إجتماعي

مساعدة الزوج لزوجته

 

بعد ولادتي بشهر أُصبتُ بكآبة شديدة ما عُدتُ أقوى على تحمل عقباتها، يبكي ابني دون أن أعرف السبب فقد تحمم ورضع وبدّل حفاضته فماذا يُبكيه؟! لمّ لا ينام ويتركني أهنأ بساعة من النوم الهادئ؟، لكن حتى ما أن تتحقق أمنيتي بنومه إلا وأجد زوجي فوق رأسي يطلب الشاي، ثم تجهيز ملابسه ثم تحضير حلوى يشتهيها، ثم أجد الكثير من الأعمال تنتظرني، فأحاول إنهاءها سريعًا بجسم واهن يكاد يُغشى عليّ، ولا أكاد أنتهي إلا وأجد صوتَ ابني يرتفع من جديد لتبدأ الدائرة من جديد فلا أنا أنام ولا الأعمال تنتهي، أجدني أبكي دون سبب، فيتهمني زوجي بالنكد وهو لا يعرف كل ما يدور في عقلي وقلبي من مسؤوليات بدأت تتراكم وتحتاج لمن يُساعد لفترة ولو قليلة، مهما شرحتُ له لن يستوعب وغضب واتهمني بانعدام المسؤولية فتزداد الأمور سوءًا.

ذات مرة اشتد الخلاف أدى لتدخل أحد الجيران لشدة ما ارتفع صوته وقال :

 جميع النساء مثلكَ ولم نسمع إحداهن تشكو أو تتغافل أو تعبس هكذا!

ارتفع رنين الباب فهدأ وراح يفتح وأدخل الجار إلى الصالون، كان الصوت مسموعًا لديّ حين قال الجار دون أن يدخل في صُلب الموضوع الذي سمعه منذ قليل :

كيف حالكَ بعد قدوم الطفل ؟

رد زوجي في ضجر :

بخير .

قال الجار وهو يضحك :

– أذكر حين ولادة ابني الأول لم نكن ننام إلا القليل جدًا، آتي من العمل فأتناوب على حمل الصبي قليلًا حتى تهنأ زوجتي بساعة أو ساعتين لتستطيع إكمال يومها، تطبخ فأساعدها في غسل الأواني أو تجهيز السفرة أو ما ستطعتُ مساعدتها فيه، فكنتُ أحاول دائمًا أن أريحها ولو بالقليل لفرط تعبها، وحين ولادة ابني الثاني كان الطفل الأول بجميع مسؤولياته معي بل وكنتُ أحاول حمل الصغير ولو لبعض الوقت حتى تنام، فأكثر ما كانت تحتاج إليه هو النوم في هدوء لترحم عقلها جهد التفكير ومن ثم الدخول في المتاعب والأحزان لأن فرط التفكير وقلة النوم تبعث على الكآبة مما يُؤثر عليها وعلى الرضيع وعلى أهل البيت جميعًا، والحمد لله مرتْ كل الفترات على خير .

 

سمعتُ زوجي وهو يُحاول أن يخفض صوته لكن لتلاصق الغرفتين كان الصوت واضحًا :

-لكن أمهاتنا وجداتنا كن يحملن المسؤولية كلها على عاتقهن دون مساعدة أحد بل كانت المرأة منهن تذهب أيضًا للأسواق وتطبخ أشهى المأكولات ولم تتعلل إحداهن بتعب أو غيره .

 

قال الجار في هدوء :

– الزمان غير الزمان والأجساد غير الأجساد والبيئة غير البيئة، قديمًا كان يعم الهدوء والجو النظيف والطعام الخالي من الكيماويات والتلوث، فكانت المرأة قوية ذات جسم يتحمل الكثير وكان الأطفال ينامون لأغلب الوقت لشدة هدوء الدنيا ونقاء الجو وصحة ما يتناولون، أما الآن فحتى تلك الأجهزة الكهربائية تُؤثر على الصغار فلا ينعمون بالهدوء والنقاء والتغذية التي نشأ عليها هذا الجيل جعلت صحتهم أوهن كثيرًا من القدامى، لذا لا بأس من بعض المساعدة لتمضي الحياة هانئة .

 

لم يرد زوجي رُبما لم يقتنع .. قال الجار :

– أتعلم حتى اليوم لازالت زوجتي تشكرني على صنيعي هذا ولم تنسَ أبدًا ما كان مني من مساعدة وإن حدث خلاف تأتي بعد أقل من دقائق تعتذر حتى لو كنتُ أنا المُخطئ وهي تقول : لا أنسى ما كان منكَ وأنا في أشد وهنى.

 

قال زوجي :

بارك الله لكما .

قال الجار :

-المرأة في تلك الأيام تكون في حالة مزاجية سيئة لتحول حياتها وتغيرها من فتاة تنعم بالحياة إلى زوجة وأن أصبح على عاتقها كل شيء، فلا تكن معاملتك الشديدة معها عبئًا آخر عليها، لو فقط ربت على يدها وأشعرتها بتقديرك لتعبها لهانت كل الدنيا في عينها، يمكن للرجل أن يُساعد زوجته ولو بالكلام الطيب بدلًا من هدّ العزائم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى