة احداثها بدون فلسفة ولا تعقيد  باعتبار اي ثورة تسبقها قيم تطلعاتها ولكن المفارقة هنا  واضحة امام هذا المواطن ولا نريد ان نتشاؤم أكثر  ونقول نعيش وهم فبراير ..  ما نريده حلم في المتناول يسكننا وقد بدأ باحلام الناس منذ البداية     ونؤكد عليه اليوم والغد رغم كل الاحباطات .. فهل  ادركت فبراير  ماهي مقدمة عليه اولها قناعة هذا الشعب بحقيقة وجودها واستمرارها باهداف وطنية واضحة حتى لا تصاب بتسمم وهل كلنا في الحقيقة مدركين لاهمية ما يصنع الفكر وتفعل الثقافة بالرغم من إهمالنا مؤسسات وأفراد أهمية هذا الدور وهل ندرك جميعنا ما للفنون والاداب من تاثير في الوعي المجتمعي وفي بناء الانسان  حتى نصل به الى غاية كل ثورة وكيف تأتى لنا أن نتاجر بأهمية الثقافة حتى نضع  مقدراتها بين أيدي غير أمينة متجاهلين ان لم يكونوا اصلا جاهلين بدورها التنموي الفاعل لتتحول الى نفعية انتهازية تدور مع المال  واستسهال هذا النهب من خلالها الذي اصبح ممنهجا عبر ثقافة أوجدت بدون حياء قنواتها التي لا تعدم وسائل استحداثها زورا وبهتانا في غياب مخطط واعي باهميتها وايجاد آلية التواصل من خلال فاعليها الحقيقيين  وان تكون في  ايدي امينة أولا قبل  كل الاسئلة اﻷخرى التي تاتي فيما بعد كإجابات ممكنة سواء  من رجل اقتصاد أو رجل سياسة أو حتى تكنوقراط ، نعم الثقافة خصيصة كل علم وهي بداية السؤال المعرفي للاجابة على ماذا نريد ؟ هل وضعناها ضمن  اضبارة اولوياتنا ؟ أشك في ذلك ،  بعيدا عن شكلية الاحتفالات والمناسبات التي نستحدثها لمجرد الوجود ليس الا  بدون دراسة ولا ضرورة للاسف ولم نسأل نفسنا مثلا كم مر علينا من سنوات عن اخر فاعليات معرض للكتاب  او اين السينما اليوم بعد ان دمر وسرق ارشيفها  وثيقة فنية من ضمن الوثائق المهمة وذاكرة كانت يوما ما .. وما المسرح الا ضبابة مرت علينا ايامه بدون ان نضع سؤال المسرح الحقيقي في مكانه من خارطة ثقافتنا ومعاناة رجاله ومبدعيه وهل كان لدينا مسرح بعد تجربة الستينيات الفاعلة كتجربة توقفت . اين الفرق المسرحية فتشوا عن مقارها وبؤس حالها وهل كان لها لتستمر وتطور من نفسها من حيث انتهت في غياب اهتمام الدولة وايجاد مخطط حقيقي لوجود ظاهرة مسرحية مستمرة تهتم بمسرحنا ولكن الغريب ان كل ظاهرة تخذل نفسها بنفسها ولا تتقاطع مع ما قبلها و نفكر في كل شيء الا الجانب المضيء واساس كل انارة تحي العقل واذا كان هذا حال الحراك الثقافي الذي نضن باهميته ولا نجد بصيص ضوء في النفق فأننا في خانة اليك فعلا

انا لا احمل كل ذلك على فبراير رغم وكان يمكن لاستقرار الحكومة الاخيرة ان يكون لها دور في برنامجها المعلن عودة الحياة على كل الاصعدة واهمها الثقافة، الكلام عن الثقافة بانواعها متعب ومضن وقد يصل حد الوجع ايضا اوقفوا كل عشوائيات البرامج العابرة وابنوا لثقافتكم مداميكها الحقيقية وكفانا استسهال سخيف  .

سمها ماشئت هذه المساحة المسماة وطنا ودعك من كل المسميات وتصحيحات الجغرافيا وما يكون وما يسمى ولكن دعني اتنفس وطنا .. دع انتمائي يكون التزاما داخليا قبل أن يكون مفروضا  بهراوة الشرطي وبمنطق القانون .. دعني احسه يقينا يملأ وني تتشربه اوردتي .. دع آدميتي تفتش عن وطن يحترمني واحترمه  فأنا مشتعل بحب الوطن حد الجحيم ومتخم بوطن حد الافتقار .. الى وطن اتنفس به بعيدا عن وصايا ونصوص المحفوظات وخطب الوعاظ  وطن اتمسح في رايته ، ويخفق قلبي مع اضطراب خافقه ويعلو صوتي مع نشيده في صباح يوم جميل .. اللهم لا تجعلني أردد مالا أومن به واكرره بمقت .. ما تعودت أن الوكه بافتعال مضحك وكذب رجيم  والا كيف تنهض اﻷوطان أم على القلوب أقفالها !؟

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى