ثقافة

رحيل حارس طرابلس الصامت

 

كنز الخيال

يا الله ذهب الذي لا يذهب وغابت عينه عنا نحن الذين نتكبد ما تبقى من محرقة الط ريق وهول الحال!

رضوان الله عليه وعلى خطواته التي مشاها فوق هذا التراب الليبي العنيد…

* منذ مدة قريبة كنا تواعدنا على زيارة ونيارة له في مصراته!

كان واهنا مثل ريشة أحرقتها الشمس، وشجاعا مثل باز يسكن في سدرة الأعالي ويفرد قوادمه فوق اخضرار السفح!

* أتوجع اليوم أكثر على لوحته الثنائية التي اقتنيتها من فضل يديه والتي احترقت مع كل ما احترق لي في بحر زريق!

وكنت أسأله منذ فترة وجيزة وعزيزة، لا تترك الباب مغلقا يا رضوان!!

* لعل الله خير لك منا نحن الأشقياء، لعل الله يفسح لك في فراديسه ما لا عين رأت ولا خطر ببال البشر الأغراب.

* نم هناك على مخدة السلام والرحمة وبهجة نور الله ورضوانه، مع السلام

محمد بن الامين

وداعا

برحيلك نفتقد كنزا عظيما من اللغة والخيال.

وداعا أيها الحكاء البارع

وداعا رضوان.

مفتاح العماري

إلي أين ذهبت يا رضوان ؟

طرابلس صارت تنأى كلما اقتربنا منها كأنها لم تأخذنا في سهرات طويلة مع اﻷصدقاء وكأننا لم نتجول في أزقتها ونحتسي الشاي اﻷخضر عند ميدان الساعة .

أخبرتني أخر مرة التقينا  بأنك ستغادر الي الكدوة كما تحب أن تسمي العزيزية حيث بيت امك بعد أن أحسست بأن طرابلس تطردك وقد ضاقت بك ، قلت لي بصوت مشروخ بأنك ستتصل بي عندما تعود وقد قرأت في عينيك بأنك لن تعود ابدا…

طرابلس بعد رحيلك صارت  وحيدة  يا رضوان   .

فرج العربي

رضوان أبو شويشة البحار العتيد

عرفت الاستاذ رضوان أبو شويشة في مكتب والدي للمحاماة، كان من أول الوجوه المشرقة التي أطلت علينا.. جاء يحمل على كتفيه حكايا البحر والسفر والغربة.. حكاء بيديه وعينيه وشفتيه.. حركي ونشط.. أفق واسع وخيال لا ينضب.

جاء يحمل ملفا أزرق، ضم بين دفتيه كتابا وحيدا من الحجم الصغير عنوانه “عند باب البحر”، أذكر أن لونه رمادي.. كان يسير وكأنه يلامس الارض، دخل إلى مكتب والدي الذي تلقفه بالأحضان والقبلات.. ”تي وينك يارضوان”.. رضوان؟ ماهذا الإسم الشبابي؟ تساءلت.. ولما عرفته رأيت كم اسمه مناسب له.. “جيتك زعلان بنرفع قضية عليهم” ولم يكن “عليهم” سوى دار النشر الحكومية، ولم يكن الخطأ سوى صورة في آخر الكتاب نسبت ليوسف باشا القره مانللي؟’، والذي تبين لرضوان بعد أن سلم الكتاب للطباعة والنشر أنها صورة مغلوطة لأنه تبين له لاحقا أن التصوير لم يكن قد اكتشف في حينها، أرسل لدار النشر مستدركا يطلب حذف الصورة، لكنهم نشروها…” لازم نقاضيهم ويسحبوا النسخ من المكتبات”، وكان له ما اراد، دعوى ضد دار النشر، التي تصالحت معه فيما بعد…

ولأنني تدربت في هذه الدعوى بالذات، فقد تعرفت على رضوان عن قرب.. منهلا للثقافة، عاشقا للغات والفلسفة، مدمنا على السفر والمغامرة.. زين كتابه باللغة الانجليزية للقصص القصيرة مكتبتنا.. كما تزين مكتبنا بحضوره الدائم..

كنت في المدينة.. قلت نمر عليكم...

وكان بوشويشة لا يحضر إلا برفيق.. الكاتب يوسف القويري، الشاعر الجيلاني طريبشان، الكاتب والروائي منصور ابوشناف، الصحفي محمود البوسيفي، الفنان أحمد فكرون.. الشاعر صلاح عجينة.. وغيرهم.. يأتي بهم ليتحول المكتب إلى منتدى ثقافي من طراز رفيع.

يأتي يوم ولا يملك قوت يومه، ويأتي آخر بجيب منتفخ وهو يستعد للسفر.. لكن البحار العتيد يملك قلما وعزّة نفس.. لا يطأطأ رأسه إلا لكتبه وأمه.. عاش في بيت قريب من “القصرية” بمنطقة قرقارش، ينام على وقع هدير الموج، ويصحو فجرا على صياح البحارة.. لكن الحال ضاق به واراد ان ينتقل بمكتبته إلى مسقط رأسه وبيت والدته، فقصد العزيزية وعاش معها.. عاشق لأمه، الحاجة المستقلة ببيتها ورزقها .. وكأن كل الصفات التي يتحلى بها رضوان إنما أنتقلت إليه من أمه.. تحرث وتغرس وتلم غلالها وتطبخ وتمسح.. كل ذلك في سانيتها بالعزيزية.. كانت عطوفة عليه.. جرته في حركتها وسكون المنطقة والوان الطبيعة إلى عالم آخر وفي عمر متأخر، ألا وهو الفن التشكيلي.. ومن المناسب القول بأن رحلاته الصحراوية لواو الناموس وجبال الاكاكوس صحبة الاستاذ منصور بوشناف واوفنايت الكوني دفعت به دفعا لممارسة هذا الفن.. حتى اضحى رساما يشار اليه بالبنان.

وبعد ان كان يزورني وهو يحمل كتبا وجرائد، اصبح يزورني ويديه مخضبة بالألوان.. يفركها كلما أمعنت فيها النظر …

عزة المقهور

رضوان بوشويشة موثّق الأرواح الليبية المرحة

من الكتابة الى الرسم، ومن العزيزية الى دبلن ومنها الى طرابلس. ومن القصة القصيرة الى الرواية والمسرحية الى اللوحة. رحلة طويلة من البحث عن ارواح اسلاف مرحة، داهمها الرمل والتصحر وتعاقب على مطاردتها آلاف الغزاة والمغامرين وقطاع الطرق.

ارواح على رغم العطش وضنك العيش ظلت مرحة، تعشق الضحك وتمارس السخرية، تتناسخ صيادين ورعاة وزراعة يصورها رسامون مرحون على جدران كهوف الاكاكوس في الجنوب الليبي في العصر المطير، ويتذكرها جنود سبتيموس سيفيروس الليبيون وهم يغزون الاراضي الارلندية تحت رايات روما في قرون الميلاد الأولى. رحلة عاشها ورسمها الليبي رضوان بوشويشة، تنقل بين امكنة شتى حلَ حيثما حلَ اسلافه باحثاً عن ارواحهم المرحة.

من طرابلس يرحل رضوان عكس مسار التاريخ الى الصحراء الليبية وتحديداً الى الاكاكوس، حيث متاحف لوحات ما قبل التاريخ، يرحل الى العصر المطير. يرافق بروفسور موري الايطالي مكتشف تلك المتاحف الضخمة، ويغرق في تفاصيل حياة وفنون اولئك «الفنانين المرحين» الذين عاشوا ورسموا تلك اللوحات الخالدة منذ عشرة آلاف سنة لينتج لوحاته الاخرى. يرسم مسكوناً بتلك الارواح المرحة وبعمق التجربة وتجذرها في ذاكرة تضج تحت الرمل بحياة الصيد والرعي وجني الثمار، يحاول وبمساعدة موري اكتشاف المواد التي استخدمها اولئك الرسامون واستطاعت مقاومة الزمن والتصحر على مدى آلاف السنين.

منصور بوشناف

ذهب ليستريح

رضوان بوشويشة ذهب ليستريح كثيرا فالعناء كان أكبر منه

اكبر من الكرسي المكهرب والقطة المجنونة وانه لم يعد يفهم أي شيء.

رحمة الله عليه.

محمد المغبوب

غربة قاحلة

رحل الصديق الفنان والكاتب رضوان بوشويشة .

غربة قاحلة في الوطن سابقا ولاحقا .

كان من أوائل كتاب صحيفة الحقيقة أثناء إقامته في أوروبا عام 1966 .

وله نقاشات كثيرة عبرها مع صديقه الصادق النيهوم . لاأحد يتذكر ذلك .

رحمه الله . العزاء للجميع في رحيله .

سالم الكبتي

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى