رأي

ترفيه

هاشم شليق

محطة

اغلب شباب العالم يبحث عن مختلف سبل الترفيه التي وحدتهم رغم تباين الهويات والثقافات والعادات والتقاليد..ترفيه المنصات الرقمية والوسائط التقنية الحديثة والأفلام والأغاني وألعاب الفيديو ووسائل التواصل الاجتماعي والرياضات والموسيقى والسينما والملاهي والرحلات والتسوق والسفر..فأجيال اليوم تبتعد أغلبها عن رفاهية تعاطي الأدب بأنواعه من القصة والمسرحية والرواية والشعر إلى المقالة..وتقترب أكثر من استرخاء كرة القدم والبحر والموضة والاغنية والتصوير والسيارات والدراجات النارية..فلا يعرف جلهم المذاهب الأدبية  كالكلاسيكية والرومانسية والواقعية والرمزية والسريالية..فمع مرور الزمن سوف يتولى الذكاء الاصطناعي تأليف وسرد أوجه الأدب والمسرح ودار العرض والإعلام بأنواعه..ويبقى الإنسان الشاعر والممثل والمثقف والمغني والخيالي والصحافي يصفق أمام الشاشة..

السؤال الذي يفرض نفسه..هل يمكن استخدام الترفيه لدعم جودة التعليم؟..بمعنى آخر تشجيع الأطفال والشباب على التعلم بما يمكن للمعلمين وصناع المحتوى إستخدامه من وسائل ترفيهية لتحقيق النتائج المرجوة ؟..

حيث تتطلب صناعة محتوى التعليم الترفيهي النزول إلى مستوى إهتمام  وهواية أجيال اليوم..التي لحقها ضغط المعيشة وامراض العصر من قلق وتوتر واكتئاب..أي الولوج إلى عقول الطلاب من الباب الذي يختارون فتحه عندما تطرقه يد التعليم..وليس دخول المنهج التعليمي من النافذة..مثلآ وهذا رأيي الشخصي المتواضع مع احترامي وتقديري لوجهات نظر الجميع..ماذا يفيدني كطالب أن أدرس النصوص والبلاغة والتاريخ والجغرافيا على حساب الوعاء الزمني للمواد الهامة التي تبني المستقبل الواعد في حين توجد في المكتبات وعلى الإنترنت المعلقات السبع وقصائد  الشابي..وكذلك من فتح مدينة منسية أو  خاض معركة عفا عليها الزمن..وأيضا أكون مجبرا على حفظ خريطة شرق آسيا بأسماء انهارها وجبالها وهضابها..أو ماهو مناخ قارة أمريكا الشمالية بالتفصيل..وماهي ثروات أستراليا على الأرض أو في باطنها..كذا المواد العلمية محشوة نظريا بالمعادلات والرموز والتركيبات..المطلوب حفظها عن ظهر قلب وليس فهمها.. دون تجارب عملية داخل معامل حاسوب ومختبرات أحياء وكيمياء وفيزياء..رغم أنها لب التقدم والتطور..

توجد رغبة عند الأغلبية..التي لو يحدث العكس فلا تركيز ولا إهتمام بالحصص الدراسية..أول شيء معظم الطلاب لا يحبذون التقيد بالزي المدرسي بشكل يومي لأنه جيل يبحث عن الإختلاف..ويريدون جلب الموبايلات معهم واستخدامها حين الضرورة أو بين الدروس أو أثناء الاستراحة أو فترات الوصول والمغادرة..فهو إسمه نقال أي ينتقل معك حيثما ذهبت..يفضلون تلقي المعلومة من خلال عمل مرئي لأن العالم اليوم مبني على شاشات..ففي السابق ظهر صوت المعلم رديفا لصوت الراديو..يحبون المسابقات والأنشطة لأن الرياضة والفنون كؤوس وميداليات وجوائز وشهرة..يتمنون الرحلات القريبة والبعيدة لأن العالم بفضل الإنترنت اصبح قرية صغيرة واحدة..يستسيغون البرجر والشاورما والتشيبس والشوكولاته والكريب والنسكافيه..لأن لا وقت لديهم للمطبخ فهذا عصر السرعة وضيق الوقت والتوصيل والديلفري..حتى في اليابان منذ فترة ابتكروا كبسولة تحوي كل العناصر الغذائية..المهم ليس مانضعه من خطوط حمراء أمام الشباب دون دراسة جدوى التحصيل العلمي..بل بما هو مستوى التفكير والإبداع ودرجة العلم لدى الشخص نفسه..فلا يضير أن شاب في مقتبل العمر يرتدي جينز به ثقوب..ويستمع لموسيقى الراب..حالقا شعره مثل  تقليعة لاعب أو مغني أو مطرب..يجلس ليضغط أزرار  رقمية تأخذه إلى عالم الذكاء الاصطناعي بكل حرفية..مثلما فعل طفل من غرب آسيا عندما جلس وهو يمضغ العلكة  ليقرصن مواقع مؤسسات عالمية للوصول الى معلومة ما..متجاوزا القوانين..اخترق فضاء الانترنت من غرفته الصغيرة..بعد أن أطفأ النور..تاركا الباب مواربا..والواجب المدرسي بدون حل..دون أن تتفطن إليه أسرته..التي لم تدرك قبل تلك الليلة الباردة أن إبنها عبقري..يحتاج إلى توجيه.. يحتاجه الوطن..

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى