رأي

وين ماشية بينا يامركبنا ؟

محمد الرحومي

في‭ ‬مساحة‭ ‬تتجاوز‭ ‬ثلاثة‭ ‬هكتارات،‭ ‬وبمبنى‭ ‬يتجاوز‭ ‬ثلاثة‭ ‬طوابق‭ ‬وبميزانية‭ ‬تتجاوز‭ ‬الخمسين‭ ‬مليونًا‭.. ‬تم‭ ‬تشييد‭ ‬مستشفى‭ ‬لن‭ ‬تجد‭ ‬فيه‭ ‬مداواة‭ ‬لأصبع‭ ‬جريح‭..‬

ستجد‭ ‬الشعب‭ ‬من‭ ‬الرجال،‭ ‬والنساء‭ ‬بلباس‭ ‬مختلف‭ ‬ثم‭ ‬تصنّيفه‭ ‬على‭ ‬حسب‭ ‬رغبة‭ ‬المرتدي‭..‬

أن‭ ‬تتعرض‭ ‬لاصابة‭ ‬طفيفة‭ ‬تحتاج‭ )‬فاشة،‭ ‬أو‭ ‬غرزة‭( ‬هذا‭ ‬يعني‭ ‬أنك‭ ‬ستدور‭ ‬في‭ ‬دوامة‭ ‬من‭ ‬القلق‭ ‬والحيرة‭..‬

فالاسعافات‭ ‬أصبحت‭ ‬شيئًا‭ ‬شبه‭ ‬مستحيل‭ ‬في‭ ‬مؤسسات‭ ‬صحية‭ ‬ضخمة‭ .. ‬ليس‭ ‬لانعدام‭ ‬الأدوات‭ ‬والمعقمات‭ ‬فقط‭..‬بل‭ ‬حتى‭ ‬في‭ ‬تحمل‭ ‬مسؤولية‭ ‬المداورة،‭ ‬ومزاولة‭ ‬مهنة‭ ‬التمريض‭. ‬المواطن‭ ‬الليبي‭ ‬عانى‭ ‬الأمرين‭ ‬من‭ ‬ضعف‭ ‬وفساد‭ ‬قطاع‭ ‬الصحة‭.‬

هذا‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬الخدمات‭ ‬واحتياجات‭ ‬المواطن‭ ‬لها‭ ..‬

أما‭ ‬على‭ ‬صعيد‭ ‬الدولة‭ ‬فإن‭ ‬قطاع‭ ‬الصحة‭ ‬الليبي‭ ‬سجل‭ ‬أرقامًا‭ ‬يصعب‭ ‬استيعابها‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬نتائج‭.‬

‭ ‬المصروفات‭ ‬بالمليارات،‭ ‬والخدمات‭ ‬عاجزة‭ ‬عن‭ ‬مداواة‭ ‬ظفر‭ ‬الأصبع‭ ‬الأصغر‭.‬

كل‭ ‬الحكومات‭ ‬المتعاقبة،‭ ‬والوزارات،‭ ‬وأمانات‭ ‬اللجان‭ ‬الشعبية‭ ‬قبلها‭ ‬استغلت‭ ‬قطاع‭ ‬الصحة‭ ‬الذي‭ ‬هو‭ ‬اشد‭ ‬احتياجات‭ ‬المواطن‭ .. ‬فهو‭ ‬دون‭ ‬أي‭ ‬منازع‭ ‬القطاع‭ ‬الأكثر‭ ‬فسادًا‭ ‬ماليًا،‭ ‬وإداريًا،‭ ‬وخدميًا‭.‬

في‭ ‬إحدى‭ ‬دول‭ ‬الجوار‭ ‬يتشافى‭ ‬الليبيون‭ ‬في‭ ‬بيت‭ ‬صغير‭ ‬ذا‭ ‬حجرتين،‭ ‬وغرفة‭ ‬انتظار،‭ ‬وحمام‭ ‬على‭ ‬أكثر‭ ‬تقدير‭ ‬لن‭ ‬تجد‭ ‬فيه‭ ‬إلا‭ ‬دكتورًا‭ ‬واحدًا،‭ ‬وملائكة‭ ‬للرحمة‭ ‬تقوم‭ ‬بجميع‭ ‬خدمات‭ ‬هذه‭ ‬المصحة‭ ‬من‭ ‬مداواة،‭ ‬وعمليات‭ ‬صغرى،‭ ‬وأحيانا‭ ‬علاجية‭..‬

لن‭ ‬تجد‭ ‬إلا‭ ‬أرباحًا‭ ‬تفوق‭ ‬حجم‭ ‬هذا‭ ‬المنجز‭ ‬الذي‭ ‬أسس‭ ‬بالايجار‭..‬

ما‭ ‬الذي‭ ‬يحدث‭ ‬لنا؟،‭ ‬كيف‭ ‬يتعايش‭ ‬شعب‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬القطاع‭ ‬الذي‭ ‬تجاوز‭ ‬الخيال‭ ‬في‭ ‬مصائبه،‭ ‬وفساده؟،‭ ‬إلى‭ ‬متى‭ ‬يتواصل‭ ‬وجع‭ ‬أجسادنا‭ ‬نتجرع‭ ‬الألم،‭ ‬ولا‭ ‬نؤسس‭ ‬حجارة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬الأمل‭ ‬ولو‭ ‬في‭ ‬سبيل‭ ‬مستقبل‭ ‬صحي‭ ‬يمنح‭ ‬أطفالنا‭ ‬طمأنينة‭ ‬لمداواة‭ ‬أصبع‭ ‬جريح‭. ‬

كونوا‭ ‬بخير

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى