إستطلاعاتالاولىالرئيسيةتحقيقاتليبيا

فروة جزيرة الأحلام الليبية … الجزيرة تغرق والمحاولات الذاتية لإنقاذها تفشــل، فمن المسؤول؟

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

«فروة » محمية طبيعية حباها الله بتنوع بيئي جعلها قبلة البحتين عن الراحة والمغامرة لقضاء زوقات ممتعة.

نحاول في هذه المساحة الابحار إلي أكبر الجزر الليبية مساحةً وأكثرها جمالا صحبة الباحث والمختص في الشؤون البيئية والارصاد الجوية الأستاذ يوسف صالح حلمي.

إعداد

وليد البكوش

الجمال الطبيعي والموقع الاستراتيجي

بداية عرفنا الأستاذ يوسف بالجزيرة قائلا «فروة جزيرة قديمة قدم سكانها الذي استوطنوها مند عهود غابرة، وقد ذكرها العديد من الرحالة عبر التاريخ، وهي تقع في اقصى الشمال الغربي للساحل الليبي قبالة قرية بسيدا (ابوكماش) وتبعد عن الساحل نحو ميلين وعن مدينة طرابلس نحو 140 كيلومتر، وعن مدينة زوارة نحو 40 كيلومتر غربا قرب الحدود الليبية التونسية، وهي تتبع إداريا بلدية زوارة».

وواصل حلمي وصفه للجزيرة «تمتد الجزيرة على هيئة لسان بحري وبطول يتجاوز أحد عشرة كيلومتر وعرض يتراوح بين 400 متر إلى 700 متر تبلغ مساحتها الاجمالية نحو 470 هكتار، تعتبر فروة نقطة ملاحية مهمة بين جزيرة جربة التونسية وطرابلس قديما، ولقد ورد ذكرها تحت مسمى (رأس المخبز) عند الرحالة الادريسي في الجزء الثاني في الإقليم الثالث في كتابه نزهة المشتاق في اختراق الافاق كما ذكرها الرحالة هاينرش بارت».

الجزيرة غالباً ما تحاط بالمياه العميقة خلال فصل الشتاء بسبب الفيضانات او المد البحري الذي يحدث حولها، إلا أنّها خلال فصل الصيف تتحول إلى شبه جزيرة متصلة بالبر الرئيسيّ من الجهة الشرقية لها، ويمكن العبور إليها عبر هذا الممر البريّ مشياً على الأقدام، خاصّةً خلال ساعات النهار حيث يقتصر عمق المياه فيها على قدمين فقط، كما يصعب ذلك خلال ساعات الليل حيث يرتفع عمق الماء إلى حوالي المتر.

أول مقبرة للطليان

هذا الموقع الاستراتيجي المهم كان أول مطمع للغزاة الطليان عند محاولتهم احتلال الأراضي الليبية، فسرد لنا الأستاذ يوسف قصة أول إنزال في الجزيرة» في يوم الاثنين 8 ابريل من عام 1912م، توقفت البوارج الإيطالية على بعد ستة اميال بحرية شمال الجزيرة وبدء في عملية الانزال على رأس التالقة بواسطة قوارب صغيرة تحت جنح الظلام، والغرض من احتلال الجزيرة هو قطع خط او طريق الامداد القادمة من تونس للمجاهدين عبر طريق الحاجية المار جنوبي بسيدا (ابوكماش)، وبالجزيرة مقبرتين احداهما لسكانها الأصليين وهي لا تزال معالمها ظاهرة والأسماء المدونة على القبور لا تزال مقروءة، والمقبرة الأخرى لموتى الايطاليين الذين ماتوا في معركة سيدي سعيد الشهيرة، وفي احد السنين وجد قبر جماعي للإيطاليين ولقد لعبت الظروف الطبيعية دورها حيث غُمر المكان واختفى بفعل التيارات البحرية والرمال، وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية قامت القوات الغازية الإيطالية بانتشال العشرات من الجثث ونقلها إلى إيطاليا».

وأضاف «بالجزيرة مبنى من طابقين من العهد الإيطالي استعمل بعد الاستقلال 1966م، كمستوصف ومدرسة ابتدائية بالإضافة إلى منارة بحرية، وهذا المبنى لا يزال قائما وصالح للاستعمال حيث رمم أكثر من مرة واخر ترميم له كان عام 2002م، وبالجزيرة مبنى من العهد التركي قد تهالك واندثرت اثارة بني بالحجارة الهشة المحلية».

الحاج مسعود غواز أحد سكان الجزيرة ومن مواليدها قديما، كان يعمل حارسا لمنارة فروة البحرية المعطلة حاليا إلى أن تقاعد مند سنوات، تحدث معه عن معالم الجزيرة وسكانها قديما، افادني انه يوجد قبو بالجزيرة مند فترة الاحتلال الإيطالي استعمل كملجأ من الغارات الجوية وكمخزن للعتاد الحربي، وهو يؤكد ان ذلك القبو لا يزال موجودا تحت الرمال حتى الان، كما يوجد به (كازيرما) او مبنى عسكري مبني بالخرسانة، تمت صيانته هو الاخر كمقر للخدمات السياحية ببلدية زوارة.

كنز بحري طاله الإهمال

جزيرة فروة وبحيرتها هي محمية بموجب القانون الدولي والمحلي تعتبر من أفضل المنتجعات الصيفية وهي منتجع طبيعي وغنية بأنواع نادرة من الطيور وموطن للسلاحف البحرية، وهي تعتبر جنة على الارض خصوصا لمراقبة الطيور النادرة مثل الغراب المائي وطيور الفلامنقو ومن أكثرها ندرة البلشون الرمادي والبشاروش، والتي لا توجد إلا في هذه الجزيرة.

ليخبرنا حلمي المزيد عن هذا الموضوع «هذه الجزيرة وبحيرتها التابعة لها وهي بحيرة (آغرم نتغاردمت) أي برج العقرب تعتبران من اهم مواطن تكاثر الاسماك والاحياء البحرية التي تتغذى على نبات البيسدون البحري (تبن البحر) أو التالفة، وقبالة الجزيرة توجد سلسلة جبلية في الاعماق تعرف بالدارجة (بانكا قريدو – أو البنك – أو السكة)، وهو عبارة عن سلسلة جبلية تكونت قبل ملايين السنين على عمق عشرة قامات تحت سطح البحر تبدأ من قبالة الجزيرة وتنتهي قبالة مدينة زليتن شرقا، وهذا الحاجز الطبيعي يعتبر من أشهر أماكن تكاثر الأسماك على الساحل الإفريقي، ومن المتعارف عليه أن كمية الأسماك في ليبيا عامة ترتكز على هذا المصدر حيث أن نسبة إنتاج الأسماك في منطقة زوارة وحدها تبلغ 40% من الإنتاج الوطني بالكامل.

الحياة البرية لها حضور أيضا في الجزيرة

المنطقة باسرها تزخر بتنوع في الحياة البرية وخاصة الطيور بأنواعها التي تتعدد لتصل إلى 29 نوعا حيث تحتوي على أنواع عدّة من الطيور يبلغ عددها 29 نوعاً مختلفاً، كما بها تنوع الأحياء البحرية المختلفة خاصّةً الإخطبوط، والتي تتيح لزائر الجزيرة ممارسة هواية الصيد بالصنارة، وتستقبل جزيرة فروة عدداً هائلا من الزوار الليبيين وغيرهم الباحثين عن المغامرة، والمتعة، والتسلية، حيث تمتاز الجزيرة بطبيعتها الخلابة كما تتمتع بالهدوء والسكينة لخلوها من السكان والآلات والسيارات وكل ما تتسم به الحياة العصرية من ضوضاء وضجيج.

كما لا ننسى ان هذه البحيرة غنية بالطمي الاسود او الطين الاسود أو (الغرين) وهو عنصر هام جدا لعلاج الروماتيزم والامراض الجلدية كما هو معروف في دول البلقان، وهو يشجع على العلاج السياحي بأنشاء مصحات خاصة بالمساجات بتلك المادة السوداء عوضا عن الالتجاء إلى دول اوربية لغرض العلاج المذكور بتكلفة باهضه الثمن.

فروة تختفي ومهددة بالانقراض

تتعرض جزيرة فروة للتناقص المستمرة فمن خلال تحليل مرئيات Landsat خلال الفترة من 1987 لغاية 2013 تناقصت الجزيرة 1.596 كيلو متر مربع، ونظراً لصغر مساحة الجزيرة التي بلغت مساحتها 4.6 كيلو متر مربع في سنة 2013 فأن استمرار هذا التناقص سيؤدي إلى اختفى الجزيرة بالكامل خلال نحو 70 سنة.

وقد تم رفع العديد من التوصيات لحماية هذه الجزيرة منها منع الرعي على أراضي الجزيرة مما ينتج عنه المحافظة على الغطاء النباتي الطبيعي الذي يسهم في تتثبت التربة، وأيضا زراعة الجزيرة بأنواع من النباتات مقاومة للجفاف تتلاءم مع البيئة الطبيعية للحد نت انجراف التربة وتآكل السواحل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى