ثقافة

بالحاج: كلمات الجهمي أدخلتني عالم الفن الساخر

الرسم والكتابة توأمان، تشكلا منذ وعي الإنسان بذاته ومحيطه، وتمكن عبرهما من التعبير عن كيانه وتوثيق تاريخه الذي رأينا شواهده في الكثير من المسلات والمعابد والكهوف، وهو يرسم ويكتب فيما بعد متواصلا مع شغف روحي وثيق الصلة بالاحلام والطموح.

وإذا ماتوقفنا عند فن الكاريكاتير سنجد ان قصة الحياة وقد انعكست في نماذجه وخطوطه كتيمة مشدودة الي عهد قديم مع سجال الماضي، وسوف تتحول الكتابة أيضا في إحدى صيغه الحديثة الى فرجة ممهورة بروعة الكوميكس متجليا في القصة المصورة .

محمد بالحاج احد الفنانين  الذين وجدوا ذاتهم  في عالم القصة المصورة، ولك كيف حدث ذلك، هذا ماسنعرفه في حوار كان على النحو التالي.

هل الكوميكس كان  الطابع الأول لرسوماتك ام انه جاء في مرحلةلاحقة؟

  شرارة البداية كانت بمرحلة التعليم الثانوي .. شغفي بقراءة مجلات الكوميكس جعلني ارسم مباشرة هذا الفن دون غيره، إضافة إلى أن مطالعة القصص المصورة  أستحوذت على خيالي  ما  جعلني أصبح رساما لها ، اصنع القصص والشخصيات كما احب وارسمها ومن ثم .. اقراءها.

وأضاف بالحاج : كانت اولى خطواتي  أواخر سبعينيات القرن الماضي عندما تم حضر المجلات القادمة من دولة بالجوار لاسباب سياسية، وقتها كنا ننتظرها بشوق كبير  كمجلات سمير وميكي وتان تان وغيرها ، الأمر الذي احزننا،  اذ كانت هذه المجلات هي البوصلة  التي توجهنا .. توقفت القراءة لدينا والخيال والمتعة.

و اردف مواصلا  : رفقة صديقي فنان الرسوم الساخرة والقصص المصورة علي البكوش .. صرنا نرسم القصص على كراساتنا المدرسية ونتبادلها بين بعضنا البعض ، كنا اصدقاء وجيران ،اعطتنا اكتفاء ووضعت أقدامنا على طريق هذا الفن ،  تتوالى الايام وتحتضننا المربية  الفاضلة رئيسة تحرير مجلة الامل القديرة (ماما) خديجة الجهمي عندما اصطحبني صديقي الفنان علي البكوش لعرض رسوماتي عليها فقد كان  سبقني الى هناك بأسابيع قليلة .وعبر  كلماتها المشجعة وابتسامتها البشوشة اصبحت رساما بين كبار فناني  المجلة .

استمر شغفي بهذا الفن ولازلنا  نقدم ما نستطيعه في ظروف صعبة احيانا ، لكن الرسالة التي حملتنا اياها الفاضلة ماما خديجة لا زالت نصب أعيننا، نقدم ما نقدر عليه لأجل الطفولة و المجتمع  .. كانت قدوتنا في الإخلاص للعمل، ننجز أعمالنا وكأننا نقول لها : لن نتراجع عما وعدناك به

هل كنت ترسم لمجرد الرسم ام للتعبير عن فكرة ما؟

رسم الكوميكس هو سرد قصصي لمغامرة او قصة قصيرة او سلسلة من الحلقات لقصة طويلة ، فالفكرة دائما تسبق التنفيذ والفكرة كالعادة تدعو إلى شيء ما يود الرسام والكاتب إيصاله للقراء ، هناك قصص للتسلية والمقالب المضحكة وهناك قصص للنصائح والمعلومات المفيدة وهناك بالطبع المغامرات التي تعلم الشجاعة والاقدام

مالذي شدك إلى هذا الفن ، وهل كانت لك محاولات الاتجاه إلى الرسم الواقعي مثلا او الي اي فن او هواية أخرى؟

رسمت الكوميكس لان الفرصة اتيحت لي مبكرا بالعمل في مجلة الامل للاطفال والتي كان جل صفحاتها من القصص المصورة ، ورغم احتكاكي بفناني اللوحة الواحدة بالطاقم الفني بالمجلة الا اني احترفت الكوميكس ولم ارسم غيره،  رغم بعض المحاولات البسيطة بقسم الفنون التشكيلية بجامعة طرابلس بداية الثمانينات حيت كنت أحد أعضائها

 ماالمجلات والدوريات التي ساعدت في تغدية مخيلتك ؟

مجلات اجنبية مترجمة مثل مجلات تان تان ومغامرات استريكس ومغامرات لاكي لوك، كذلك بعض المجلات العربية كمجلة سمير المصرية وبساط الريح اللبنانية ولكن لابد أن أذكر أن حبي لفن الكاريكاتير كان له الفضل الكبير في توجيه الذائقة الفنية لدي والذي تشربته من ريشة أستاذنا وفناننا محمد الزواوي رحمة الله عليه

من الذي شجعك ورأيت فيه نموذج التجربة الرائدة في فن الكاريكاتير ؟

كل فناني الكاريكاتير و الكوميكس بمجلة الأمل شجعوني من  الأستاذ الزواوي والفنان إلى محمد عبيه والفنان فوزي الصويعي، واجتهدت كثيرا لاقترب من مستواهم العالمي، اعمالهم كانت مدهشة كمسلسل البطل الصغير للزواوي وسلسلة جحا لعبيه واغلفة فوزي الصويعي كانت دروسا مجانية في هذا الفن

 ما هو  اسلوبك في بناء الشخصية الكومكسية ولأي مدرسة تنتمي، وكيف استطعت تطويرها من مرحلة لأخرى.؟

لكل فنان بالطبع أسلوبه وطريقته في اظهار شخوصه والتي يكون قد اكتسبها من اطلاعه وعمله في مجال الكوميكس ، هناك من يهتم بالتفاصيل وهناك من يركز على الأساليب الغير مألوفة والتي تكسر الرتابة وهناك من ينوع في اسلوب اللون ، كذلك توجد مدارس متعددة لفن الكوميكس تتطور بمرور الزمن فهناك المانجا والمارفل والكلاسك ، في وقتنا تتلمذنا على فن المدرسة الفرنسية والبلجيكية المتقاربتان جدا فاخدنا احيانا الملامح والحركات والمناظير منها واظفنا من عندنا بيئتنا ولباسنا وملامحنا حتى نكون محليين واكثر اقناعا لقارئ مجلاتنا الليبية

ماهي التجارب العربية التي استدعت اهتمامك في هذا الفن، ولماذا لم يتم الاستفادة منها على مستوانا المحلي؟

بالطبع التجربة المصرية فلديهم تاريخ طويل في مجلات الكوميكس ولديهم اكثر من مجلة ثابتة الصدور ولديهم اهتمام كبير بفن الكوميكس من حيث المعارض والمهرجانات وتشجيع الإصدارات الجديدة والمشاركة في المسابقات العالمية ، في بلدنا الاهتمام بهذا الفن قليل ونحمد الله علي استمرار مجلة الأمل في الصدور رغم قلة دعمها وتوقفها في بعض السنوات

لماذا لايوجد انتشار لهذا الفن تحديدا، هل بسبب صعوبته ام لان ذلك مرتبط بعنصر العمل والسوق ؟

بالدرجة الأولى عدم وجود مجلات واصدارات ثابتة وبادارة خبيرة متمكنة تتبع الدولة ، كما أن تكاليف اصدار وتوزيع مطبوعات خاصة مكلف جدا في ظل عدم وجود زخم من القراء في بلدنا التي ارهقها التغيير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى