رأي

أمين مازن يكتب.. متحف المدينة منجز يستحق المساندة

 

سرني كثيرا تحويل مبنى المتصرفية القديمة في مسقط الراس هون الى متحف للمدينة، لما في هذه الخطوة من المحافظه على التاريخ من ناحية وواجب الارتفاع إلى مستوى المسئولية من ناحية اخرى، فالمبنى الذي يعود تاريخه الى ثلاثينيات القرن الماضي وعقب اعادة الأهل من تهجيرهم القسري إلى مصراتة والخمس، والذي لا يوجد فى محيطه سوى متجر الحاج احميدة عبد الله بمداخله الثلاثة التي استحدثت في مطلع خمسينيات ذلك القرن شهد تاريخاً لم يُكتب له الاضمحلال إلامع سقوط النظام الملكي، إذ بدأ وعيُنا له بآخر الاستعمار الايطالي عندما كانت شرفته تشهد إطلالة مسئولي ايطاليا وهم يصدرون أوامرهم التي اضطلع بترجمتها السيد سالم الصادق وتلاه السيد احمد بلقاسم، ليأتي دور مسئولي بريطانيا من كنبرج إلى ملَّون، فكوريت، فثارو، مكلين و من ثم الليبين أمثال شعبان الثليب و صادق البشتي وصالح اليعقوبي وغيرهم، أولئك الذين شاركهم المسئولية الإدارية أبوبكر الحلو ويليه محمد بشير الحاج سالم. فيما كان احميدة عبد الله من متجره القديم كثير التاثير من وراء الستارة حتى أنه استطاع ان يلم بأهمية مجلس النواب ويقرر خوض معركة الترشح له على الرغم من ضغوط أكثر من طرف اجتماعي سابق و لاحق، غير أن الذى لا شك فيه ومن وقائع لا مجال لسردها أن أخطر فترة تلك التي آلت بها المسئولية الادارية للسيد محمد بشير بما جمعه من مسئولية الادارة وتدريب فريق النادي والتطوع لأمانة مكتبة النقطة الرابعة ومساعدة الشيخ التنبوكتى فى دروس النحو لجيلنا، وحسن توزيع العمل بين المحتاجين عندما كانت الأجور تدفع على هيئة حبوب من القمح، و رفض مساعي والي طرابلس لتوكيله فى تعيين عضو المنطقة بالمجلس التشريعي وقبل ذلك مجلس النواب، إنه الموقف الذي أهله لاحتلال موقف متقدم بإدارة ولاية فزان وصل الى تعيينه محافظا بالوكالة وتمكنه من اختيار أنسب القبائل المقرر إقامتها بالمنطقة لتكون في مسقط الرأس والتواصل مع المعينين ونصحهم وتطمينهم وتوجيه عميد البلدية حديث التعيين واثنين من شيوخ المحلات، لإدراكه أن البلدان لا تتقدم إلا بكثرة المتساكنين ونوعيتهم بالضرورة، وإذا كان في ما قد ذكرت شيئاً من  المحافظة على التاريخ، فإن الارتفاع إلى مستوى المسئولية من حيث صدقيه العنوان على الواقع وبالأخرى المطلوب فإنه الإدراك، ومن ثم العمل بأن صفة المدنية ليست أمنية أو كلمة او عرقاً يمكن أن يجلب الأهلية، ولكنه القدرة على استيعاب الجميع والدفع بهم نحو المشترك لتنمية المكان واعطائه الفاعلية إن على مستوى الواقع الصغير أو على مستوى البلد ككل، فهذه الآلاف التي يتكون منها المتساكنون لن تستطيع فعل أي شيء يذكر فى الاستحقاق الانتخابى الذى يبدأ من البلديه و يمر بالنيابة وينتهي برئاسة الدولة و يمكنها بدون شك أن تكون ذات صوت مسموع وأهلية بصفة المدنية كلما خففت من الانغلاق والحساسية و الضيق من الآخر، خاصة وأن المتسع يزيد كثيراً على الموجودين وأن المحيط ينذر بأكثر من منافس والسعيد من يفلح فى اختيار الأيسر، وأخيراً فإن كل من حقق نمواً فاق به غيره على أى مستوى من المستويات، ما كان ليبلغ ما بلغ إلا بتوالي قدوم الاخرين وإحداثهم شيئا من المنافسة التي قد لا تكون متكافئة فى البداية، ولكنها ما تلبث إلا أن تكون بنَّاءة فى النهاية، و إلا فإن عبارة متحف المدينة التي رُفعت على المبنى الذي أعيد تشييده منذ ما يقرب من مائة سنة لن تكون أكثر من أمنية أو ادعاء أو اسم لا وجود له، لا قدر الله

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى