رأي

عن المنحة والمحنة

معمر الزايدي

يقول‭ ‬كبار‭ ‬المتصوفة‭ ‬والمتحدثين‭ ‬عن‭ ‬الحقائق‭ ‬في‭ ‬مجرى‭ ‬الحديث‭ ‬المتعلق‭ ‬عن‭ ‬أهمية‭ ‬الصبر‭ ‬والرضا‭ ‬بالأقدار‭ ‬وتعليل‭ ‬النفس‭ ‬بالتأسي‭ ‬بالأولين‭ ‬وأن‭ ‬الصبر‭ ‬كمفتاح‭ ‬للفرج‭ ‬هو‭ ‬ضرورة‭ ‬ماسة‭ ‬لإستمرار‭ ‬الحياة‭ ‬وهو‭ ‬كذلك‭ ‬بسبب‭ ‬تنوع‭ ‬مجريات‭ ‬الحياة‭ ‬وإختلافاتها‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬لاتأتي‭ ‬وفق‭ ‬رغبة‭ ‬المرء‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‭ ‬وخصوصا‭ ‬عندما‭ ‬يسيطر‭ ‬على‭ ‬السوق‭ ‬وإقتصاد‭ ‬البلد‭ ‬أناس‭ ‬لايعرفون‭ ‬معنى‭ ‬وجوب‭ ‬أن‭ ‬لايكون‭ ‬هناك‭ ‬مدعاة‭ ‬للصبر‭ ‬في‭ ‬المجتمع‭ ‬إذا‭ ‬ماتوفرت‭ ‬المنح‭ ‬وإشرقت‭ ‬الأرض‭ ‬بنور‭ ‬ربها‭ .‬

يقول‭ ‬المتصوفة‭ ‬أن‭ ‬حقائق‭ ‬المحن‭ ‬التي‭ ‬هي‭ ‬الشدائد‭ ‬هي‭ ‬منح‭ ‬أصيلة‭ ‬لإستجلابها‭ ‬الصبر‭ ‬كأسلوب‭ ‬تلق‭ ‬مبارك‭ ‬ومنشود‭ . ‬وأن‭ ‬مجرى‭ ‬الحكمة‭ ‬لايعلمه‭ ‬الا‭ ‬الله‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬وأن‭ ‬أيضا‭ ‬الخيرة‭ ‬فيما‭ ‬اختاره‭ ‬الله‭ . ‬وكل‭ ‬هذا‭ ‬القول‭ ‬في‭ ‬أصوله‭ ‬صحيح‭ ‬وأبيض‭ . ‬

ومن‭ ‬هنا‭ ‬صارت‭ ‬التسميات‭ ‬على‭ ‬سياق‭ ‬التفاؤل‭ ‬وإدخال‭ ‬المسرات‭ .‬

لكن‭ ‬الأمر‭ ‬لايشبه‭ ‬ماسبق‭  ‬عندما‭ ‬يتعلق‭ ‬الأمر‭ ‬بما‭ ‬يسمى‭ )‬منحة‭ ‬الزوجة‭ ‬والأولا‭( .. ‬مطلقا‭ . ‬فهي‭ ‬برأي‭ ‬حق‭ ‬أريد‭ ‬به‭ ‬باطل‭ ‬وشماعة‭ ‬تستعمل‭ ‬لأغراض‭ ‬ليست‭ ‬صادقة‭ ‬ولا‭ ‬حتى‭ ‬تحتوى‭ ‬على‭ ‬أدني‭ ‬مستويات‭ ‬الرغبة‭ ‬الحقيقية‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬الأسرة‭  ‬وبعيدا‭ ‬عن‭ ‬تفاصيل‭ ‬قد‭ ‬تؤدي‭ ‬إلى‭ ‬اعتباري‭ ‬معادِ‭ ‬لها‭ ‬وتركيزا‭ ‬على‭ ‬مبدأ‭ ‬إستحداثها‭ ‬والسبب‭ ‬الذي‭ ‬أنشئت‭ ‬من‭ ‬أجله‭ ‬في‭ ‬هنا‭ ‬صارت‭ ‬كالجزرة‭ ‬في‭ ‬عصا‭ ‬الحكومة‭ ‬ومعلقة‭ ‬على‭ ‬عاتق‭ ‬المواطن‭ ‬الأمر‭ ‬الذي‭ ‬يجعل‭ ‬من‭ ‬السخرية‭ ‬بمكان‭ ‬اعتبارها‭ ‬مظهر‭ ‬من‭ ‬مظاهر‭ ‬إحترام‭ ‬الدولة‭ ‬للمواطن‭ ‬والأسرة‭ ‬كنواة‭ ‬وحيدة‭ ‬معنية‭ ‬بتوغر‭ ‬الدولة‭ ‬والحكومة‭ ‬لقد‭ ‬صدق‭ ‬فيها‭ ‬قول‭ ‬العلماء‭ ‬بأن‭ ‬من‭ ‬المنح‭ ‬محن‭ ‬وأن‭ ‬من‭ ‬المحن‭ ‬منح‭ ..‬

لقد‭ ‬تحولت‭ ‬هذه‭ )‬المنحة‭( ‬والتي‭ ‬أتحفظ‭ ‬على‭ ‬تسميتها‭ ‬بهذا‭ ‬الإسم‭ ‬إلى‭ ‬كابوس‭ ‬يقض‭ ‬مضاجع‭ ‬الأسر‭ ‬وحلم‭ ‬معطل‭ ‬مضاف‭ ‬الى‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الاحلام‭ ‬المعطلة‭ ‬في‭ ‬بلاد‭ ‬تحتظر‭ ‬فيها‭ ‬الامنيات‭ ‬وتنمو‭ ‬في‭ ‬الكوابيس‭ .‬

كان‭ ‬من‭ ‬الأجدر‭ ‬بالحكومة‭ ‬ضم‭ ‬هذه‭ ‬المنحة‭ ‬باعتبارها‭ ‬شكلا‭ ‬آخر‭ ‬لعلاوة‭ ‬العائلة‭ ‬الى‭ ‬الراتب‭ ‬الشهري‭ ‬في‭ ‬منظومة‭ ‬واحدة‭ ‬تنزل‭ ‬تلقائيا‭ ‬في‭ ‬حسابات‭ ‬المرتبات‭ ‬دونما‭ ‬داع‭ ‬لمنظومة‭ ‬مستقلة‭ ‬وأذونات‭ ‬مستمرة‭ ‬وضرورية‭ ‬من‭ ‬ديوان‭ ‬المحاسبة‭ ‬واذن‭ ‬رئيس‭ ‬الحكومة‭ ‬وووو‭ ‬كوادر‭ ‬من‭ ‬البيروقراطية‭ ‬المتفسخة‭ ‬بالاضافة‭ ‬للطوابير‭ ‬المنبجسة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مكان‭ .‬

وبهدا‭ ‬تساعد‭ ‬على‭ ‬تخفيف‭ ‬أعبائها‭ ‬وأعباء‭ ‬المواطن‭ .‬وتستعيد‭ ‬إسمها‭ ‬الحقيقي‭ ‬الذي‭ ‬يشمل‭ ‬العائلة‭ ‬ويضمها‭ ‬تحت‭ ‬مسمى‭ ‬واحد‭ ‬كما‭ ‬هي‭ ‬في‭ ‬الأصل‭ ‬بعيدا‭ ‬عن‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬التشظي‭ ‬و‭ ‬إذلاله‭ )‬بمنحه‭( ‬ماهو‭ ‬من‭ ‬حقه‭ ‬ومستحقه‭ ..‬

أنا‭ ‬أعتقد‭ ‬أنه‭ ‬لو‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬معالجة‭ ‬الأمر‭ ‬بالشكل‭ ‬الصحيح‭ ‬فإننا‭ ‬سنقف‭ ‬يوما‭ ‬معا‭ ‬على‭ )‬قبر‭ ‬المرحومة‭ ( ‬منحة‭ ‬أرملة‭ )‬أرباب‭ ‬الأسر‭( ‬ونعطى‭ ‬الفاتحة‭ ‬تحسراً‭ ‬على‭ ‬روحها‭ ‬الطاهرة‭ ‬وعيننا‭ ‬على‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬القتلى‭ .‬

وهاه‭ … ‬قولوا‭ ‬قالها‭ !!!‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى