ثقافة

بائع الورود

محمد ناجي

 

في زقاق ضيق خلف المستشفي المركزي جلس بائع الورود مهموما مغموما ينظر بحسرة إلي كومة وروده الذابلة وقد إصفرت أوراقها وبهتت الوانها وزالت رائحتها و خبئ وهجها . منذ أمد لم يزره اي مشتر ليقدم باقة ورود إلي مريض أو حبيب او صديق

هل فقدت الورود معناها أم إختفي المرض والحب من هذه الدنيا . . ؟ ؟ لا أعلم لا ادري . . ؟ ؟ ظل يردد هذا السؤال بينه وبين نفسه بين الفينة والأخري . . أتبعه بسؤال آخر أكثر قسوة وألما من سابقه . .

كيف لي ان أعيش كيف لي أن أطعم عيالي فأنا لا اعرف إلا هذا العمل ولا أفقه غير هذه المهنة . . ؟ ؟ في ظل هذه الحيرة وهذا الضياع مر به احد الأصدقاء . . ساله عن حاله وأحواله . . تنهد بعمق أومأ برأسه . . ثم أشار إلي الورود الذابلة بالم وحسرة . . أحس الصديق بمقدار الألم والعجز الذي أحاط بصديقه ربت علي كتفه بحنان وعطف ثم قال : لا عليك ياصديقي إنها الحرب وما تحمله من ألم وعذاب . . ايام صعبة . . كلنا نعاني. . تفرج إن شاء الله . . ربنا كريم

إنحني بهدوء إلي مستوي راسه وهمس في أذنه بكلمات . لمعت عيناه فجأة . .إنفرجت أساريره ثم بانت بسمة ساخرة باهتة علي محياه الذي خطته التجاعيد . . نعم صدقت إنها ليست بضاعة رائجة . . الورود ياصديقي في زمن الحرب ليس لها قيمة ولا معني .

غدا سوف ابدأ في تغيير هذا الدكان إلي نشاط جديد مربح ورائج أضمن به حياة كريمة لي ولأسرتي حسب ما أشرت علي .

في صباح اليوم التالي دخلت سيارة نقل إلي ذلك الزقاق محملة بالبضاعة الجديدة . . بهمة ونشاط بدا في إزالة كل الورود والرمي بها إلي صندوق القمامة وقام بوضع البضاعة الجديدة وترتيبها علي الأرفف بحرص وعناية.

ازال لافته المحل القديمة التي كانت تحمل عنوان ( أرض الزهر والحنة لأجمل باقات الزهور )

وضع لافتة المحل الجديدة التي تحمل عنوان : ( أرض الزهر والحنة لبيع الأكفان وتجهيز الموتي

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى