ثقافة

فلسطين جرح العالم

 

زينب الكرماجي

«كنا ما نزال حتّى سنة 1932م على شيءٍ من الأمل، ولكنه زال مع الزّمن، كلّ عذابنا، كلّ آلامنا، كانت تُعدُّ بِعناية، لم يكن أمامنا غير الشّهادة»، القائل: الشّيخ أمين الحسيني؛ أحد قادة المقاومة الفلسطينيّة.

استوقفتني هذه العبارة، «كلّ عذابنا، كلّ آلامنا، كانت تُعدُّ بعناية»،  خاصةً «تُعدُّ بعناية»، أوجعتني جدًّا؛ تعني أن عذاب وآلام البعض، مُعدٌّ وبعناية من قبل بعضٍ آخر. هذا ما يحدث بفلسطين وبغير فلسطين.

الّذي تعانيه فلسطين يعانيه كثيرون بصمت، فلسطين تكشف الذي يعانيه الكثيرين، تحزن، تتألم، فقط لكي ندرك مأساة هذا الزّمن وكلّ الأزمنة القادمة، ندرك عدو هذا الزّمن وكلّ الأزمنة القادمة.

‏العدو الحقيقي ليس اليهود ولا حتّى الكيان الصّهيوني، العدو الحقيقي هو الفكر المتجسد بكلّ شخص صهيوني حتّى من غير اليهود، هذا الفكر متجسد بأشخاص كثيرين من كل بقاع الدّنيا، هؤلاء الأشخاص هم سبب المعاناة الإنسانيّة أينما وجدوا، هم سبب دموع النّاس، أحزان النّاس، ضياع النّاس.

فلسطين تتألم ليس إلى أن تنتصر، بل إلى أن يدرك كلّ العالم هذا العدو المتربص بهم، المتربص بالإنسانيّة، بالسّلام، بالحبّ، بكلّ جميل خلقه الله عز و جل. إنّها ليست معركة فلسطين وكيان صهيوني، إنّها معركة إنسانيّة وفكر.

‏المعركة ليست على أرض فلسطين فقط، بل بكثير من أراضينا ونحن غير مدركين، يجب أن ننتصر نحن هنا، كي تنتصر فلسطين هناك، ننتصر بالكثير من الجمال، الحبّ، الإنسانيّة، وكلّ المشاعر الجميلة، وكلّ الأعمال الحسنة، وكلّ الفضائل والأخلاق النّبيلة، ننتصر بوعينا لكلّ ما حولنا وما يحيط بنا، بإدراكنا لكلّ حقائق هذا الكون، بالعلم، بنقاء النّفس الإنسانيّة، بالإرتقاء.

وكلّ هذا الكلام غير قابل للفهم، قابل للإحساس، الألم يحس قبل أن يفهم، بل الألم تعدى الشّعور، تعدى الإحساس إلى الزّمن، كأن الزّمن يهطل علينا بالآلام، لا مفر لنا إلّا ذاك النّقاء بكلّ روح إنسانيّة يكمن فيها كلّ أمل من الله، خالق هذا القدر، خالق الأمل أن تحيا الإنسانيّة فينا. تظلّ فلسطين بالمعاناة تحيا، ونحن بين قدرٍ وأمل نعتلج.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى