رتوش

الخيول الليبية .. سلالات وتاريخ

إشراف : زكريا العنقودي

رتوش

كان الليبيون منذ القديم يهتمون بتربية الخيول الليبية ويمهرون في ذلك حتى باتت تطيع صاحبها كل الطاعة، فكانوا يركبونها دون لجام وفي بعض الأحيان دون سروج، واشتهرت قبيلة «اسبوستاي» الليبية )حوالي 500 ق.م( بإنتاج أفضل سلالات الخيول التي كانت تصدّر إلى العالم.

وذكرت السيدة Jane Harrison في كتابها )الأساطير( أنها وجدت لوحة تبين أول استيراد للخيول في جزيرة Crete اليونانية، وعلى افواه هذه الخيول لجم، وهي عادة لم تكن عند الآسيويين أو الأوروبيين، بل كانت عند الليبيين فقط، ويظهر بوضوح أن الجواد المرسوم على اللوحة من سلالة ليبية كريمة، ويدل ذيله الذي هو بشكل نافورة على أصله الليبيِّ.

والفارسُ اللِّيبيُّ يتميَّزُ باتخاذ مبادئ اجتماعية، ودينية تفرضُهَا عليه الفروسيَّةُ كآداب مُهمَّة يجبُ المُحَافظة عليها، ومن هذه المبادئ معرفته بالخيل، وأسرارها وعلومها، وكذلك تعاليه وترفعه عن الرذيلة والانحطاط والتفسخ الأخلاقي، وتميُّزه بالأخلاق الحميدة والجود والكرم والشجاعة والمروءة والشهامة والشخصية القوية، المتمسك بها عبر تاريخه الناصع.

ومن أهم المبادئ التي يجب أن يُلمَّ بها الفارسُ اللِّيبيّ معرفته لمواصفات الجواد الذي يمتطيه، وتنسيبه ومعرفة أصله.

وفي التراث اللِّيبيّ نجدُ بعضَ المواصفات التي تُعَدُّ قياسيَّةً في الجواد، وهي:

1. أن تتوفَّرَ فيه ثلاثةُ أشياء قصيرة وهي: الظهر .. القين .. المنقار.

2. أن تتوفَّر فيه ثلاثة أشياء عريضة وهي: الكفل .. الصدر .. المسلان 

)الجبهة(.

3. أن تتوفَّر فيه ثلاثة أشياء طويلة وهي: النصي .. العنق .. الذرعان.

وفي ذلكَ يقولُ الشاعرُ الشعبيُّ اللِّيبيّ:

نوصّي اللِّي يريد يدير إحصــــــــان .. يمشى بروحه في الفلا يختـــار

عريض الكفل والصدر والمسلان .. قصير الظهر والقين والمنقار

طويل النصي والعنق والذرعـــان .. وكمَّل بسماحه لون واستوبـار

كذلك على الفارس اللِّيبيّ أن يعرفَ جوادَهُ وما يحملُ من علامات حسنة مقبولة، وأخرى غير مقبولة، ومن أهمّ ما يجبُ أنْ يعرفَهُ عن الجواد هي ما يسمِّيها الفرسان بـ )البراريم(، وهي عبارةٌ عن التواءات في الشَّعْر منها ما يُلَفُّ ذاتَ اليمين، ومنها ما يُلَفُّ بالعكس، ولكل منها إشاراتٌ خاصَّةٌ يعرفُهَا أهلُ الخيل، ومنها على سبيل المثال لا الحصر:

1. بريمة العذار:  إن كانت أمام العذار لا تشتري ولا تستشار، وإذا كانت خلف العذار اشري ولا تستشار.

2. بريمة الشريحة:  ضامنة كل فضيحة، أو كما يقول البعض مواريه كل فضيحة وهي في الصدر.

3. برّيمة البيوت: وهي في الجبهة، فإذا كانت في الجواد برّيمة واحدة تعني أن الفارس يتزوَّج من زوجة واحدة، وإذا اثنان يتزوج من زوجتين.

4. برّيمة المصرف: وهي تكون في أسفل العنق، فإذا كانت قريبةً من الرأس فتعني أنَّ معاش صاحب الجواد ضيّقٌ جداً، ودائماً يقع تحت وطأة أزمات ماليَّة، وإذا توسَّطت الرقبة تماماً فتعني أنَّ وضعَهُ الماليَّ معتدلٌ، وإذا اقتربت من الصدر تعني أنَّ صاحبَ الجواد حالتُهُ الماديَّةُ جيّدةٌ.

5. حجل بالتوالي:  يقولون: حجل بالتوالي .. ركوبه أتوالي.

6. برّيمة المزاريق: وهي التي تكون في فخذ الرجل من الخارج، وتعني أن صاحب الحصان يموت في أول معركة يحضرها بالجواد ذاته.

7. برّيمة الخزوق: وتسمَّى أيضاً برّيمة الشّكل، وهي في أعلى الكتف اليمنى خزوق خيل، وفي أعلى الكتف اليسرى خزوق فارس.

8. برّيمة الركس: وتأتي على جانبيّ الرقبة، وتعني أنَّ صاحبَ الجواد ستكثرُ لديه الأغنام.

9. برّيمة السماميس: إن كان ظلَّلن للقعايد، وإذا كان اشرفن للجوايد وهي تقع أعلى الغضروف الخلفي للجواد.

10.  براريم القزع: يقولونَ إنها للجيب والتودير، فإذا كانت تلفّ للداخل تعني أن الجواد (يجيب) أي يأتي معه كل خير، وكل ما يتمنَّاهُ الفارسُ يدركُهُ، وإذا كانت تلفُّ للخارج تعني أنَّ الفارس لا يدرك ما يتمناه ويعمل من أجل تحقيقه كالمكاسب المادية وغيرها.

11. برّيمة الثمن: وموقعُهَا في جبهة الجواد، فإذا كانت عاليةً فإنَّ ثمنَ الجواد غال، وإذا كانت منخفضةً فإنَّ ثمنَ الجواد غير ذلك.

12  . برّيمة المحبة:  تأتي أعلى الشفة العلويَّة للجواد، وهي تعني المحبة والألفة بين الجواد والفارس.

13. برّيمة النداديب: وتكون في الخدّ، وهي مكروهة.

14 . برّيمة القبر: وهي في الجبهة على شكل مستطيل وهي مكروهة أيضاً.

هذه أمثلةٌ على بعض البراريم والعلامات التي توجد بالخيول، وعلى الرغم من إيمان الفرسان الليبيين بأنه لا يصيبهم إلاَّ ما كتبَ اللهُ لهم، وإنَّ التطيُّر منهيّ عنه في الدين الإسلامي، إلاَّ أنهم يولون هذه الإشارات والعلامات اهتماماً بالغاً، وهناك خبراءُ يفحصونَ الجوادَ قبلَ الشراء، خاصة من حيث وجو ما ذكر من علامات وإشارات بالجود من عدمها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى