التراثية

المدن الـــ5..بقيت آثارها فأصبحت قبلة

إن للمعالم الأثرية بريقا خاصا وعبقا تاريخيا يجعلها كتابا مفتوحا يقرؤه كل من ينظر إليه ولو لم يكن يمتلك أدوات القراءة لذلك أصبحت عامل جذب أساسي في العديد من الدول حيث يساعدنا علم الآثار بالسفر والرجوع عبره إلى أزمان غابرة لجمع المعلومات عن ثقافات وشعوب وقبائل وحضارات عاشت في تلك الأماكن الأثرية قبل آلاف السنين وبقيت آثارها شاهدة عليها،  ولاسيما إذا تنوعت الآثار في منطقةٍ ما فهذا يدل على تنوع الحضارات التي مرت بها هذه المنطقة، وحيث إن لليبيا نصيب وافر من التنوع الجغرافي والديمغرافي مما جعلها موئلا للكثيرمن الأمم والحضارات التي بقيت آثارها شاهدة عليها فكانت محط أنظار السياح وقبلتهم من مختلف أرجاء العالم وتبعا للظروف التي تمر بها البلاد فقد تأثر قطاع الآثار كما تأثر غيره سلبا بالاعتداء والتخريب تارة وبالنقل عن طريق التهريب تارة أخرى مما حدا بمنظمة التربية والعلوم والثقافة التابعة للأمم المتحدة «يونيسكو» في منتصف يوليو 2014، عند إصدار قائمة مواقع التراث العالمي المهددة. لإدراج خمسة مواقع في ليبيا على قائمة التراث العالمي المعرّض للخطر وهي: مدينة شحات الأثريّة، ومدينة لبدة الكبرى الأثريّة، ومدينة صبراتة الأثريّة، وجبال أكاكوس الصخريّة، ومدينة غدامس القديمة.

قوانين حمــــــــاية الآثــــــــــار في ليبيا رادعـــــــــة .. ماتحتــــــاجه هو التفعيل

تحركات لرفع الحظر

تحركات لرفع الحظر

بعد كل ما سبق تحركت جهات ليبية عدة ساعية لرفع الحظر عن هذه المواقع الأثرية حيث نظمت عدة ندوات ومؤتمرات في هذا السياق على مدى السنوات الماضية كان من آخرها الندوة العلمية التي نظمها جهاز الشرطة السياحية وحماية الآثار يوم 11 من الشهر الجاري بقاعة قصر الخلد بطرابلس تحت عنوان(معاً من أجل رفع الحظر عن مواقع التراث العالمي الليبية الخمس) حضر أعمال هذه الندوة كل من وكيل وزارة الداخلية لشؤون المديريات اللواء بشير الامين،  ورئيس مصلحة الاثار ، ورئيس جهاز الشرطة السياحة وحماية الاثار وجهاز المدن التاريخية ووزارات السياحة والثقافة والداخلية ومنظمة اليونيسكو ومندوبي المدن الأثرية الخمسة وعدد من المهتمين بهذا المجال من مؤسسات وجمعيات أهلية ضمن مؤسسات المجتمع المدني .

حيث تم تناول أهمية تعزيز التعاون بين جهاز الشرطة السياحة وحماية الآثار والجهات المعنية بالممتلكات الثقافية لوضع آلية تراعي الظروف الحالية والمعطيات الراهنة ، وافساح المجال أمام المنظمات الاهلية غير الحكومية للعمل مع المؤسسات الرسمية من أجل دفع الخطر الذي يهدد الموروث الأثري الثقافي ورفع الحظر المفروض على المواقع الاثرية الخمسة المهددة بازالتها من قائمة التراث العالمي وهي صبراتهلبدةشحاتغدامسجبال اكاكوس بسبب ماتتعرض له من عبث وتخريب؛ حيث نوه المشاركون بأهمية  توحيد الجهود بين كل المؤسسات الحكومية وغير الحكومية من أجل اعادة هذه المواقع الى مكانها الطبيعي لتعود وتزخر بالسياح والبعثات الاجنبية .

ومن المحاور البارزة في الندوة محور التعريف بالشرطة السياحية وحماية الآثار ودورها الهام في حماية هذه المواقع والموروثات؛ وكذلك التعريف بالمواقع الأثرية الخمسة وهي:-

1 جبال أكاكوس أو تدرارت أكاكوس هي جبال صخرية تقع في جنوب غرب ليبيا وضمن الصحراء الكبرى، وأقرب مدينة إليها هي غات الأثرية، ويوجدفي أكاكوس مجموعة مختلفة من المناظر الطبيعية، من الرياح الرملية الملونة إلى الأقواس الصخرية والأحجار الضخمة إلى الوديان. من أهم المواقع في المنطقة قوس «افازاجار» وقوس «تن خلجة». ورغم أن المنطقة من أشد المناطق القاحلة في الصحراء الكبرى إلا أنه يوجد بها بعض النباتات مثل نبات «الكالوتروبيس».

2 لبدة المدينة التاريخية التي تبعد 120 كيلومتراً شرقي العاصمة طرابلس،  واحدة من أعظم المدن الرومانية القديمة على البحر المتوسط، معزولة تقريباً عن العالم الخارجي، بعدما أسسها بحارة فينيقيون في القرن السابع قبل الميلاد، ثم أصبحت من أبرز مدن الشمال الأفريقي في عصر الإمبراطورية الرومانية.

3 غدامس وهي مدينة في الصحراء الغربية الليبية ملقبة بجوهرة الصحراء ويرجع تأسيسها للحقبة الرومانية حيث كانت تسمى سيداموس وهي من المدن التي دخلها الفتح الإسلامي مبكرا على يد أبناْ الصحابة بقيادة عقبة بن نافع الفهري حيث أصبحت محطة مهمة في طريق القوافل التي تجوب الصحراء الكبرى وكذلك مركز إشعاع حضاري وتجاري.

4 صبراته:مدينة تقليدية على الساحل الليبي تقع على بعد سبعين كيلو مترا غرب العاصمة الليبية طرابلس أسسها مستعمرون فينيقيون من مدينة صور وأقدم آثارها الفينيقية تعود للقرن السادس ق.م رغم أن المصادر الكلاسيكية تشير إلى تأسيسها في فترة تسبق القرن السادس ق.م. بعدة قرون. وربما ستكشف الأيام عن آثار فينيقية أقدم تعود لتلك المدينة الصورية.

5 شحات، أو قورينا، أو قوريني، هي مدينة تاريخية أسسها الإغريق في منطقة الجبل الأخضر في أقصى الشمال الشرقي من ليبيا، وهي ثاني أكبر مدن محافظة الجبل الأخضر بعد مدينة البيضاء، وبفضل اسمها التاريخي منحت منطقة شرق ليبيا اسم قورينائية، أو سيرينايكا، وفي الوقت الحاضر تتبع مدينة شحات لمحافظة الجبل الأخضر.

كذلك تناولت الندوة التشريعات القانونية ومدى فاعليتها في حماية الآثار حيث كانت هناك قوانين وتشريعات رادعة وهي بحاجة للتفعيل والتطبيق على أرض الواقع وعلى سبيل المثال المواد 52/53/54/55/56/57/58/59 من قانون رقم 3 لسنة 1995بشأن حماية الآثار والمتاحف والمدن القديمة والمباني التاريخية وكذلك تناولت سبل التعاون بين جهاز الشرطة السياحية والمنظمات الدولية، والارشيف الوطنى كأحد أهم الممتلكات الثقافية التي يمكنها القيام بدور حماية ومراقبة الآثار وتسيير وتنظيم منظومة العمل المتكاملة في كل ما يخص المدن والمعالم الأثرية لتضمن بذلك عودة هذا المورد المهم واللبنة الفعالة في بناء البلاد وجعلها قبلة للسياح والزوار مما يدفع بالمزيد في اتجاه الاستقرار وتحييد كل ما من شأنه عرقلة البلاد بمختلف مواردها واستثمار طاقاتها المهدرة ونبذ العنف والنزاع بين الاخوة والتوجه للبناء وإبراز معالم الوطن التي طمست لتظهر للوجود من جديد في أبهى صورة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى