ثقافة

قراءة في كتاب.. كيف تصنع العواطف…. الحياة السرية للدماغ 

إشراف.. سميرة البوزيدي

كتاب « كيف تصنع العواطف؟ الحياة السرية للدماغ «  لعالمة النفس والأعصاب «ليزا فيلدمان باريت «صدر عن دار التنوير للطباعة والنشر اللبنانية، ومن ترجمة إياد غانم . الكتاب يقدم قراءة علمية عن العاطفة والدماغ ،من خلال دراسات علمية تطرح نظريات  عن العواطف و علاقتها بالدماغ البشري فالعالمة النفسية تربط بين خبراتنا في الحياة، وما يراه دماغنا كما تقول: أنك ترى مايعتقده دماغك وتلك هي الواقعية الوجدانية، والأمر ينطبق على معظم المشاعر التي خبرتها في حياتك ، إن كل ما تشعر به مبنى على تنبؤات تصنعها معرفتك وخبراتك المسبقة إنك مهندس خبراتك في الحياة إن تصديقك لأمر ما هو ما يقودك إلى الشعور به.

وهذا الربط حقيقي فى كثير من جوانبه، فمثلا الشخص الذى لديه يقين بقدرة السحر مثلا على أذيته وقتله سيعيش فى حالة رعب من شخص، ما يعتقد بأنه لايحبه وقد يعمل على أذيته بالسحر فمعرفة وخبرة مثل هذا الشخص تقوده ،إلى مشاعر الخوف والرعب وتحول حياته إلى جحيم لأن دماغه يحمل تفكير محدد لا يستطيع الفكاك عنه 

العاطفة والعقلانية 

تقول العالمة النفسية « ليزا فيلدمان باريت « بأن الانسان لا يمكنه أن يهزم العاطفة من خلال التفكير العقلاني لأن أساس أي فكرة وإدراك ،لدي الإنسان هو حالة ميزانية الجسد وهكذا فأن التنبيه الحسى الباطني والوجدان موجودان، فى كل لحظة حتى عندما تجد نفسك عقلانيا تكون ميزانية جسمك وارتباطاتها مع الوجدان موجودة كامنة تحت السطح.  وتتساءل الباحثة لماذا يمكن لك مقاضاة شخص، ما من أجل كسره لرجلك ولكن لا يمكنك مقاضاة ضد من عمل على تحطيم قلبك؟ إن القانون يعتبر الأذى العاطفي أقل خطورة من الأذى الجسدي وأقل استحقاقا للعقوبة، فالقانون يحمى سلامة جسمك التشريحي ولكنه لا يحمى سلامة عقلك مع أن جسمك هو مجرد وعاء للعضو الذي يجعلك من تكون وهو دماغك 

والعالمة النفسية لا تقصد بأن الإنسان عليه مقاضاة، من يسبب الأذى العاطفي له ولكنها تؤكد على أن الأذى العاطفي لا يقل ضرر عن الأذى الجسدي الذي قد يتعرض له الانسان 

علاقة الأذى العاطفي بالمرض الجسدي 

تربط العالمة النفسية بين طرق الأذى العاطفي، الناجم عن الكرب المزمن وما يسببه من مرض وأذى جسديا  فيؤدى الكرب إلى مشكلات صحية، عديدة بما فيها ضمور الدماغ وزيادة احتمال الإصابة بالسرطان، ومرض فى القلب، السكر، السكتة الدماغية ، وتذكر العالمة النفسية بأن القصة لا تنتهى هنا، يمكن للأذى العاطفي أن يقصر من حياتك لأنه لدينا داخل أجسامنا رزم صغيرة من المادة الوراثية التى تستقر فى نهاية الصبغات (الكروم وسومات) مثل القلنسوات الحامية إنها تدعى( التيلوميرات) التى تتأثر بالكرب النفسي وما يتعرض له الشخص من أحداث مؤلمة فى حياته فتنقص وتذوى وتسبب فى موت الانسان مبكرا. وفى محور مهم من الكاتب تحاول عالمة النفس، دحض النظرية النفسية التي تربط بين السلوك الغير القانوني مثل ارتكاب جرائم القتل أو العنف بالدماغ، وتذكر بأن العلم لم يتمكن على الإطلاق من ربط السلوك غير القانوني بشكل مؤكد، بأى موقع محدد من الدماغ إذا استثنينا حالات أورام الدماغ أو حالات الانتكاس العصبي.

تحاول عالمة النفس في الكتاب أن تشرح، كيف يمكن للإنسان أن يسيطر على أفعاله باعتباره المسئول عنها والتي هى في الغالب تنشأ، عن خبرة مستمرة على مدى حياته من محيطه وبشكل غير مباشر عن طريق التلفزيون، الأفلام، الأصدقاء ، الأقارب ، وزملاء العمل  ولكن تغيير مفاهيمه يقع على عاتقه و مسئوليته إذا قام بتثقيف نفسه وتحصينها ضد الصور النمطية التي تزرعها ثقافة المجتمع حوله وقد تكسره وتؤدى به إلى المرض  إذا لم يكن على وعى بعواطفه وانفعالاته وردات أفعاله  وتأثيرها على صحة دماغه وجسده.

إنتصار بوراوى

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى