الرئيسيةرتوش

مدينة تلد وطناً.. تشتت أبناؤها ليلتئم شمله

اشراف: معمر سلام

تختلط في هذه الأيام المشاعر لدى أغلب الليبيين،  حزن ممزوج بفرح حزن على الكارثة التي حلت على أهلنا في المناطق المنكوبة في شرقنا الحبيب عموما والقت بثقلها على درنة خصوصا، وفرح على ما رأيناه من «فزعة» الليبيين بدون جميل والفزعة أبرز ما يميز الشخصية الليبية ويتجذر في هويتنا أحد فلا جميل ولا من بين الإخوة  .

إن هذا الحدث الذي هز العالم حدث جلل ، وعلامة فارقة في تاريخ ليبيا «مدينة تلد وطنا» تموت ليلتئم شمل الجميع،  وكأن السيل الذي جرفها جرى على قلوب الليبيين؛ ليمسح أحقادهم ويطفي نيران الفتنة والحزازات ماحدث في شرقنا الحبيب، سمعنا رجع صداه واستجاب الليبيون كلهم بدون استثناء لتلك الصرخة وتنادت كل المدن في تنافس شريف «وفي ذلك فليتنافس المتنافسون»  فرغم كل الألم الذي شعرنا به مع كل شاهدة ناج من الناجين ، ومع كل مقطع فيديو نراه متداولا على  وسائل التواصل الاجتماعي من مشاهد تحبس الانفاس حتى زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر يالها من أيام عشناها امتلأت حزنا وهولا ورعبا ، مع ذلك ما رأيناه من تكاثفنا وفزعتنا وتناسي أحقادنا خفف من وطئة الكارثة ، فهل يتعظ المسؤولون وعباد الكراسي الذين تقع على عاتقهم المسؤولية الأكبر لما سببوه من انقسام في مفاصل الدولة وعدم اهتمام وسرقة ميزانية الصيانة بما فيها من ميزانية صيانة السدود؛ فهل تمر هذه الحادثة مرور الكرام، وينساها الليبيون وينجو الفاعل بفعلته إن قلوبا الآن تغلي كالمراجل لما تراه من توحد الليبين واصطفافهم بدون «هذا شرقاوي وهذا غرباوي وهذا فزاني» لايعجبهم تعهدات الليبيون بأنهم لن يتقاتلوا من جدي،وبأنهم سينسون خلافاتهم  ويضمضوا جراح الماضي  وكأن صدى كلمة الملك ادريس رحمه الله «حتحات على ما فات» يعود للعقل الجمعي الليبي فهل يقولها الليبيون لبعضهم، وهل يمررها مرضى النفوس الذين هم من بني جلدتنا ويتكلمون بألسنتا يلبسون جلود الضأن، وقلوبهم قلوب الذئاب الضارية  فهاهم يرون سنة الله وقدرته أفأمنتم ياسراق أن تصيبكم قارعة أو تحل قريبا من داركم اتركوا الليبيون يضمدون جراحهم ويتصالحون ويتعاهدون على عدم التقاتل، لقد ذهب الليبيون لإخوتهم في قرى ومناطق لم يسمعوا بها من قبل وأصبحت أسماؤها تتردد، ووصلتها عليها قوافل الاخوّة والمحبة وتجدهم يسألون بلهفة عن هذه المناطق التي أصبحنا نعرفها ونردد أسماءها فلا ننفك نسمع عن:  عن المخيلي التي تحولت إلى جزيرة وسط رمال الصحراء التي غمرتها المياه فهي غريقة بين الرمال والسيول، وسوسة أيضا التي أصبحت رهينة المحبسين الجبل والوادي حتى كاد أهلها أن يموتوا جوعا، ومرارة وبرأس وزاوية العرقوب، قندولة،  البياضة ، تاكس،بطة، كما قلت في بداية كلامي إن المشكلة ليست في الشعب الطيب البسيط ويدل على ذلك فيديو متداول لمجموعة شباب التموا حول «صونية تن» يأكلون جميعا وكآنهم تربوا في بيت واحد والواقع أنهم لم يلتقوا من قبل ولايعرفون بعضهم بعضا وعندما سمى كل واحد منطقته كان بعضهم من أقاصي ليبيا شرقا وغربا وجنوبا إن المشكلة  في المستفيدين والذين يتبعون لأجندات أسيادهم الخارجية ولا يتوانون عن تقديم دمائنا قربانا لآلهتهم التي كلما تقربوا إليها كلما امتهنتهم وانزلتهم في الدرك الاسفل من البهيمية والشيطنة حتي أصبحت قلوبهم لا تعرف معروفا ولا تنكر منكرا ، وحتى نكون منصفين فرغم مارأينا من تكاثف وتكافل وتراحم من الشعب بعيدا عن الساسة والمسؤولين، فإن هناك بعض ضعاف النفوس من الشعب حاولوا تكدير صفاء الليبيين وتشويش هذه الصورة المشرقة فكانوا غربانا منبوذة تغرد خارج السرب وأصبحت اصواتهم نشازا تحاول تشويه معزوفة السلام الجميلة رحم الله شهداؤنا  وحفظ الله ليبيا من كل  مرضى النفوس والقلوب التي تجردت من كل معنى من معاني الانسانية والرحمة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى